الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

الشيخ زين محمود: المداح الصوفي زاهد في المال وتجارته مع الله

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صوت يخضع له القلب في سكون، يجعلك تعيش في روضة من الجنة، كلما صدح في مدح النبي وآل بيته، خرج من جنوب مصر وتحديدًا محافظة المنيا، لينير بمدحه أزقة القاهرة، ويصل به المطاف إلى باريس وشوارعها.

إنه الشيخ زين محمود، أحد أعلام المدح الصوفي، الذي يكشف لـ"البوابة نيوز" أسرار لم يذكرها من قبل، حول بعض المداحين، والطرق الصوفية، قائلًا": إن المتصوف يؤدي رسالة هدفها الأخرة وليس الدنيا، وكونك مداحًا للنبي فإن مهمتك أن تقرب الناس إلى الله، والعمق في التصوف، أن حديثك مع الله تعرف من خلاله أن الدين ليس صلاة وصوم وزكاة فقط، بل أعمق من ذلك وأكثر عظمة، فإذا قلت إن هذا الشيء مر، وأن لم تتذوقه، أنت في منأى عن الحقيقة، لأن من ذاق عرف، والصوفية في باطنها التقرب إلى الله دون مصلحة، فأنا لا أتقرب إلى الله بهدف دخولي الجنة، لأن الأمر أعظم من ذلك.
وعن كثرة المنشدين في وقتنا الحالى، يرى "زين" أن صدق المنشد الصوفي ينبع من الجذور، التي تتمثل في الأجداد الذين تربى المنشد على يدهم، فإذا كانت البذرة فاسدة لن تكون الجذور صالحة، وهكذا المنشدـ إذا كان من أسرة صوفية صادقة الحب لله، سيصل بالناس من خلال إنشاده بالوجد، ولا أعني بالوجد أن المشارك في حلقة الذكر يهيم رقصًا، ولكن أن تصعد روحه في السماء، ويتبدل حاله، من الخوف للأمان، ومن الكذب للصدق، وينير قلبه، ويكشف البصيرة للشخص، وهي نور في قلب الصوفي إذا كُشف عنها، تبدلت أحواله، وكان المنشد صادقًا مع نفسه وربه.

أتذكر أن أحد الممثلين من المشاهير تناقش معنا في عمل فيلم يتحدث عن المداح، وكيف يغير المدح الشخص، من كون أحد الأشخاص توجه للسرقة فسمع صوت المديح، فلمس قلبه فتوقف، فصدق المدح يمتلك تأثيرًا أعظم بكثير من الأحاديث الطويلة، ولكن للأسف هذه الأيام تجد أن البعض والذين أطلق عليهم مداحين السبوبة، مجرد تهليل وإطلاق زغاريد، وهو مدح بلا حكمة أو هدف لأن الهوى تدخل في الأمر، والمداحون الصادقون هم أقلة.
أما عن اتهامات البعض أن المداح الصوفي هدفه أن يصل بالحضور لحالة الرقص، وأداء حركات غريبة غير مفهومه يقول الشيخ زين محمود: هؤلاء أخذوا سطحية الموضوع من التصوف، وهذا هدفه من الأمر التجارة، وأعرف أحد المشايخ المشاهير في المدح يتخذ هذا الأمر كـ "سبوبة" فيجمع مجموعة من الشباب أصحاب الصوت الجيد، دون أن يدقق هل هؤلاء يعرفون شيئا عن المدح، أم الأمر بالنسبة له هو "ترقيص" الناس، أنا أسميهم مدح المهرجانات، حتى أنك ترى مزجا بين المديح وأغاني المهرجانات، ويتجه له الجمهور، في ظل غياب كبار المداحين، وفي الحقيقة روحانيات التصوف مختلفة، حتى أنني تركت العيش في أوروبا لمحاربة هذا النوع من المدح، بإعداد جيل من المداحين يمتلكون ثقافة التصوف، وحقيقة الوصول بالجمهور بصدق القول.

ويواصل الشيخ زين، ذهبت لمعظم بلدان أوروبا، كنت أعتقد أن أكثر الشعوب تصوفًا هم الفرنسون، ولكن وجدت خلال سفري لسويسر وهولندا وفرنكفورت وأمريكا، والكثير من الدول الغربية، أنهم هناك يعشقون موسيقى التصوف، رغم أنهم يجهلون اللغة العربية، ولكن يركزون في الموسيقى والأداء فيظلون طوال الوقت هائمون معي، وبعد أنا أنتهي يبدءون في التصفيق ويقفون على أرجلهم في وصلة تصفيق متواصلة تصل لـ15 دقيقة، ثم يبدءون في الأسئلة، ولا أنسى سؤالهم المتكرر في أثناء مدحك أوقفت الموسيقى، وأنشدت بعض الكلمات التي لمست قلوبنا ماهي تلك الكلمات ولماذا لم تكملها بالموسيقي، كنت وقتها أقرأ القرآن.
وتابع، أخبرتهم أن القرآن لا يدخل فيه الموسيقى، وشرحت لهم الأمر، أتذكر أيضًا سؤالا آخر، إذا كان المديح تتقرب به إلى الله والقرآن تتقرب به إلى الله لماذا تستخدم الموسيقى في المديح، أخبرتهم لأن الموسيقى لها روحانيات مع المديح تصل بالمستمع للصفاء الذهني، أنا القرآن هو كفيل أن ينتقل بك لملكوت آخر دون أن يشاركه أحد، وواقع التأثير أكيد لامسته في هذا الأمر.
يواصل الشيخ زين كشف الأمور عن المديح قائلًا: رغم أننا عرب ونتقن اللغة العربية إلا أنني وجدت الغرب أكثر تذوقًا للتصوف والمديح، فطوال فترة الـ35 عامًا، وأنا مداح لم أجد أحدا من الجمهور سألني كالغرب.

نقابة الإنشاد.. دور ضعيف
يرى الشيخ زين محمود أن نقابة الإنشاد لا تؤدي دورها، وأن الشيخ محمود التهامي لا يتواصل مع كبار المنشدين لأخذ آرائهم، وتوقف الأمر على دعوتي لحضور الحفلات، وأنا أنتظره أن يتحدث معي لتطوير النقابة، وعمل أفكار لخدمة الإنشاد، ولكن ما الهدف أن أحضر حفلة تصوف في ساقية الصاوي، وأقوم بدفع المال، هل هذا هو دور النقابة.
وأضاف: ما أتمناه أن يتم النظر لكبار المداحين الذين اختفوا من على الساحة، خاصة كما يقول البعض "المديح مبيأكلش عيش" فتجد أن المداح لديه عمل خاص به، لأنه أمر ليس دائم أو يومي، ولكنه عمل موسمي، والوضع أحيانًا يكون محزن، ودائما أنادي وأقول افهموا كلمات الإنشاد ولا تقولوا دون فهم، لا تخرجوا جيلا يستمع إلى كلام الله ليقوم بالرقص "والتنطيط"، الذكر سكينة، ولحظات الصمت أثناء المدح هي عين الحقيقة، ولا أسمح بذلك في حفلاتي، وإذا رأيت رقصا أثناء إنشادي أشعر وكأن تعبي ذهب دون فائدة، و75% من جمهوري أجانب.
وواصل، المدح كنز لا ينتظر التطوير، لأن القدامى وضعوا كل ماهو ممكن في المدح، ولكن للأسف يقوم البعض بالتقليد في المديح فيشوه الأمر، الكنوز القديمة لاتحتاج إلى تطويرها ولكن العناية بها، حتى أغاني التراث يتم تشويهها بطريقة الأداء، كما حدث في الأغنية الشهيرة بتناديني تاني ليه إنتي عايزة مني إيه، عندما غناها سعد الصغير، دون أن يفهم معنى كلماتها، ورسالتي التي أكررها أفهموا الكلمات قبل أن تنطقوا.
خاتما: بالأمس كان المديح للبنات شيء معيب ومشين، أتذكر حينما أردت أن تُغني دينا الوديدي السيرة الهلالية، أبونا العظيم وعمنا الراحل سيد الضوي كان رافضا للأمر حتى أنني ظللت عاما كاملا وأنا أقنعه بهذا الأمر، ورغم أن دينا الوديدي وفاطمة عادل تلاميذي إلا أنهما احترما الأمر، ولم يغنيا إلا بعد أن قلت لهم غنوا، وعتابي على دينا الوديدي بما أنها تلميذتي عودي للغناء الأصلي للسيرة، فالأمر ليس سطحيًا، فالسيرة 5 ملايين بيت شعري، وهي تحوي بين كلماتها الموعظة، فلا تستخدمي الآلات الغربية لأن الجمهور سيقوم بالرقص.