الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليلى وكورونا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التقت ليلى برفيقتيها، مع فك أسر كورونا حجرها، وعقب ما قارب الثلاثة أشهر حبسا!، في مقهى تعودن ارتياده، ماقبل كورونا، هكذا صار يُستعاد عند ذكره، شارع المقهى المعروف بازدحامه، محلات تجارية ومطاعم، حركته اليوم تشهد عودة مترددة لدبيب أرجل البشر رجالا ونساء، ووفق الاحترازات، كانت كماماتهن والقفازات المُشعة باللون الازرق ما تَلَبَسَ مظهرهن الجديد!، لحظة تقابلن بمدخل المقهى، أطلقن ضحكاتهن، إذ تم سلامهن بلمس متعاكس لمرفقهن،لكن ليلى أردفت ذلك السلام بتحسر:الله يابنات،أين قُبلات الوحشة بعد كل هذا الغياب؟ أين سلام الاحضان!،ردت الرفيقة الأكبر سنا:لابأس، شدة وتزول، المهم أننا بخير.عاجلت أصغرهن مردفة نعم،نعم، بخير، وأليكما خبر مفرح،خروج أبنة خالتي، سالمة،بعد عراكها شهرين مع كورونا المرعبة، كانت قريبتها قد تماثلت للشفاء، وعادت تمارس حياتها،مُستأنسة بأطفالها الثلاث،الذين وزوجها مروا بفترة عصيبة،فالمُصابة طبيبة الكلى والمسالك، تكفل الزوج بخدمتها،مُراعيا كل الاحترازات،مع طبيبٍ مختص ظل على تواصل معه في كُل طاريء، حدثتهم عن معنوياتها وعن صبرها،أطفالها بالبيت تسمع شقاوتهم،وهم يلعبون،ويتنقلون من غرفة إلى وسط البيت، لكنها لم تستطع أن تحضنهم أو تجالسهم،وغير مرة تدافعوا أمام غرفتها لأجل مُقاربتها،وسماع حديث لها معهم كما اعتادوا،بكى طفلها الصغير ذات مرة، فقام الزوج بتسجيل صوتها، تشرح فيه لطفلها،أنها قريبا تنشط وتتحرك وتعدهُ بعمل "الكيكة" التي يُحبها، فقط يساعد بابا وأخوته. جهد الاب في ملاعبة الأطفال، وملىء فراغ غياب الأم، وهي بالبيت!.
حُمى حديثهن حول حواديث كورونا،قطعتهُ لحظات صمت،فالحاصل خلخل كثير من تدابير حياتهن،كسرت ليلى حال الصمت بغوصها في تفاصيل مفاعيلها مع عائلتها،وهي تلاحقهم واحد واحدا،قاربت أن تصاب بالوسواس القهري،ملئت مطبخها بأنواع المطهرات، الخل، الكلور، الكحول، الصوابين السائلة،واشترت مُعقمات طالعت عنها بسوق الإنترنت، أزعاجها لزوجها الذي تكفل بالتبضع لكل العائلة،فور ولوجه البيت تتسلط عليه برشه بالكحول،ولم توافقه على وضع ملابسه بالشمس لمشوار لم يأخذ منه ساعة زمن، هجرت غسالتها،وعادت إلى الطُست،رمت ملابس العائلة بالماء المغلي دون صابون، ثم ماء مغلي بالصابون تتركهم لنصف ساعة، ثم تعاود شطفهم بماء ساخن،كل مايدخل للبيت من بضائع معلبة،أو بأكياس ترشها بالكلور،والكحول،ثم منعت دخول الأحذية إلى دولابها،الاحذية لاتدخل البيت!. صاحت في رفيقتيها: ياناس كأني لم أعرف غسل اليدين قبلا، من كثرة ما غسلت يدي، وأجبرت أبنائي على ذلك،أي ربكة وهوس أدخلتنا فيه حال الكورونا،عاتبتها أكبرهن،وبملامح وجهها المتأسفة والمتعاطفة بماعانته وكابدته من شقاء،قالت لها ياصديقتي يبدو أنك وقعت تحت مبالغات الخبر الأول بوسائل الإعلام،وذاك الرعب الذي نشرتهُ أقوال الاطباء ببعض تلك الوسائل، من يعاقبهم على مافعلوه بنا،بالنسبة لي عندما أعلنوا أن الهواء ليس ناشرا للفيروس، ثم اعقبوا ذلك بأنه ناشر للفيروس، صرت أخمن وأعيد مراجعة مشاهد بذاكرتي،عن أية لحظة نزعتُ فيها الكمامة، وأنا بيومي الوظيفي، لكن ومع ثقتي بعاداتي المستجدة، وعزلتي بمكتبي،أتخذت قراري بإجازة من مكتب العمل، ولا أخفيكم قاطعت مداومتي على تلك الاخبار، وكنت من حين لأخر ألجأ إلى موقع منظمة الصحة العالمية مكتفية به،وبصراحة نحن أيضا نبالغ في تتبعنا للمحاذير،وشخصيا لم أفهم معنى الإعلان المُقرر علينا: غسل اليدين بالصابون تكرارا لعشرين ثانية، وانا بعزلتي بالبيت لشهرين لم أغادره، لمن هذا الإعلان؟ وكيف سنفعل ذلك؟ بمناسبة ودون مناسبة!،قلبت الجمل المتسائلة وجوم الرفيقات،وضحكن لملاحظتها النابهة،فالإعلان لايضعُ تحديدا بأن غسل اليدين عند الخروج للتجمعات والعودة للبيت أم ماذا ؟ صديقتهم الصغيرة التي احتفظت برأيها واكتفت بالاستماع،فاجأتهم بأن عزلة الكورونا أفادتها، بمنحها وقتا لنفسها، وما تحب،عادتها المطالعة،ومشاهدة الافلام،وقضاء وقت مع والدتها التي تقيم معها،وترعى طفلتيها،فقبلها كثيرا ماعادت من عملها بالمصرف مرهقة متعبة لارغبة عندها لحديث أو مسامرة،وقبل أن تسمع منهن أية كلمة بخصوص مكاسبها من كورونا،أشارت إلى المتر، وصاحت فيهن فلننسى كورونا،هيا أُطلبن،وضيافةُ لقاءنا على حسابي.