الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحل في التنقيط!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت تصريحات وزير الزراعة الدكتور السيد القصير لأحد البرامج التليفزيونية الأحد الماضى والتى أعلن فيها أن الدولة تسعى لعمل حوافز للمزارعين الذين يقومون باتباع وسائل الرى الحديثة مثل التنقيط والرش، أمرا مبشرا وملهما لمزيد من الآمال.
كما أشار الوزير إلى أن تلك الحوافز تكمن في تسهيلات بنكية في تمويل عمليات الرى الحديثة.
والواقع أن انتباه المسئولين في الدولة إلى أهمية هذا الأمر شىء مبشر بأن الإدارة المصرية لديها إرادة لنشر ثقافة الرى الحديث بين جموع المزارعين المصريين نظرا لما في ذلك من فوائد عديدة للمزارع بشكل خاص وفائدة عامة تتمثل فيما سينتج عن هذا من توفير كميات كبيرة من المياه والأسمدة التى ما زلنا نستورد منها بالعملة الصعبة.
وللحق فإن احتياجنا لطرق جديدة وإبداعية في نظم الرى التى توفر في المياه هى ضرورة تساوى ضرورة الحياة نفسها لأنه لا حياة بلا مياه، ومياه فقيرة تساوى حياة فقيرة أيضا، ولذلك فليس لدينا رفاهية الاختيار فيما سوى ذلك، خاصة أن مصر دخلت حيز الفقر المائى قبل بناء السد العالى بسبب زيادة عدد السكان المضطرد فما بالك ونحن الآن بعد أكثر من نصف قرن وقد تضاعف عدد السكان لأكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه في الستينات.
إذن فإن الإدارة المصرية الحالية بحاجة لتدشين مشروع قومى يهدف للاقتصاد في مياه الرى بما يسمح في الوقت نفسه بالتوسع في الرقعة الزراعية كى تتلاءم مع تزايد عدد سكان مصر الذين ما زالوا يعيشون على نفس مساحة الأرض تقريبا التى ورثوها عن أجدادهم منذ آلاف السنين.
المشروع القومى للرى الحديث يجب أن تتبناه الدولة باعتباره مشروع حياة فكما تبنى المصريون مشروع السد العالى الذى ساهم في توفير كميات كبيرة من مياه نهر النيل، كانت تذهب إلى البحر أو إلى المستنقعات، وجب على المصريين الآن تدشين مشروع جديد يساهم في توفير كميات إضافية من مياه النهر الخالد، تساهم في زيادة رقعة الأراضى الزراعية أو حتى الحفاظ على المساحة المتاحة الآن إذا جد جديد وغاضت مياه النيل بسبب مكائد الكائدين في الجنوب والمتربصين بالوادى من كل حدب وصوب.
يجب أن تتبنى الدولة مشروع الرى بالتنقيط والرش وأن تنفق عليه من خزانتها لأن المزارع المصرى الذى يتسم بالذكاء وحب أرضه وعشق ما تنبته من زروع وثمار، يدرك جيدا أن الرى بالتنقيط أو الرش هو أكثر جدوى وأفضل إنتاجا وأوفر سمادا ولكن ما يعجزه هو ضيق ذات اليد عن شراء مستلزمات وسائل الرى الحديث وعدم توفر إمكانيات الشراء والصيانة وهى ما زالت باهظة التكاليف عليه وعلى دخله المحدود.
مطلوب أن توفر الدولة هذه المستلزمات وتوفير الفنيين القادرين على نشرها وصيانتها مجانا أو حتى بأسعار رمزية خاصة أن الدولة في المجمل العام ستكون هى الكاسب الأكبر لأن مياه الرى تستحوذ على نحو ٥٠ مليار متر مكعب من حصة مصر في حين أن استهلاكنا من مياه الشرب لا يتجاوز ٥ مليارات مترمكعب فقط.
والرى بالتنقيط والرش سيساهم أيضا في تحسين جودة المنتج الزراعى الذى سيكون استهلاكه للأسمدة أقل كثيرا بما يقترب من ٧٠٪ وهو ما سيساهم في زيادة الإقبال على شرائها وتصديرها للخارج خاصة أن المستهلك الأجنبى أصبح أكثر إقبالا على المنتجات الزراعية الطبيعية "الأورجانيك" وأسعارها أعلى من مثيلتها المشبعة بالأسمدة.
كما أن كثيرا من الأراضى الزراعية القديمة وسط محافظات الدلتا والصعيد رملية تستهلك كميات كبيرة من المياه التى تتسرب داخلها في حالة الرى بالغمر، وهو ما يكلف المزارع أموالا طائلة بسبب نفقاته الباهظة فضلا عن أن معظم الأراضى الطينية السوداء تشبعت بالمياه مما أضر بها وبإنتاجيتها.
ليس لدينا رفاهية الاختيار في اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة في الزراعة والرى لأن التحديات التى تواجهنا خيارها الأساسى إما الحياة أو الفناء لا سمح الله.