الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

طريق العائلة المقدسة.. رحلة مؤجلة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من هنا، مرت ستنا مريم والسيد المسيح.. رحلة طويلة داخل مصر امتدت على طول 3500 كيلومتر، ذهابًا وعودة عبر 11 محافظة، من سيناء حتى أسيوط، ويشكل الطريق مسار العائلة المقدسة الذى يضم 25 نقطة مرت خلالها السيدة مريم العذراء والسيد المسيح قبل 2000 عام. يحتوي كل موقع حلت به العائلة على مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه والأيقونات الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.



العمل يجرى على قدم وساق لتطوير البنية التحتية كى يتمكن السياح من مشاهدة مسار أعظم رحلة دينية في التاريخ على أرض مصر، وقد انتهى تطوير جميع نقاط مسار العائلة المقدسة الموجودة في القاهرة، وافتتحت وزارة السياحة والآثار المحطة الأولى في المسار، وتشارك في التطوير عدة وزارات، من بينها الثقافة والتنمية المحلية، على أن يتم افتتاح كل محطات المسار خلال هذا العام.

مواقع في الصعيد تعانى الإهمال والتطوير يحتاج رؤية متكاملة



البداية من المنيا

30 % من معالم الرحلة في عروس الصعيد.. وثالث أكبر المحافظات في عدد المواقع الأثرية

زارت العائلة المقدسة مصر منذ أكثر من ألفى عام، ومنذ الميلاد، وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسي، حكم مصر «١٠٠» حاكم، ولم يتم تناول هذه الرحلة إلا منذ زيارة القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع الميلادى للمواقع المقدسة، وبعد نحو «١٦» قرنًا يؤخذ الأمر بجدية حاليًا.

استغرقت الرحلة حسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «٣ سنوات و٦ شهور و١٠ أيام» من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش ومنها إلى الفرما القريبة، ثم إلى تل بسطا بالشرقية، وبعدها إلى مسطرد ومنها شمالًا إلى بلبيس بالشرقية، ومنها إلى سمنود بالغربية وسخا بكفر الشيخ، وعبرت النيل إلى غرب الدلتا وتحركت إلى وادى النطرون، ومنها اتجهت إلى المطرية وعين شمس، ثم سارت نحو مصر القديمة مرورًا بالزيتون، ولم تمضِ بمصر القديمة إلا أيام قلائل، واتجهت نحو الجنوب مرورًا بالمعادى ومن المعادى استقلت مركبًا شراعيًا إلى قرية دير الجرنوس بمغاغة، ومرت على قرية صندفا قرب البهنسا ببنى مزار، ثم جنوبا إلى سمالوط بجبل الطيرما يسمى الآن قرية دير العذراء، واتجهت إلى جوار جبل قسقام ما يسمى الآن دير المحرق، وكانت الفترة الأكبر قد قضتها العائلة المقدسة في الجنوب ما بين جبل الطير بالمنيا والقوصية بأسيوط.

لكن كما كتب الزميل أسامة سلامة بروزاليوسف ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧ بعنوان « حتى لا نتوه في رحلة العائلة المقدسة «: «الأماكن التى مرت بها العائلة تعانى من إهمال جسيم، وتحتاج إلى إصلاح عاجل، كما أن كل المحافظات التى توجد بها المزارات تعانى من قلة الفنادق الملائمة لأذواق السائحين المختلفين وقدراتهم المالية، كما أننا نحتاج إلى طرق ممهدة».

هذا الضجيج بلا طحن، لفت نظر النائب مجدى ملك، فتقدم بطلب إحاطة في مايو ٢٠١٨، بشأن عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية لرحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات خاصة المنيا وأسيوط، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق. وبناءً على هذا الطلب استدعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ممثلين لوزرات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى. وقال النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة حينذاك، في اجتماعها: «إن اللجنة لا تشعر بجدية الحكومة تجاه تسويق مسار العائلة المقدسة بالشكل المطلوب، ومن ثم توصى بتشكيل لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لوضع خطة زمنية في هذا الصدد. في حين اختلف مع ذلك الخبير السياحى إلهامى الزيات، وقال في تصريحات صحفية، مايو ٢٠١٨: «إن رحلات الحج إلى مسار العائلة المقدسة «فقط» لن يكون لها أى مردود اقتصادى على الدولة حاليًا، وأن صرف أية مبالغ مالية على تجهيز كامل نقاط المسار سياحيًا يعتبر نوعًا من «إهدار المال العام»، حسب تعبيره، خصوصًا أن برنامج رحلة مسار العائلة المقدسة داخل مصر لن يزوره أكثر من «١٠٠» سائح سنويًا.. وأوضح «الزيات» أن «السياح الدينيين أو الروحانيين باتت أعدادهم قليلة للغاية مقارنة بالسياح الذين يأتون من أجل السياحة الشاطئية أو الثقافية والأثرية.

ووفق تقديرات خبراء تحتاج تلك الإصلاحات إلى عشرات المليارات، لذلك تقدمت من قبل باقتراح، أن تقوم مصر بعقد مؤتمر دولى لدعم إصلاح مسار العائلة المقدسة بالاشتراك مع الفاتيكان واليونسكو، وندعو إليه الدول التى تهتم سياحيًا بالمسار، وأعتقد أن مصر سبق لها الاستعانة بالمجتمع الدولى في إنقاذ معبد فيلا أثناء بناء السد العالى ١٩٦٠، وأعتقد أن رؤية الخبير السياحى إلهامى الزيات تكاد تعكس منطلقا للإدراك، الأمر الذى عبر عنه الزميل أسامة سلامة في مقاله نحتاج إلى: «مرشدين سياحيين وتدريبهم على كيفية التعامل مع السائح الدينى والذى يختلف عن سائح المزارات الفرعونية، وتعريف المواطنين بأهمية هذه السياحة لهم وللدولة وتثقيفهم وتعليمهم الحقبة القبطية، نحتاج لعمل سريع». ومن ثم لا بد من إنشاء هيئة لتلك المهمة، وهناك ضرورة ليس لمكاتبنا السياحية التقليدية بل لقيام وزارة السياحة ووزارة الخارجية بعقد اتفاقات تعاون مع الدول الكبرى التى تهتم بتلك الرحلات، مثل إسبانيا وفرنسا والبرازيل والولايات المتحدة.

تحتل المنيا موقعا متميزا في رحلة العائلة المقدسة، يجسد موقعها نحو ٣٠٪ من معالم الرحلة، وكثيرون يتحدثون عن رحلة العائلة المقدسة بحماس، ولكنهم ينسون أن المنيا ليست على خريطة السياحة العالمية منذ تسعينيات القرن الماضى، والمنيا على سبيل المثال، رغم أنها تأتى كثالث أكبر محافظات الجمهورية من حيث عدد المواقع الأثرية الموجودة بها بعد القاهرة الكبرى والأقصر التى تنتمى لكل العصور: الفرعونية، الرومانية، المسيحية، الإسلامية.. مثل بنىحسن وبها ٣٩ مقبرة منحوتة بالصخر لأشراف وحكام «حبنو» بعصر الدولة الفرعونية الوسطى، أهمها مقبرة أمنمحات، ومقبرة حنوم حتب، ومقبرة باكت، ومقبرة خيتى التى رسمت على جدارها مناظر أول دورة رياضية في مصر، ومنطقة تونة الجبل التى بها آثار مقبرة بيتوزيريس كبير الكهنة من العصر اليونانى الرومانى مومياء إيزادوررا شهيدة الحب الطاهر، وسراديب الإله تحوت، ثم منطقة أسطبل عنتر وبها معبد منحوت في الصخر للإلهة باخت، بناه كل من حتشبسوت وتحتمس الثالث، من أجل عبادة الإلهة باخت «القطة»، ومنطقة تل العمارنة التى اختارها أخناتون وزوجته نفرتيتى لإقامة عاصمة مملكته، من أجل عبادة الإله الواحد آتون.

آثار يونانيّة مقبرة إيزادورا: وتعود لفترة الإمبراطور هادريان، وقد أنُشئت هذه المقبرة من أبٍ يونانى لابنته التى لاقت حتفهًا غرقًا، وتوجد فيها كتابات تُرثى الفتاة الصغيرة، مومياء إيزادورا: هى واقعة في تونة الجبل، وتضمّ رأسًا من المومياء لإيزادورا، معابد هيرموبوليس: وهى تابعة للمحافظة، وتضمّ العديد من الجبانات، وجميعها تحوى نقوشًا ومنحوتات يونانيّة، إضافةً للرموز الجنائزيّة

آثار مسيحيّة دير السيّدة العذراء: ويقع في الجهة الشماليّة الشرقيّة من المنيا على بعد خمسةٍ وعشرين كيلومترًا، وهو المكان الذى أقامت فيه العائلة المقدّسة أثناء مرورها في مصر، وجدت في هذا الدير كنيسة محفورة في الصخر، وهى التى أقامتها في القرن الربع للميلاد الإمبراطورة هيلانة، ووضعت فيها العديد من الأيقونات التى في معظمها تعود للعصر الأوّل للمسيحيّة، دير البرشا: وفيه كنيسة تعود للأنبا بيشوى، وتمّ بناؤها في القرن الرّابع للميلاد، دير أبوفانا: وفيه كنيسة يعود تاريخ بنائها إلى القرن السّادس للميلاد.

آثار إسلاميّة مسجد العمراوى: موجود في مدينة المنيا، ويعود تاريخ بناء هذا المسجد إلى فترة الحكم الفاطميّة، مسجد اللمطى: ويعود تاريخ بنائه إلى فترة الحكم الفاطميّة، مسجد الوداع: ويُعدّ من أقدم المساجد الموجودة في المدينة، وقد جُدّد في العصر المملوكى، وأعيد تجديده في العهد العثمانى، مسجد الشيخ عبادة بن صامت: يعود إلى فترة العصر الأيوبى وأيضًا العثمانى، وفيه مئذنتان تعودان إلى هذين العصرين، ملوى: أو كما يُعرف بمسجد اليوسفى، ويعود إلى العصر الفاطمى.

وبالرغم من تنوع الثروات الطبيعية والجغرافية والتاريخية، تحتل المنيا ذيل قائمة محافظات الجمهورية من حيث نسب التنمية البشرية.

على سبيل المثال لا يوجد في المنيا سوى فندق خمسة نجوم وأربعة تتراوح بين ثلاثة نجوم ونجمتين، بل وسمالوط التى يوجد بها دير السيدة العذراء لا يوجد بها فندق واحد، ونفس الأمر بكل من ملوى وأبوقرقاص، باختصار المدن التى تعد المراكز الإدارية التسعة لا يوجد بها فنادق باستثناء مدينة المنيا التى تبلع فنادقها نحو عشرة تقريبا.

لا يوجد بالمنيا سوى متحفين بالمنيا وملوى، وهى للآثار الفرعونية ولا توجد متاحف للآثار القبطية أو الإسلامية، إضافة إلى ذلك لا يوجد بالمنيا سوى دار سينما واحدة في نادى القوات المسلحة ولا يوجد بها مسارح تعمل إلا في المحافظة حسب الطلب، وحتى قصر ثقافة المنيا لم يكتمل بناء مسرحه منذ أكثر من ثلاثين عاما. أى أن الحياة الثقافية في المنيا متعثرة منذ الإرهاب الماضى في منتصف ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، لذلك لا تتوافق الدعوة إلى العمل على رحلة العائلة المقدسة ومحافظة المنيا أولا ليست على خريطة السياحة العالمية، وثانيا لا توجد بها البنية الأساسية للسياحة.

كل ذلك لا بد أن يضع في الاعتبار لأن الأمر لا يجب أن يتوقف على الأماكن التى مرت بها الرحلة فقط، ومن ثم يجب إعادة النظر في رؤية كل المحافظات التى مرت بها العائلة المقدسة، سواء من البنية التحتية أو البيئة الثقافية

ياسر عبدالعزيز: التكنولوجيا ساهمت في انتشارها.. وبعضها يمس الأمن القومى

أحمد عدلى: لا بد من ضوابط محكمة على مواقع التواصل الاجتماعي

أسيوط تحتاج الكثير

هيئة متخصصة للحفاظ على المسار الروحانى

190 يومًا مدة إقامة العائلة في «سأوت».. وتضم آثارًا من العصور الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية

فرصة للفوز بـ100 مليون سائح دينى في العالم

في هذا التقرير نتناول موقع أسيوط في مسار العائلة المقدسة فهى تضم أهم المناطق التى توقفت بها العائلة المقدسة القوصية- دير المحرق، وجلست فيها العائلة ١٩٠ يوما، وبها مثل المنيا كل العصور الأثرية، ولكنها منذ تسعينيات القرن الماضى ليست على الخريطة السياحية.

قبل أن نتوقف أمام أسيوط نذكر بأن هناك كثيرين يحاولون العمل من أجل رحلة العائلة المقدسة من منظور سياحى وبلا رؤية أو دراسات علمية عن كيفية إزالة المعوقات التى تعوق التقدم في هذا المسار، لأن هذا الضجيج بلا طحن، لفت نظر النائب مجدى ملك، فتقدم بطلب إحاطة، بشأن عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية لرحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات خاصة المنيا وأسيوط، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق. وبناء على هذا الطلب استدعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ممثلين لوزارات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى، وقال النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة، في اجتماعها: «إن اللجنة لا تشعر بجدية الحكومة تجاه تسويق مسار العائلة المقدسة بالشكل المطلوب، ومن ثم توصى بتشكيل لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لوضع خطة زمنية في هذا الصدد».

نتوقف أمام أسيوط المحافظة الأهم في المسار، وقدماء المصريين قد أقاموا مدينة أسيوط على نهر النيل وكان اسمها في ذلك الوقت سيوط، وهو مشتق من كلمة «سأوت»، وتعنى الحارس باللغة المصرية القديمة، وقد أضاف العرب إلى الاسم حرف الألف فأصبحت أسيوط وهكذا احتفظت أسيوط باسمها كما احتفظت بمكانتها كعاصمة عبر العصور، فكانت في عهد الفراعنة قاعدة للإقليم الـ١٣ وكان يسكنها نائب الملك، وفى عهد الإغريق قسمت مصر إلى الدلتا ومصر الوسطى ومصر العليا، وكانت أسيوط عاصمة أحد هذه الأقسام، كما كانت عاصمة للقسم الشمالى في عهد الرومان، وفى عهد محمد على قسمت مصر إلى سبع ولايات إحداها تضم جرجا وأسيوط وسميت نصف أول وجه قبلى وعاصمتها أسيوط.

تضم أسيوط، آثارا من مختلف العصور، سواء من العصر الفرعونى أو الرومانى والقبطى والإسلامى: ومنها حضارة دير تاسا، حضارة البدارى، وآثار مير- آثار قصير العمارنة- آثار جبل أسيوط الغربى- آثار دير ريفا- آثار شطب- لوحات حدود مدينة أخناتون- آثار كوم دارا بعرب العمايم- آثار الهمامية- آثار عزبة يوسف- آثار دير الجبراوى- آثار عرب العطيات- آثار المعابدة.

من العصر القبطى: دير المحرق بالقوصية- دير العذراء بجبل أسيوط الغربى- دير الأنبا صرابامون بديروط الشريف- دير الشهيد مارمينا «الشهير بالدير المعلق» بأبنوب- دير الأنبا تواضروس المشرقى بصنبو- دير السيدة العذراء بدير الجنادلة- دير الأنبا تادرس الشطبى بمنفلوط.

ومن العصر الإسلامى: الوكايل بمدينة أسيوط- حمام ثابت بمدينة أسيوط- قنطرة المجذوب بمدينة أسيوط- جبانة المجذوب بمدينة أسيوط- المعهد الدينى «معهد فؤاد الأول» بمدينة أسيوط- مسجد المجاهدين بمدينة أسيوط- مسجد جلال الدين السيوطى بمدينة أسيوط- مسجد أبوالعيون بدشلوط- ديروط.

رغم ذلك لا يوجد في أسيوط أى فندق مؤهل سواء خمسة أو أربعة أو حتى ثلاثة نجوم، وجميع الطرق إلى الأماكن الأثرية تحتاج إلى تأهيل، وما يخص دير المحرق لا توجد بالقوصية فنادق مؤهلة لاستقبال السياح من مختلف الدول، مع احترامى للأماكن التى تستقبل الزوار المصريين مسلمين وأقباطا، والذين يصلون للملايين ولكنهم يقطنون أماكن ديرية لا تصلح لاستقبال غير المصريين، كما لا يوجد مرسى على النيل في أقرب مكان لدير المحرق على النيل، رغم أن القوصية مدينة «كوزموبوليتان» ولكن رؤوس أموالهم لم يتم جذبها للاستثمار في هذا المجال.

كل تلك التحديات ليست على الخريطة للمؤسسات العلمية بجامعة أسيوط سواء كلية السياحة أو قسم الآثار بكلية الآداب، ويتوقف العمل فقط على إمكانيات الدير للإعداد للمولد، ويتم التعامل معه أمنيا واقتصاديا، هكذا نحن أمام عقبات تواجه أهم مكانين توقفت بهما العائلة المقدسة «دير العذراء بجبل الطير بالمنيا ودير المحرق بأسيوط» وتتبلور في: أولا: عدم وجودهما على الخريطة السياحية منذ تسعينيات القرن الماضى. ثانيا: عدم تأهل البيئة المحيطة بالأماكن السياحية سواء طرق أو فنادق أو مرشدين سياحيين.. إلخ. ثالثا: عدم إدراك الرؤية التى تؤهل إدراك الفرق بين المولد والسياحة الخارجية. ناهيك عن أن الإمكانيات المتوفرة للمحافظتين على صعيد الإدارة المحلية والسياحة غير مؤهلة نتيجة عدم توفر الإمكانيات.

المحافظة تفتقد للفنادق المؤهلة ومراسى النيل.. وتأهيل البيئة المحيطة بالأماكن السياحية ضرورة

طريق «العائلة» يعانى من نقص الإمكانيات المالية والثقافية.. والرحلة غير مؤهلة للسياحة

إسرائيل تجذب 4 ملايين زائر للأماكن المقدسة.. وثلث دخل فرنسا القومى من السياحة

الوقائع تؤكد أنه لم يحدث أى اهتمام حقيقى بمهمة مسار طريق العائلة المقدسة منذ القرن الرابع الميلادى عبر الملكة هيلانة والدة الملك قسطنتين وحتى الآن، ولكن البعض قام مؤخرا بالاهتمام، وهذا يشكر لمن قاموا بذلك، إلا أن كل ذلك لفت نظر النائب مجدى ملك، فتقدم بطلب إحاطة في شهر يونيو ٢٠١٨، بشأن عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية لرحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات خاصة المنيا وأسيوط، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق، وبناءً على هذا الطلب استدعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ممثلين لوزارات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى، وقال النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة، في اجتماعها: «إن اللجنة لا تشعر بجدية الحكومة تجاه تسويق مسار العائلة المقدسة بالشكل المطلوب، ومن ثم توصى بتشكيل لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لوضع خطة زمنية في هذا الصدد».

وكان الخبير السياحى الكبير إلهامى الزيات، قد قال في تصريحات صحفية: «إن رحلات الحج إلى مسار العائلة المقدسة فقط لن يكون لها أى مردود اقتصادى على الدولة حاليا، وإن صرف أى مبالغ مالية على تجهيز كامل نقاط المسار سياحيا يعتبر نوعا من إهدار المال العام»، وأضاف: أن برنامج مسار العائلة المقدسة داخل مصر لن يزوره أكثر من «١٠٠» سائح سنويا، وأن السياح الدينيين أو الروحيين باتت أعدادهم قليلة للغاية مقارنة بالسياح الذين يأتون من أجل السياحة الشاطئية أو الثقافية والأثرية.

ورغم صحة ما ذهب إليه الخبير السياحى الكبير إلهامى الزيات، فقد أكدنا بالأرقام والإحصائيات على أن السياحة الدينية المسيحية يتحرك لها سنويا ١٠٠ مليون سائح في إسرائيل وفرنسا وإسبانيا ولبنان.. إلخ

خبراء السياحة لا يرون عمليا في تلك العملية الخاصة بمسار العائلة المقدسة ما يستحق الصرف المالى من الدولة، ووزارة السياحة ليس بمقدورها أن توفر المليارات الخاصة بتجهيز كامل نقاط المسار سياحيا، ومن ثم كنت قد اقترحت أن تدعو الحكومة والكنيسة المصرية والفاتيكان واليونسكو لمؤتمر دولى للمساعدة لإحياء المسار كما فعلت ١٩٦٠ من أجل إنقاذ معبد فيلة، ليس في الأمر «تدويل» للمهمة بقدر ما أقصد الاستعانة بكل الخبرات العالمية من أجل الحفاظ على مسار روحانى يهم البشرية جميعها، نذكر أيضا أن هناك كثيرين يحاولون العمل من أجل رحلة العائلة المقدسة من منظور سياحى وبلا رؤية أو دراسات علمية عن كيفية إزالة المعوقات التى تعوق التقدم في هذا المسار، لأن هذا الضجيج بلا طحن، والبعض الآخر يتصور أن الأمر لايحتاج إلا إلى بعض الإعلانات أو الدعوات السياحية التى تشبه إلى حد ما الدعوة لموالد السيدة العذراء.

إن مسار العائلة المقدسة يعانى من نقص الإمكانيات المالية والثقافية، وأعتقد الرحلة التى استمرت ٣ سنوات و٦ شهور و١٠ أيام، ومرت بـ٢٠ مكانا، غير مؤهلة للسياحة، ويتطلب الأمر:

إنشاء هيئة متخصصة لمسار العائلة المقدسة من خلالها تتم الدعوة لمؤتمر دولى برئاسة مصر ويضم الكنيسة المصرية والفاتيكان واليونسكو، وتتم دعوة الدول المنافسة لنا في ذلك مثل إسرائيل وروسيا وفرنسا وإسبانيا والبرازيل.. إلخ، كما تجدر الإشارة إلى أن شركاتنا السياحية غير مؤهلة كما رأى الزميل أسامة سلامة، أو غير وارد في برامجها كما قال الخبير إلهامى الزيات، وكلها ليس لها فروع عالمية ـ على سبيل المثال إسرائيل بها ٣٤ شركة لها فروع في ٧٤ دولة.

في هذا التقرير نكشف بشكل أولى عن ملامح السياحة الدينية المسيحية في العالم والتى ترتبط بالمسيح والعذراء وكنائسهما أو ما يمس الإيمان المسيحى من مزارات أو معجزات، لنبدأ بالأراضى المحتلة لأنها «مربط الفرس» من تلك المنطلقات، حيث توجد كنيسة المهد وكنيسة القيامة وغيرهما من الأماكن المقدسة المسيحية.. في ٢٠٠٨، وصل عد السائحين في إسرائيل لأكثر من ٣ ملايين سائح، ويأتى أكبر عدد من السياح من الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، المملكة المتحدة، وألمانيا، ومنهم نحو نصف مليون من دول إسلامية، وفق ما نشرت صحيفة هاآرتس، وأغلبهم يأتون من دول غير عربية مثل تركيا وإندونسيا وماليزيا، وعدد أقل من الدول العربية نحو ١٠٠ ألف من المغرب وتونس والأردن ومصر والخليج، وأضافت الصحيفة أن أعداد السائحين من الدول الإسلامية زادت بنسبة ٢٠ ٪ مؤخرا نتيجة فتاوى مجموعة من الفقهاء في دول الخليج منذ ثلاث سنوات، الخلاصة أن إسرائيل، الدولة العدوانية، تستطيع أن تجذب سنويا من ثلاثة إلى أربعة ملايين سائح دينى، نحو نصف مليون منهم من الدول العربية والإسلامية.. لماذا؟ الإجابة لأن إسرائيل تمتلك عددا بسيطا من الشركات السياحية لا يتجاوز الخمسين شركة، ولكن كلها تمتلك فروعا لها في أهم الدول الجاذبة للسياحة الدينية بما في ذلك مصر التى كانت عدوا أساسيا وهناك قرار مجمع مقدس من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولكنها استطاعت أن تجذب شركاء لها في مصر.

فرنسا: تمثل السياحة ثلث الدخل القومى، ووصل عدد السياح عام ٢٠١١ إلى ٧٩،٥ مليون سائح، منهم ١٠ ٪ سياحة دينية، أى نحو ثمانية ملايين، لزيارة الأماكن المسيحية المقدسة، وأغلبهم من الأمريكتين.. ويزورون كاتدرائية نترودام في باريس، وعذراء لورد وغيرهما.

إيطاليا: يزور إيطاليا نحو ٤٣.٧ مليون سائح سنويا، السياحة هى واحدة من أسرع القطاعات نموا في إيطاليا وأكثرها ربحية مع عائدات تقدر بنحو ٤٢.٧ مليار دولار.. و٢٠ ٪ من هؤلاء يزورون الأماكن المقدسة في إيطاليا والفاتيكان، أى نحو عشرة ملايين يزورونها لزيارة الأماكن المقدسة.

إسبانيا: احتلت إسبانيا المرتبة الثانية بعد فرنسا سياحيا ويزورها ٦٠ مليون سائح سنويا منهم ١٥ ٪ سياحة دينية نحو ٨ ملايين، وتمتلك شركات السياحة الدينية في إسبانيا شركاء وفروعا في كل دول أمريكا اللاتينية.

أمريكا اللاتينية: عدد سكانها يفوق المليار مواطن ٩٥٪ منهم مسيحيون كاثوليك، منهم ١٦٣ مليونا يزورون ١٨ دولة في العالم سياحيا، وللأسف مثلا لم يزرنا في مصر عام ٢٠١٧ سوى ١٣٢٧ سائحا!! ولا نملك لا شركاء ولا فروعا لشركاتنا السياحية في أى دولة منها.

أيضا إننا ننسى نحو ١٠٠ مليون مسيحى في روسيا، منهم مليونان سنويا يحجون إلى القدس، وإثيوبيا وغيرهما، وأخيرا أتمنى أن نجرى أبحاثا حقيقية وليس كلمات حماسية ووقفات، وكلاما «لايودى ولا يجيب».

إذن نحن أمام ١٠٠ مليون سائح دينى في العالم في نحو عشرين دولة، يشكلون ١٥ ٪ من مجمل السياحة للدول الكبرى في العالم، ولا تملك تلك الدول «باستثناء إسرائيل التى بها القدس وبيت لحم والناصرة»، ولا يوجد في أى دولة أخرى غير مصر وإسرائيل أماكن مقدسة للمسيح والعذراء والعائلة المقدسة، ورغم ذلك هناك أكثر من ٩٠ مليون مسيحى يزورون سنويا آثارا مسيحية مقدسة، ولكنها لا ترتبط بالعائلة المقدسة، ورغم ذلك لا نكتشف ولا نبحث في ذلك