الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الدكتور هشام محمد في حواره لـ"البوابة نيوز": فن الباليه مظلوم وليس للنخبة المثقفة.. بدأنا في توسيع دائرة النشاط في الإسماعيلية والإسكندرية.. وإجراءات احترازية لتجاوز جائحة «كورونا»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فن الباليه واحد من أرقى الفنون التى تنتمى لعالم الكلاسيكية، والسمو الروحى لدى عشاق هذا الفن الرفيع، وعلى الرغم ذلك فهو عالم مملوء بالخبايا والأسرار نتعرف عليها من خلال حوارنا مع أحد أعلام هذا الفن، الدكتور هشام محمد، الأستاذ المساعد ومدير مدرسة المعهد العالى للباليه بأكاديمية الفنون بالقاهرة والإسكندرية.

رغم صغر سنه إلا أنه خطا خطوات كبيرة في هذا العالم لم يصل إليها فنان مثله بعد حصوله على ثانى رسالة دكتوراة بعنوان «أسلوب عادل عمر عفيفى في فن الباليه بمصر» دراسة تحليلية، كأول باحث يقدم على هذه الخطوة. التقت «البوابة» به للتعرف وإلقاء الضوء على هذا الفن، ونظرة المجتمع الشرقى لراقص الباليه، متى سنجد في كل محافظات مصر فرع لمعهد الباليه إلى نص الحوار...


■ ماذا عن بداياتك في عالم الباليه؟

-التحقت بالمعهد العالى للباليه ١٩٩٣، وكان عمرى وقتها ٨ سنوات، ورغم صغر سنى الا أننى اجتزت الاختبارات الحركية والطبية بنجاح، ثم حصلت على دبلومة المعهد بعد دراسة استمرت تسع سنوات، وتعلمت على أيدى كبار الأساتذة سواء المصريين أو الروس منهم: دكتور بسيونى الهنيدى، أحد أعمدة الباليه في مصر، وتخرجت بتقدير امتياز، ثم مرحلة الدراسات العليا، والماجستير، ورسالة الدكتوراة الأولى في ٢٠١٤، وأخيرا الدكتوراة الثانية بإمتياز مع مرتبة الشرف ٢٠٢٠.

■ من السبب في دخولك المعهد؟

- لحسن حظى لدى أخ في المعهد العالى للكونسرفتوار، ومن خلال أصدقائه بمعهد الباليه تعرفت عليهم ونصحوه بأن يلحقنى بالمعهد لما أتمتع به من لياقة بدنية عالية.

■ ماذا عن رسالة الدكتوراة الثانية؟

- بفضل الله هذه هى المرة الأولى التى يحصل فيها باحث على رسالتى دكتوراة في فترة وجيزة، والسبب أننى في الرسالة الأولى أردت تخصيصها عن السيرة الذاتية وحياة أحد أعلام فن الباليه في مصر وهو الدكتور الراحل عادل عمر عفيفى، وعقب الموافقه عليها من كبار الأساتذة، ولكن الدكتور عادل نفسه رفض هذه الفكرة، لأنه كان يرغب أن يصبح مشرفا عليها، حتى اعتمد على نفسى في كل شىء أثناء تحضيرها، واستجابة لرغبته قررت تغيير مضمونها والمحتوى الفنى لها، ولكن بعد رحيل الأب الروحى عادل عفيفى، لم أتردد في أن أخلد اسمه من خلال رسالة الدكتوراة، التى هى في الأساس رسالة حب واعتراف بالجميل لهذا الرجل العظيم، لأنه يعد مرجعا ومؤرخا لن يتكرر في عالم الباليه.


■ من هو عادل عفيفى؟

- أحد عمالقة أكاديمية الفنون ومن بين طلاب الدفعة الأولى التى تخرجت في المعهد ١٩٥٨، ومن القلائل أيضا الذى حصل على شهادة المعهد بإمضاء وزير الثقافة آنذاك الراحل ثروت عكاشة، ثم سافر إلى روسيا معقل الباليه، وحصل على الماجستير، والدكتوراة، والأبحاث، وقام بنقل كل خبراته إلى مصر حتى يستفيد منها جميع الأجيال، والأستاذ الوحيد الذى قام بتخريج ٣٨ دفعة في المعهد وهو رقم لم يحصل عليه غيره ولم يكن متميزا في الباليه فقط، بل كان موسوعة في كل شىء سواء مسرح أو سينما أو موسيقى أى مجال تتخيله، وحينما قمت بزيارة منزله فوجئت بمكتبة لم أرها من قبل غرفة كاملة مكتظة بالكتب التى يصل عددها إلى ٣ آلاف كتاب، وحينما سألته عنها أجاب بأنه يشترى كتب وهو في الصف الرابع الابتدائي وقد أوصى قبل رحيله بأن يهديها للمعهد وبالفعل سيتم تخصيص جناح بالمعهد لإنشاء مكتبة عملاقه باسمه تخليدا لذكراه.

■ماذا تعلمت منه؟

- تعلمت منه الكثير، ليس فقط على مستوى الباليه، ولكن أسلوب الحياة بشكل عام، وكل كلمة له هى دستور ومنهج نستخلص منه حكمه نعيش بها، وذكرت رسالة أثناء المناقشة أنه اذا كان رحل عنا بجسده ولكنه سيعيش بيننا بروحه وأسلوبه الذى تشبعنا به.

■ وماذا عن جائحة كورونا وكيفية تعاملكم معها خاصة خاصة أن الدراسة بالمعهد تعتمد بشكل رئيسى على العملى والاحتكاك المباشر بين الطلبه؟

- أهم ما يشغل تفكيرنا هو صحة الطالب، لذلك قررنا أن نتعامل من خلال التكنولوجيا ومواقع التخصص في عالم الباليه، مثل موقع «جالانوفا» الموجود على موقع يوتيوب، خاصة أن الإنترنت أصبح متاحا لدى الجميع، وتناول بعض الكورسات المتاحة عليه، حتى يستطيع الطالب الحفاظ على لياقته البدنية لحين عودته وصقله فيما بعد بالمنهج الذى يحتوى على مهارات الباليه المعقدة، التى تحتاج إلى تواجد المدرس مع الطالب.


■كيف تعامل المعهد مع الجائحة؟

- استعد المعهد على أكمل وجه من توفير الإجراءات الاحترازية والكشف الدورى على الطلبة، أما بخصوص الدراسة فلدينا ١٥ قاعة تدريب لا تقل مساحتها على ٢٠٠ متر واعداد الطلبة قليل بما يتناسب مع كيفية التعامل مع الجائحة من حيث التباعد الاجتماعي لدى الطلاب.

■ ما مواصفات الالتحاق بالمعهد؟

- بعد الإعلان عن موعد التقديم تجرى اختبارات لياقة، وسمع، وطبية، وفى حالة اجتيازها، يجرى اختبار طبى لأنه مهم لشكل راقص الباليه، وبناء على تقرير الطبيب يتم الموافقة على قبوله، فهناك مشكلات جسدية لا تتناسب مع الطالب منها: «الفلات فوت أو بروز الركبة أو الالتواء أو عظام اللوح الاكتاف»، وذلك لأن الباليه دائما يبحث عن الجمال البصرى، رغم أن هذه ليست عيوب جسدية لدى الطالب العادى ولكنها تعوق الحركة لدينا.

■ فيما يخص المستوى الاجتماعي لعائلة الطلبة؟

- بالفعل توجهنا لإجراء لقاء مع أولياء الأمور لمعرفة البعد الاجتماعي، والثقافى لديهم، ولكن وجهة نظرى الشخصية فأنا ضد هذا الإجراء، لأن العامل الرئيسى هو الموهبة، ومن الممكن أن يصبح ولى الأمر بلا مؤهل عال أو فقير، فما ذنب الطالب في أن أحمله هذا الذنب الذى لم يقترفه وهو لديه كل الإمكانيات التى تجعله راقص باليه متميزا، والعكس صحيح، فالعامل هنا هو موهبة الطفل وتوافر جميع الإمكانيات المطلوبة.

■ الخطة المستقبلية للمعهد؟

- أعاتب وسائل الإعلام بعدم إلقاء الضوء على هذا الفن، لأنه طالما نحن بعيدون عن بؤرة الإعلام المرئى تماما، لأننا مهما حققنا من إنجازات على المستوى العالمى لن يشعر بنا أحد، وقد حدث بالفعل فهناك راقصون مصريون متميزون منتشرون في كل أنحاء العالم تتحدث عنهم وسائل الإعلام العالمية وهم واجهة مشرفة لمصر ومنهم من أصبح مدير فرقة، ومدربا، ومخرجا عالميا؛ فأين دور الإعلام من هذا؟ فالمستقبل في يد الإعلام ويجب إلقاء الضوء على هذا الفن وإلى أين وصلنا من تقدم وما هى العروض المقدمة، والسفريات، والتبادل الثقافى، فلك أن تتخيل أن البرنامج الوحيد الذى يذاع يعرض الثانية صباحا، فهل هذا معقول؟ أى طالب أو مشاهد سيجلس ليشاهد فن الباليه في هذا التوقيت وهو لديه مدرسة في السابعة صباحًا، فمن أين يأتى الوعى لدى المتلقى؟


■ رغم هذه المعاناة هل ما زال للباليه جمهور؟

- بالفعل ما زال بدليل أننا في حالة الإعلان عن عرض باليه في الأوبرا مثل «كسارة البندق» أو أى عرض آخر، والتى تتسع إلى ١٢٠٠ مقعد فلا تجد مكانا لقدم، بل الحجز يكون قبلها بفترة، وهذا أكبر دليل على اهتمام الجمهور بالباليه.

■ ماذا عن نظرة المجتمع الشرقى لراقص الباليه؟

- ما زالت نظرة المجتمع لفن الباليه بها بعض التحفظات، وخاصة الولد وبنظرة سريعة على أغلب المتقدمين سواء في النوادى أو الأكاديميات الخاصة نجد أكثرهم من البنات، ونادرا إذا تقدم ولد ولا يستمر، والسبب عدم الوعى وإلقاء الضوء حول هذا الفن، فالأسرة المصرية تجتمع أمام شاشة التليفزيون لمشاهدة فيلم أو مسلسل أو مباراة، فلماذا لا يكون هناك عرض باليه؟ والدليل على ذلك لاعب مثل محمد صلاح الذى أصبح أسطورة في عالم كرة القدم، رغم أن فكرة لاعب الكرة في مرحلة التسعينيات وما قبلها لم تكن تلقى ترحاب الأهل والأمثلة كثيرة في الأفلام القديمة، ولكن الآن كل أسرة تتمنى أن يكون ابنها مثل محمد صلاح، إنه الإعلام الذى أبرز قيمة وقدر محمد صلاح ونجاحاته التى يحققها عالميًا.

■ متى سنجد في كل محافظات مصر فرعا لمعهد الباليه؟

- بالفعل بدأنا في توسيع دائرة نشاط الباليه في الإسماعيلية من خلال إنشاء وحدة بالتعاون مع جامعة الإسماعيلية، وهناك وحدة في الإسكندرية وبصدد تطويرها لتصبح فرع يتم من خلاله جميع المراحل التعليمية.

■ هناك العديد من الطلبة الذين تعلموا في النوادى والأكاديميات الخاصة يقومون فيما بعد بتدريس الباليه مما يخرج لنا راقصا غير جدير بهذا الفن كيف ترى ذلك؟

-لأن المدرس نفسه لم يرتق إلى مستوى خريج المعهد، الذى درس دراسة مضنية ومتخصصة تصل إلى ٢٠ عاما، فليس من العقل أن طالبة تدرس شهرين في نادى تقوم بتدريس الباليه، واللوم الأكبر على الإعلام الذى يجب أن يقوم بتوعية الناس أنه يجب ان يسأل ولى الأمر عن من يقوم بتدريس ابنه.

■ ما هى أحلامك في عالم الباليه؟

- بما أننى مدير مدرسة الباليه، أتمنى أن أكون عند حسن ظن أساتذتى في تقديم المادة العلمية الجديرة بالطلبة، وأن أترك إرث إدارى وفنى يسير من بعدى عليه، كما أتمنى أن أصبح وزيرا للإعلام في يوم من الأيام وليس ببعيد، فالدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، كانت طالبة في معهد الكونسيرفتوار، والأمثلة كثيرة فهناك الدكتورة أحلام يونس، والدكتور عصمت يحيى، كانوا رؤساء لأكاديمية الفنون سابقا، وما علينا الا الاجتهاد والسعى.

■ وماذا عن الأسرة وفن الباليه؟

- الحسنة التى وهبنى الله بها هى زوجتى، فهناك دعاء أحرص عليه في كل صلاتى وهو «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنه وقنا عذاب النار»، بل زوجتى، وأختى وصديقتى وهى بالمناسبة كانت راقصة باليه وكانت «البارتنيرا» -«الرقص المزدوج» معى طوال عمرى سواء في المعهد أو الأوبرا، لأن تجمعنا كيمياء واضحة لدى الجميع، والآن زميلة لى في المعهد، وشريكة لحياتى الخاصة هى الدكتورة هنزاده عصمت يحيى، أستاذ مساعد بالمعهد، وبفضل الله ثمرة هذا الحب هم: «يوسف» ثانية إعدادى، «هنزاده» أيضًا.

■نصيحة للفنانيين الجدد؟

- أن نحرص جميعا كأولياء أمور بتوعية أبنائنا بما هو فيه خيرا لنا وألا يفرضوا عليهم تخصصا معينا ويتركوا لهم حرية الاختيار في حياتهم، من حيث التخصص وإذا فرض عليهم طريق فلا بد أن يستكملوه ويجتهدوا حتى يحققوا ما يتمنون وهو النجاح الذى نسعى إليه جميعا.