الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تغليب المصلحة الخاصة هلاك للعباد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يجب على الإنسان ألا يعيش لنفسه وحسب، بل لابد أن يتعدى نفعه وخيره للآخرين، ويكون الأمر أوجب، والأجر أعظم خاصة في وقت الشدائد والمحن والنكبات خاصة مثل التي تعصف ببلادنا هذه الأيام، ولقد كشفت الأزمة تجار الأزمات، حيث شهدت الأيام الماضية طمع وجشع التجار مما أدى إلى رفع غير مبرر لأسعار بعض السلع والمواد الغذائية، وخاصة مواد التعقيم من المطهرات والمنظفات والكمامات، نتيجة الإقبال الكبير من قبل المواطنين عليها، وهناك بعض السلع ارتفع سعرها للضعف، وهذا الأمر قد يكون له أثار سلبية على المجتمع؛ فرأينا احتكار التجار للكثير من المواد الغذائية، وارتفعت أسعار المطهرات والكمامات، وقد أنعم الله علينا من فضله؛ فيجب على كل واحدٍ منا أن يقوم بواجبه تجاه الآخرين من حوله، بأن يتنازل عن حظوظ نفسه، ومصالحة الشخصية، من أجل المصلحة العامة، وتتجلى ثمرة التكافل في تماسك بنيان المجتمع وحمايته من الإنهيار، وما أحوجنا ونحن في هذه الأحوال من مضاعفة فعل الخيرات والصدقات وأن نتكافل ونتضامن مع الفقراء والمحتاجين، ونتلمس معاناتهم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2]، كما يجب التجاوز عن المُعْسرين خلال فترة توقف الأعمال؛ فعن أبي هُريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ رجلاً لم يعمل خيرًا قَطُّ، وكان يداين النَّاس، فيقول لرسُولِهِ: خذ ما تيسَّر، واترك ما عسر، وتجاوز؛ لعلَّ اللَّهَ تعالى، أَن يتجاوز عنّا، فلمَّا هلك، قال اللَّهُ، عزَّ وجلَّ، له: هل عملت خيرًا قطُّ؟ قال: لا، إِلاَّ أَنَّه كان لي غلام وَكنت أداين النَّاس، فإذا بعثته ليتقاضى، قلت له: خذ ما تيسَّر، واترك ما عسر، وتجاوز لعلَّ الله يتجاوز عنَّا، قال الله تعالى: قد تجاوزت عنك) (أخرجه النسائي).
لا يثبت على الأخلاق العظيمة في مختلف الظروف إلا العظماء، وعلى سبيل المثال ما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه في عام الرمادة، عندما اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، بسبب القحط، وعندما جاءت تجارته من الشام وكانت ألف بعير محملة بالتمر والزيت، والزبيب، فجاءه تجار المدينة ، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه: "لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين" كانت أمامه الفرصة ليربح أموالا طائلة، ولكنه رفض ابتغاءً لوجه الله؛ فأتقوا الله وتراحموا فيما بينكم، وادعو الله أن يدفع عنا كل بلاء.
وللحديث بقية طالما في العمر بقية.