الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أبوبكر الديب يكتب: تجربة عمان في مواجهة "كورونا" نجاحات رغم الصعوبات.. رؤية 2040 تهدف لإقتصاد تنافسي وتخفيض الإعتماد علي النفط.. والبحث عن الفرص أهم التحديات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

المتابع لتجربة سلطنة عمان فى التعامل مع تداعيات كورونا يجد أنها تجربة متميزة اتسمت بالحرفية والمهنية، واستطاع اقتصادها تجاوز الأزمة بنجاح معتمدا علي قطاعاته الإقتصادية غير النفطية في تعزيز الإستدامة والنمو بالسلطنة.

وعملت سلطنة عمان خلال الفترة الماضية علي تنويع اقتصادها المعتمد على إيرادات النفط، ونجحت المنطقة الاقتصادية الخاصة بـ"الدقم" في جذب أكثر من 20 مليار دولار استثمارات في مجالات الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والبناء وتكرير النفط والسياحة. 

وطورت السلطنة شبكة السكة الحديدية بتكلفة 15 مليار دولار، لتحويل السلطنة الي محور هام للتجارة والخدمات اللوجستية في المنطقة.

واتبعت السلطنة وهي الدولة غير العضو في منظمة أوبك  خطة تنموية لتنشيط قطاعات السياحة والصناعة وصيد الأسماك والزراعة وغيرها، وهي تحاول تخفيض مساهمة القطاع النفطي في الإقتصاد من 46% إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي كما تهدف السلطنة إلى استبدال الأيدي العاملة الأجنبية بموظفين عمانيين.

ومن أجل دعم الصناعة والإستثمار وفرت السلطنة إعفاءات ضريبية متعددة حيث لا تفرض السلطنة ضريبة على الدخل أو ضريبة على الاستهلاك أو ضريبة على القيمة المضافة وساهمت عائدات النفط، التي تشكل 80% من إجمالي إيرادات السلطنة، في ابقاء الدين العام منخفضا أقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتوجد بالسلطنة العديد من  المواقع الأثرية المهمة فضلا عن الشواطئ والجبال الشاهقة والأسواق قديمة بالإضافة إلى دار الأوبرا الملكية في مسقط ومدينة صلالة الجنوبية شبه الإستوائية التي تجذب السياح من دول مجلس التعاون كل عام ما بين يوليو وسبتمبر. 

وتعتمد السلطنة علي الزراعة كمصدر رئيسي للدخل كما تحظى التجارة والصيد بأهمية كبيرة لدى سكان المناطق الساحلية. 

واهتم السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، منذ توليه مسئولية الحكم فى 11 يناير 2020م بشكل خاص بتنويع وتطوير الإقتصاد وتحقيق أهداف الرؤية المستقبلية للسلطنة 2040 لتصبح السلطنة فى مصاف الدول المتقدمة عالميا من خلال بناء مجتمع مبدع واقتصاده تنافسي وتنمية مستدامة وترتكز الرؤية علي الابتكار وتكامل الأدوار وتكافؤ الفرص، ودعم القطاع الخاصمن أحل نمو اقتصادى مستدام بمعدل 5% سنويا كما تهدف الرؤية الي زيادة متوسط دخل الفرد بنسبة تصل إلى 90%، وانخفاض مساهمة القطاعات النفطية فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 7% بنهاية الرؤية فى عام 2040م.

وكان لتعافي أسعار النفط دورا مهما في خفض العجز المالى مع تشجيع الاستثمارات المحلية والعالمية وسط توقعات لصندوق النقد الدولي بإمكانية تسجيل الإقتصاد العمانى معدل نمو ايجابي خلال العام المقبل وأن يصل إجمالى الناتج المحلى الأسمى إلى ما يقرب من 80 مليار دولار رغم تحديات كورونا فضلا عن تراجع معدل التضخم فى السلطنة إلى 2.4% وذلك بسبب تخفيض العجز المالى المرتفع مدعومًا بإرادة سياسية كبيرة لتنفيذ إجراءات الإصلاح ذات الصلة وحزم التحفيز الاقتصادية والسياسات التيسيرية التى خففت من الآثار الاقتصادية للجائحة.

وتمتلك السلطنة قطاعا خاصا يمتاز بالتنوع والازدهار في مجالات الصناعة والزراعة والنسيج والتجزئة والسياحة فضلا عن التعدين وصهر النحاس وتكرير النفط ومصانع الأسمنت وهي تسعى إلى استقطاب المستثمرين الأجانب في مجالات الصناعة، وتقنية المعلومات، والسياحة، والتعليم العالي. وتركز سلطنة عمان على التنويع والتصنيع والخصخصة بهدف تقليص مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلى الإجمالي إلى نسبة 9% في عام 2020.

وفي هذا الاطار أقدمت السلطنة علي القيام بالعديد من التغييرات الهيكلية فى مختلف القطاعات العمانية لدعم تنمية الاقتصاد وتطويره من خلال خطة التحفيز الإقتصادى لدعم جهود التعافى وتتضمن 5 محاور متعلقة بالضرائب والرسوم وبيئة الأعمال والاستثمار ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحوافز لسوق العمل والتشغيل، والمصارف، والسماح للمشروعات الجديدة ببدء النشاط فوريا وفق تراخيص مؤقتة إلى حين الحصول على موافقات نهائية ومنح تسهيلات في رسوم التسجيل لكل من الشركات المحلية والأجنبية التي تعمل وفقا لقانون استثمار رأس المال الأجنبي، كما تم خفض معدل الضرائب للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومنح تخفيضات على الإيجارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم حتى نهاية العام المقبل، مع تبني إجراءات لتنشيط سوق العمل ومن بينها مخصصات في الموازنة العامة لتدريب العمانيين الباحثين عن عمل والتحول نحو الحكومة الإلكترونية.

وقررت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا في السلطنة الخميس الماضي، إنهاء العمل بقرار إغلاق الأنشطة التجارية ومنع الحركة للأفراد والمركبات، ابتداء من مساء يوم غد السبت 21 أغسطس 2021 كما قررت اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورونا اعتماد التطعيم شرطا للسماح بدخول جميع الوحدات الحكومية ومنشآت القطاع الخاص بما فيها المجمعات التجارية والمطاعم وغيرها من الأنشطة التجارية ابتداء من الأول من سبتمبر المقبل، وقد أشاد تيد شيبان، المدير الإقليمي بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بتجربة سلطنة عمان في مؤسسات تنشئة الطفل "دور الحضانات" من حيث الإجراءات التشغيلية التي تم الأخذ بها بعد قرار إعادة فتحها خلال جائحة كورونا حفاظا على صحة وسلامة الأطفال والعاملين فيها.

وتحتل السلطنة مرتبة متقدمة في الشرق الأوسط وعالميا من بين أفضل 20 دولة نموا في التجارة العالمية في مؤشر (تريد- 20)، وفقا للتقرير الصادر عن بنك ستاندرد تشارترد.

واستغلت السلطنة ارتفاع أسعار النفط في الفترة من 2003 إلي 2008 والتي شهدت ارتفاع أسعار النفط، في بناء فوائض الموازنة والفوائض التجارية، والاحتياطيات الأجنبية. 

وتبنت عمان إصلاحات واسعة النطاق لتنويع الاقتصاد وتحقيق النمو المستدام ما ساهم في خفض عجز الموازنة وتعزيز آفاق النمو الاقتصادي ولن ينتهي العام الجاري الا بمعاودة الاقتصاد العماني للنمو ويشجع ذلك التعافي الحالي في أسعار البترول وتخفيف القيود المرتبطة بكورونا مثل حركة الأفراد واستمرار فتح الأنشطة الاقتصادية ما يساهم في الاستقرار والنمو الاقتصادي في ظل إجراءات تشجيع الاستثمار والخطط التي تستهدف دعم وتنويع النمو الاقتصادي.

ولعبت المصارف بعمان دورا مهما للحفاظ على الإستقرار طوال فترة كورونا على الرغم من انخفاض أسعار النفط وصعوبة الظروف التشغيلية.

وحققت موانئ عمان نموا كبيرا ولعبت دورا مهما في تعزيز الأنشطة التجارية ورفع الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة ودعم أهداف الحكومة في التنويع الاقتصادي وحلت عمان بالمرتبة الأولى دوليا في مدة بقاء السفن في الموانئ، وحصل ميناء صلالة على المركز السادس عالميا في الكفاءة التشغيلية.

وبلغت الإيرادات غير النفطية 1.36 مليار ريال عماني مدفوعة بـ 413 مليون ريال حصيلة أرباح جهاز الإستثمار و656 مليون ريال حصيلة الضرائب والرسوم حتى نهاية شهر يونيو الماضي.

ورغم هذه النجاحات ما زالت هناك تحديات تواجه اقتصاد عمان منها أمور تتعلق بإدارة النقد ورأس المال العامل وفعالية المؤسسات في المرحلة الحالية وكيفية إيجاد بيئة للمحافظة والإستمرار والإزدهار وتقييم وفهم المخاطر والبحث عن الفرص.