الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الصحفى الفرنسى الشهير ألكسندر ديلفال يحاور عبدالرحيم علي حول العلاقات المصرية الفرنسية ومواجهة التهديد التركي المشترك والإسلاموية: تطابق كامل بين مصر وفرنسا في ملفات ليبيا وتركيا ومواجهة الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قطر تعمل على تخريب الداخل الفرنسي من خلال الدعم المتواصل للإخوان
ضرورات اللحظة تحتم على الحكومة الفرنسية مد جسور التواصل مع السعودية والإمارات 
أردوغان يبتز الغرب للحصول على أكبر حصة من الغاز الليبي
نقف ضد الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.. ونرفض محاولات تركيا والإخوان شيطنة فرنسا

يوم الإثنين الماضي تم استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون، ولم تخلُ القمة من الحديث عن ملف حقوق الإنسان، والتي تم التطرق لها بطريقة دبلوماسية وغير معلنة خاصة أن الطرفين اتفقا على أن تكون الواقعية السياسية هي القاعدة الأساسية للمصالح المشتركة الجيو اقتصادية والأمنية، حيث تم الاتفاق على العديد من الملفات الاستراتيجية: ليبيا وتهديد أردوغان في المتوسط والإسلام السياسي ومكافحة الإرهاب وتوقيع اتفاقات اقتصادية.
لم تكن مفاجأة أن يكشف الرئيس السيسي عن خطر الإخوان المسلمين، وأن مصر وضعتها على قائمة المنظمات الإرهابية فلم يكن ذلك من فراغ.
تطرقت القمة بين الزعيمين أيضًا لخطر الإرهاب والأزمة التركية وأردوغان الذي يحاول الدخول للمياه الإقليمية اليونانية القبرصية والمصرية التي تحتوي على ثروات مهمة من الغاز الطبيعي، لهذا حاورنا الدكتور عبدالرحيم على الكاتب الصحفي والخبير في شئون الحركات الإسلامية ومؤلف العديد من الكتب في هذا المجال. 
ذلك الرجل الذي كافح الإخوان منذ عقدين من الزمان سواء في ظل حكم الرئيس حسني مبارك (قبل الربيع العربي) أو في عهد الرئيس السيسي. وذلك من أجل حل تنظيمهم وحظره، حيث إنه يعتبر أن الإخوان هم منبع الإسلام السياسي والإرهاب والمنظمات الإرهابية في العالم كله.
ومن هنا جاء نداؤه للأوروبيين والغرب ومطالبته لهم بوضع تنظيم الإخوان في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.
ففي حين أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لم يقدما على مثل تلك الخطوة قامت بها مصر والإمارات العربية المتحدة، وذلك بحظر ومنع جماعة الإخوان المسلمين من العمل على أرضيهم.
والى نص الحوار..

* اجتمع الرئيس السيسي مع نظيره الفرنسي منذ أيام، هل يمكننا التحدث عن تقارب حقيقي في وجهات النظر الجيوسياسية في البحر المتوسط (الغاز) في ليبيا وتجاه تركيا؟
- بالطبع هناك تقارب كبير بين البلدين والرئيسين السيسي وماكرون في ملف تركيا وبخاصة العربدة التي يقوم بها أردوغان في منطقة شرق المتوسط ومحاولات استيلائه على حقول الغاز المكتشفة حديثا، والتي تتشارك فيها كل من مصر وقبرص واليونان.
فمصر تضع لأردوغان خطوطًا حمراء عديدة في ليبيا وفي البحر المتوسط وفرنسا تشترك مع قوات حلف الأطلنطي في الإشراف البحري في هذه المنطقة، وقامت مؤخرًا بالاحتكاك بعدد من القطع البحرية التركية التي كانت تحمل السلاح إلى ليبيا، هذا بالإضافة إلى الموقف من الداخل الليبي ومواجهة البلدين لطموحات أردوغان في السيطرة على ليبيا عبر دعم ميليشيات الإخوان في الغرب في محاولة لوضع يديه على كامل التراب الليبي، والحصول على أكبر حصة من الغاز الليبي نظرًا لاستيراد تركيا لكميات ضخمة من الغاز تكلفها أكثر من 5 مليارات دولار كل عام. 


* لقد قام الغرب وحكومة أوباما والاتحاد الأوروبي بتوجيه العديد من الدروس (الانتقادات) إلى حكومة السيسي فيما يتعلق بحقوق الإنسان متهمًا إياها بالبطش بالإخوان المسلمين منذ عام 2013. بيد أن فرنسا تختلف عن الولايات المتحدة والدول الأوروبية منذ أن تفهم الرئيس ماكرون خطر الإخوان المسلمين وذلك في سياق حربه ضد النزعة الانفصالية. 

- بالطبع فإن التطابق واضح جدا في رؤية البلدين لفكرة التوازن بين حقوق الإنسان وبين مواجهة الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي التي تتخذ من هذه الأفكار ذريعة لارتكاب جريمتي نشر الكراهية والفكر الانفصالي، وهو ما تعاني منه فرنسا بشكل خاص فيما يتعلق بما أطلق عليه الإسلام الفرنسي الذي تختطفه فكرًا ومؤسسات جماعة الإخوان.. إن قانون الانفصالية الذي سيقوم ماكرون بتقديمه للبرلمان الفرنسي يوم الأربعاء المقبل يشبه إلى حد كبير قانون الكيانات الإرهابية الذي قدمه الرئيس السيسي للبرلمان المصري العام الماضي، والذي تم بناء عليه مصادرة أموال الإخوان، وحصر تنظيمهم والجمعيات الخاصة بهم.
إن التشابه الكبير بين القانونين، وكذا هجوم منظمات حقوق الإنسان على مواد القانونين يؤكد التطابق التام بين البلدين والزعيمين فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان.

* هل يمكن القول إن الرئيس ماكرون يؤكد تحالفه العربي مع المحور المصري الإماراتي ضد المحور المعادي قطر وتركيا الإخوان المسلمين؟
- أستطيع أن أؤكد هذه الفكرة بنسبة مائة في المائة فيما يتعلق بمحور تركيا والإخوان المسلمين، يتبقى المحور القطري، فهو مختلف قليلا، فالموقف الفرنسي وبالتحديد موقف الرئيس ماكرون يراوح مكانه فيما يتعلق بقطر نظرًا للتشابكات الاقتصادية التي استطاعت قطر أن تقوم بها طوال أكثر من عشر سنوات في فرنسا في كل المحالات العقارية والرياضية والنقل والمواصلات وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، أضف إلى ذلك أن قطر استطاعت أن تخلق ما يمكن أن يطلق عليه بلوبي قطري يعمل لصالحها داخل فرنسا. والأمر من وجهة نظري يحتاج إلى قليل من الشجاعة في التوجه نحو الإمارات والسعودية بنظرة جديدة تتناسى تاريخ العلاقة بين السعودية والإسلاميين في فرنسا، لأن هذا التوجه تغير بنسبة ١٨٠ درجة الآن، وأصبح من ضرورات اللحظة أن تفتح فرنسا قنوات مع دول الخليج السعودية والإمارات، تكون بديلاً للقنوات مع قطر التي تساهم في تخريب الداخل الفرنسي من خلال الدعم المتواصل للإخوان.

* هل أصبحت فرنسا مرة أخرى أفضل حليفا أوروبيا أو غربيا لمصر ولهذا المحور؟
- بالطبع فالتاريخ يعيد نفسه، وهذه الفترة تضاهي فترة العلاقات بين مصر وفرنسا إبان الرئيسين مبارك وشيراك، بل أعتقد أنها تفوقت على تلك الفترة وأصبحت فرنسا الحليف الأوروبي رقم واحد لمصر في أوروبا بالكامل، وهذا يتضح من التطابق الشديد في وجهات النظر بين البلدين والزعيمين السيسي وماكرون في مجمل قضايا الشرق الأوسط، وبخاصة ملفات الإسلام السياسي وقضايا الإرهاب وملف ليبيا.

* بعد أزمة الرسوم الكاريكاتورية بشارلي إبدو ومحاولة الإخوان المسلمين في قطر وباكستان وتركيا "شيطنة فرنسا" وتحفيز الجماهير الإسلامية ضد ماكرون وبلد العلمانية المتهم بالإسلاموفوبيا.. كيف أصبحت صورة فرنسا في مصر ومصر السيسي والسيسي نفسه وهل دافعوا عن ماكرون وباريس ضد حملة شيطنة فرنسا؟

- دعنا فيما يتعلق بهذا الأمر نوضح أمرين أساسيين؛ الأمر الأول أننا في مصر حكومة وشعبًا ضد الإساءة لنبي الإسلام عبر ما نشرته شارل إبدو من رسوم كاريكاتورية، ولا يستطيع المسلمون في أي مكان في العالم أن يتفهموا ذلك تحت أي بند من البنود.
- الأمر الثاني أننا نقدر موقف الرئيس ماكرون من الإسلام، ونعي جيدًا أنه كان يقصد جماعات الإسلام السياسي التي تختطف الإسلام في فرنسا، كما نعي أن الرئيس الفرنسي محكوم بدستور علماني يعطي الحرية الكاملة للمواطنين وللكتاب وللصحفيين في التعبير عن أنفسهم وأفكارهم. ولكن دعني أذكرك بأنه عندما تعلق الأمر بأمن فرنسا القومي، قام الرئيس ماكرون بإصدار قانون الانفصالية، واتخذ عددًا من الإجراءات الاستثنائية لأمن القومي الفرنسي متجاوزًا الهجوم الذي شنته قوى يسارية وشيوعية وكتاب وصحفيون وبرلمانيون اعتبروا القانون انتهاكًا لحرية الرأي والتعبير. وقد غضبنا في مصر من جراء تصريحات الرئيس ماكرون الأخيرة، ولكننا أدركنا محاولات استغلال تركيا والإخوان للموقف، وسرعان ما تم عدل الدفة، وبدأت صحف ومواقع عديدة في الإعلام المصري في مساندة الرئيس الفرنسي إيمانا من الصحفيين والإعلاميين المصريين بما يقوم به من مواجهة حادة وجدية للإرهاب من ناحية، وبحجم الشراكة مع مصر والرئيس السيسي من جهة أخرى.

* مركز دراسات الشرق الأوسط (سيمو) الذي تترأسه في باريس قام بتنظيم ندوة عن قانون الانفصالية الإسلامية، وذلك بحضور النائبة الفرنسية الشجاعة جاكلين أوستاش برينيو، ومدير تحرير لوفيجارو إيف تريار وإيمانويل رازافي وعدد من الخبراء والمحللين فهل تدعمون مواد هذا القانون الأبدي الذي يحارب الانفصالية الإسلامية؟

- خلال تلك الندوة المهمة استمتعت جيدًا للتحفظات التي قالها أصدقائي إيف والنائبة جاكلين وباقي الخبراء المشاركين في الندوة، لا يوجد شيء يدعي الإسلاموفوبيا أو أن هناك مواد في قانون ضد الإسلام وأعلن تأييدي لهذا القانون بنسبة ١٠٠٪؜، والذي يحارب الجمعيات والدعاة المتطرفين والمتعصبين والأصوليين والجماعات الجماعات الإخوانية، والذين يقومون بنشر الأفكار والأيديولوجيات المتعصبة في العديد من الدول والمناطق، كما أن تلك الأفكار والأيديولوجيات تتعارض تمامًا مع مبادئ الجمهورية وقوانين العلمانية. واسمح لي بأن أوضح لك ما قلته في تلك الندوة:
هناك ثلاث إشكاليات تواجهنا حينما نتعرض للقضية التي تطلق عليها فرنسا (إعادة تنظيم الإسلام الفرنسي). 
الإشكالية الأولى:
هي أن المسئولين الفرنسيين يخطئون حين يتعاملون مع المسألة الإسلامية كما سبق وأن تعاملوا من قبل "خاصة نابليون" مع المسألة اليهودية بفرنسا.
والفروق هنا كبيرة ومتعددة، يكفي أن نشير فقط إلى إحداها، وهي أن اليهود كانوا يبحثون عن الإندماج في فرنسا، بينما يبحث الإسلاميون اليوم عن الانفصال.
الإشكالية الثانية:
الخلط بين الإسلام كدين وبين المسلمين كمواطنين فرنسيين وكمهاجرين.. خلط في غير موضعه..
فالمسلمون لهم انتماءاتهم السياسية والفكرية ومشاربهم الثقافية، والتوحيد بينهم وبين الإسلام كدين يجعلهم يتمترسون للدفاع عن دينهم بصرف النظر عن اختلافاتهم، فيقعوا فريسة للجماعات المنظمة سواء الإخوان أو الميلي جروس (النسخة التركية منهم).
الإشكالية الثالثة:
إن كل المشروعات التي هدفت إلى إعادة تنظيم ما سمي بالإسلام في فرنسا بدءًا بمشروع جان بيير شوفينمون عام ١٩٩٩، مرورًا بمشروع ساركوزي عام ،٢٠٠٣ وحتى الآن كانت تستعين بصناع الأزمة للمساهمة في حلها، كما يحدث الآن عندما أوكلت الحكومة الفرنسية مهمة عمل ميثاق للإسلام في فرنسا لمجموعة نصفهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين.
والذي يحدث طوال تلك السنوات أن هؤلاء الذين يتم اختيارهم لتنظيم العلاقة بين الإسلام والدولة الفرنسية يستخدمون هذا الاعتراف الحكومي بهم لتقوية أوضاعهم وسط المسلمين والادعاء بتمثيل الإسلام نفسه في فرنسا. مما أدى إلى تعميق الأزمة بدلًا من حلها.

* في وجهة نظرك تفكيك تلك المنظمات والجمعيات المتعلقة بالإخوان وتنظيمهم هو الحل بالنسبة لفرنسا؟
- تفكيك التنظيم هو الحل.. إن تفكيك هذا التنظيم بكل تجلياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية هو واجب اللحظة في فرنسا.. قد يساهم القانون الجديد (قانون مكافحة الانفصالية) في جزء من عملية التفكيك تلك، ولكنه لن يكون كافيًا بالطبع، حيث عرف التنظيم الإخواني بالقدرة على التأقلم مع كل الظروف والمهارة في التغلب على مجمل المعوقات التي واجهته عبر تاريخه. إن حل وتفكيك هذا التنظيم والجمعيات والمنظمات التابعة له يتطلب سنينًا عديدة من العمل الدؤوب الذي يستلهم ويستفيد من التجارب المختلفة وخاصة تجربتنا في مصر.


نص الحوار > اضغط هنا