السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود حامد يكتب.. تونس من يوليو 2020 إلى يوليو 2021 عام من الجدل والمناوشات.. قبل الحسم

محمود حامد
محمود حامد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أخيرا، وبعد جدل استمر عامًا كاملًا، حسم الرئيس قيس سعيد الموقف وأنقذ تونس من مخالب الإخوان، بالقرارات التى أعلنها الأحد 25 يوليو الجارى، استنادا إلى الفصل 80 من الدستور التونسى.

نعم.. عامٌ كامل كان فيه الفصل 80 هو الفصل الأكثر تداولًا بين التونسيين أو المتابعين منهم باهتمام للمشهد السياسي في البلاد.

فى يوليو الماضى، بدأت الدعوات لتفعيله و«الاستنجاد به»، باعتباره حلًا، يعيد ترتيب المشهد السياسي الراهن، وينقذ البلاد من خطر الفوضى التى يسعى إلها الإخوان.

حالة الخطر الداهم المهدد لكيان الوطن أو أمنه 

يتناول الفصل 80 من الدستور التونسي حق رئيس الجمهورية فى اتخاذ التدابير اللازمة في حالة وجود «خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، ويتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، ويُعلِنُ عن هذه التدابير في بيان إلى الشعب».

بناء على ذلك، وفقًا للصحف التونسية، أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء الأحد 25 يوليو 2021، عن تجميد كل اختصاصات مجلس نواب الشعب وذلك عملا بأحكام الفصل 80 من الدستور مع رفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان [المعروف أن راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة الإخوانية هو رئيس البرلمان].

كما أعلن رئيس الجمهورية، توليه رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة يعينه رئيس الجمهورية مع إعفاء رئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي [ملحوظة: المشيشى المدعوم من الإخوان].

وقال رئيس الجمهورية، إن التدابير التي أعلن عنها ليست تعليقا للدستور، محذرا من مغبة «الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح» قائلا: «من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه القوات المسلحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصاص».

وأضاف: «لم نكن نريد اللجوء إلى هذه التدابير لأننا تعاملنا بصدق وبأمانة وإخلاص، لكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب التونسي الذي يواصل اليوم ثورته في ظل الشرعية».

للصبر حدود

نعم، لقد نفد صبر الرئيس التونسى على أفعال الإخوان وأصبح واضحًا لكل ذى عينين أن الإخوان هم الإخوان فى كل مكان، لا يؤمنون بالديمقراطية وبسعون دومًا لإشاعة الفوضى ليتمكنوا من السيطرة على مفاصل الدولة.

ما فعله قيس سعيد، اليوم، يشبه إلى حد كبير ما حدث فى ثورة 30 يونيو فى مصر التى خلصت البلاد من خفافيش الظلام.

موقف واضح

لا ننسى وسط ذلك الموقف الشجاع للنائبة عبير موسى رئيس الحزب الدستورى الحر، والتى كانت دائمًا شوكة فى حلق الإخوان، وكشفت الكثير من ألاعيبهم وظلت صامدة رغم كل التهديدات.

عبير موسي أعلنت، فى يونيو الماضى، الدخول في اعتصام مفتوح، وقالت: «لن نرحل حتى نحرر البرلمان من سطوة الإخوان.. نطالب بدولة تونسية حرة ذات سيادة مستقلة.. واجب على كل تونسي الانخراط في تحرير البلاد من الإخوان».

الإعلان جاء بعد انطلاق مسيرة، تتقدمها عبير موسى، مطالبة بتحرير البرلمان من سيطرة الإخوان، وأطلق المتظاهرون أثناء المسيرة شعار «يسقط يسقط حكم المرشد».لم تقتصر المسيرة على أعضاء الحزب الدستورى الحر، فقد انضم إليها الكثير من أبناء تونس، وكانت المشاركة الشعبية واسعة.

وألقت عبير موسي كلمة، طالبت فيها برحيل رئيس البرلمان الإخوانى راشد الغنوشي، كما طالبت برحيل حكومة هشام المشيشي المتواطىء مع الإخوان. 

وقال الحزب الدستوري الحر، إن دعوته لتنظيم المسيرة تأتي «إثر الانتهاكات الخطيرة والانحرافات غير المسبوقة التي يشهدها البرلمان نتيجة تغول راشد الغنوشي وأغلبيتِه البرلمانية والتعسف في استعمال السلطة داخل هياكل المجلس».

وانتقدت موسي، رئيس البرلمان التونسي، قائلة إن «المجلس أصبح مرتعا لمساندي الإرهابيين في تونس وخارجها»، مؤكدة أن «الوضع الحالي لن يستمر»، وشددت على أن «الشعب التونسي مستفيق، ويتابع كل التفاصيل، وسيحاسب من أجرم في حقه».

عودة إلى الفصل 80

الدعوة لتفعيل الفصل 80، لم تظهر بين ليلةٍ وضحاها، ذلك أن ممارسات الإخوان دفعت كثيرين إلى ضرورة اللجوء إلى هذا الفصل لإنقاذ تونس.. كان «الفصل الشهير» محل نقاش واسع بين المختصين والمتابعين للشأن السياسي منذ عام وبالتحديد منذ شهر يوليو الماضي، وذلك عقب تصريحات لرئيس الجمهورية قيس سعيّد حينها، فُهمت كأنها تمهيد للتوجه نحو تفعيل هذا الفصل.

 في تلك الفترة، وتحديدًا بتاريخ 20 يوليو 2020، صرح قيس سعيد أنه «لن يقف مكتوف الأيدي أمام تعطل البرلمان»، مضيفًا «الدولة فوق كل الاعتبارات ومؤسساتها يجب أن تعمل بصفة طبيعية.. يحصل أن تكون هناك مناكفات في بعض المجالس قد تصل حد العنف لكن أن تصل إلى مرحلة تعطيل مؤسسة دستورية فهذا غير مقبول بأي مقياس من المقاييس».

لم يكتف قيس سعيّد بذلك، بل واصل محذرًا: «الوسائل القانونية المتاحة بالدستور موجودة لدي اليوم بل هي كالصواريخ على منصات إطلاقها ولم أرد اللجوء إليها في هذا الظرف بالذات، لكن لن أترك الدولة التونسية بهذا الشكل الذي تسير إليه. أرجو أن نجد حلًا لهذا الوضع الذي لا يجب أن يستمر. النص الدستوري يمكنني من التصرف ونحن نعيش أخطر وأدق اللحظات في تاريخ تونس منذ الاستقلال وعلى الجميع التحلي بروح المسؤولية».

ولكن منذ متى يتحلى إخوان الشيطان بروح المسؤولية؟.. استمر تعطيل عمل البرلمان، واستمرت المشاحنات بداخله، واستمر التحرش السياسى من الإخوان بكل المعارضين لألاعيبهم التى تؤكد أن مصلحة تونس وشعب تونس لا تعنيهم على الإطلاق ولا يهمهم استقرار البلاد.. كل ما يخططون له إحكام السيطرة على البلاد وفق شعار (أنا ومن بعدى الطوفان).

بتاريخ 7 ديسمبر الماضى، لوّح قيس سعيّد من جديد بتفعيل الفصل 80 إذ قال، في كلمة أمام عدد من النواب الذين استقبلهم في قصر قرطاج إثر حوادث العنف اللفظي والمادي فى البرلمان «وجهت الإنذار تلو الإنذار والتحذير تلو التحذير بأننى أحترم الشرعية والقانون ولكن لن أترك تونس تتهاوى ولن أترك مؤسساتها تسقط، ومن يعتقد أننا لا نتابع ما يحصل فهو واهم».

وبلهجة تحذير حادة، واصل كلمته «نعرف كل شيء، وستأتي اللحظة التي سأحمّل فيها الجميع المسؤولية أمام الله والشعب والتاريخ، لن نقبل بأن تسيل الدماء وأن يمهّد البعض لإسقاط الدولة.. ستستقط كل المؤامرات».

وشدد قيس سعيّد، خلال كلمته إلى النواب «سأردّ بأكثر مما يتصورون لإنقاذ الدولة التونسية.. ومن يتوهم أنه يمكنه أن يستعين ببعض الخونة والمجرمين فهو واهم»، متابعًا «هذا إنذار.. هناك قوى مضادة للثورة تعمل منذ 2011 على إسقاط مطالب الشعب وهناك من تحالف معها ويريد إسقاط الدولة ومؤسساتها، ولكن ليعلموا أن كل ترتيباتهم معلومة وأنه لا حوار أبدًا مع المجرمين والمطلوبين للعدالة».

أصوات حرة

لم يقتصر الحديث عن تفعيل الفصل 80 على رئيس الجمهورية، فقد تعالت أصوات عديدة تدعو لذلك. على سبيل المثال، نائب البرلمان عن حركة الشعب (قومية) هيكل المكي، طالب الرئيس، عبر إذاعة شمس إف إم الخاصة، بتفعيل الفصل على اعتبار أن «الدولة أمام خطر داهم اليوم نتيجة عجز الحكومة عن تسيير الشأن العام وتحكم قوى سياسية وأشخاص فيها».

الأميرال كمال العكروت، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي، كتب يقول: «معركتنا اليوم معركة إنقاذ وطن من إرهابيين وسفهاء وجهلة ومرضى، يلعبون بأمن بلادنا وبمستقبل أولادنا. الحياد والوقوف فوق الربوة تخاذل وجبن». وفُهم كلامه كدعوة للرئيس ومن خلفه المؤسسة العسكرية للتحرك.

الوزير السابق والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي (وسط يسار) محمد عبو، دعا، عبر إذاعة شمس إف إم، رئيس الجمهورية «للتحرك» من خلال ما أسماه نشر الجيش في كل المدن بإذن من الرئيس ووضع قيادات سياسية اعتبرها من الفاسدين في الإقامة الجبرية.

 كالمعتاد، برزت أصوات نعيق اليوم الإخوانى، تزعم بغير حق أن اللجوء إلى الفصل 80  سيكون بمثابة «انقلاب رئاسي»، حسب تعبير عضو حركة النهضة رضوان المصمودي، الذي كتب آنذاك على فيسبوك «هناك انقلاب عسكري/أمني/ رئاسي يطبخ على نار حارّة، وليست بهادئة».. إلى هذا الحد يخلطون الأمور ويزيفون الحقيقة.. إنهم يخدعون الشعب عندما يقولون أن اللجوء إلى الدستور انقلاب على الدستور!!.

ولعل ما كتبه هذا الإخوانى، حفز أساتذة القانون للدخول على الخط، وثار جدل كبير، حسمه أستاذ القانون الدستوري بتونس د. أمين محفوظ، من خلال مداخلة أجراها فى ذلك الوقت على قناة الحوار التونسي الخاصة، قال خلالها: «من الممكن تطبيق مقتضيات الفصل 80 من الدستور على أمل أن تساهم التدابير التي سيتخذها الرئيس في حل الأزمة سياسيًا واجتماعيًا وهو حل من داخل الدستور بدل اللجوء لحلول من خارجه». 

 ومع ذلك، طرح البعض حلولًا من خارج الدستور، وتوهموا أن نية الإخوان «صافية» رغم قلبهم الأسود. تبنى هؤلاء مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل  لتشكيل هيئة حكماء أو وسطاء (من جميع الاختصاصات) من الشخصيات الوطنية المستقلّة تعمل تحت إشراف رئاسة الجمهورية. وتتولّى الهيئة، التي لا يجوز لأعضائها تحمّل مسؤوليات سياسية أو الترشّح للانتخابات المقبلة، إدارة الحوار وتقريب وجهات النّظر والتّحكيم بين كلّ الأطراف المعنيين بالحوار وفق أجندة معقولة ومرتبة زمنيًا.

هل يمكن أن نتصور أن أعداء الحياة يقبلون بالحوار؟. فشلت المبادرة وكان لا بد أن تفشل وتتلاشى تمامًا.

وعلى مدى عام من يوليو 2020 إلى يوليو 2021، ظلت تونس تغلى على جمرٍ النار، ولعل فى قرارات الرئيس قيس سعيد الصادرة يوم الأحد، ما يشفى الغليل ويريح الصدور وينقذ نونس من كبوتها ويخلصها من إخوان الشيطان تجار الدين.

بالمناسبة، عقب صدور قرارات قيس سعيد، حاول راشد الغنوشى أن يستوعب الصدمة، وهو يعيش لحظات «حلاوة الروح» ووجه كلمة للجماهير على صفحته على «فيسبوك»، يدعوها للخروج إلى الشارع لإعادة الأمور إلى نصابها.. بالفعل خرجت الجماهير، وهى تتنفس الصعداء،  ترفع أعلام تونس وتغنى للوطن وتزغرد لقرارات الرئيس.. نعم خرجت الجماهير لتنتقم من حزب مخادع ومن حركة ضد حركة الجماهير.

حفظ الله تونس وشعبها وجيشها من فيروس الإخوان  المدمر للأوطان.

 

  • استند هذا المقال إلى متابعات ومقالات ودراسات فى مواقع وصحف تونسية