السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في ذكرى ميلاده.. تعرف على أبرز قصائد الشاعر "أحمد العيلة"

 الشاعر أحمد العيلة
الشاعر أحمد العيلة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفي الأوساط الثقافية، اليوم الأحد، بذكرى ميلاد الشاعر الفلسطيني أحمد بشير العيلة، عشق الشعر منذ الصغر، حيث نشرت له العديد من المقالات والقصائد في عدد من الصحف والمجلات العربية.
كما وردت أعماله في عدة دراسات أكاديمية ونقدية نشرت في دوريات الجامعة الإسلامية بغزة، وجامعة الأقصى، وكان آخر ديوان صدر له بعنوان "لم يحدث بعد" في نهاية العام الماضي، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
تنشر "البوابة نيوز" أبرز قصائد الشاعر أحمد بشير في ذكرى ميلاده احتفاء به.
"بسمة جد"
جَدٌّ كمئذنةٍ أطلّ
فاتنٌ بالبسملة
زاخرٌ بالخير والدعوات والحلوى
يقرئهم سلامًا
وسؤالاتٍ عِذاب
كلهم أحفادُه، قاموا إليه
يتعلقونَ عليه لبلابًا وشوقًا
يتسلقونَ بروجَهُ
فامتدَّ نعناعٌ عليه
يرتوِي ضحكاتهم
أُنظرْ إليهِ
جُيُوبُهُ احتلَّتها أيديَهم
تُفَتِّشُ في فضولٍ
كومةَ الأوراقِ والصور الصغيرة والنقود
فاغرورقتْ عيناهُ بالوجدِ
هذا البِنَاءُ من المشاعر
قامةٌ من زَقْزَقَة
تسكنهُ عصافيرٌ كثيرة
صاخبُ الأعشاش والنشوى
كل عُشٍّ لحفيد
وكل نبضٍ لرؤاه.
داخِلٌ للدار
حاملٌ كتفيْه أنهارًا مُهَيَّأَةً لقفز صغاره فيها
فارِدًا كفّيه فانطلقتْ فراشاتٌ ملونةٌ كثيرة
واستراحتْ فوق أجفنِهم
فضاءً من حكايا.
داخِلٌ
أعلىَ من الأضواء والشجر القديم
انْحَنَى غُصْنًا مليئًا بالفواكه
ظِلُّهُ قُبَلٌ تضمُّ نحولَهم حُبًّا
وتجمعهم إليه كضمتيّ ريحان
يا ظلَّه
يا ضوءَ تُربتهم
ودفءَ عروقهم
ياواسعًا بحُنُوِّكَ العالي
يستريحُ على محيطكَ لغوُهم أسرابَ "لُوتس"
يتفيَّأُ الضحكُ الجميلُ لثغرهم نبراتِ صوتك.
داخلٌ
وبسمتهُ نهار ٌدافيءٌ
شمسٌ خفيفة
لامستْ أحفادَه
قَبَّلَتِ الجفونَ فمرَّ طيفٌ من رُؤى
بسمتهُ
حماماتٌ تحطّ على أياديهم
تُقَبِّلُ حلمهم
وتلتقطُ النسيمَ من الأصابع.
مضيافُ هذا الجَدّ
لا يدخل الدار َإلاّ حاملًا ضيفًا من السِّيَرِ القديمة
يُجْلِسْهُ في الوجدان
يُسْكِنْهُ حول جِنانهم
بطلًا يمرُّ على حصانٍ مارقٍ كالسهم من جنب الرؤوس
يهتزُّ شَعر جبينهم من ريح هذا السهم
كم مرة ركبوا بساطَ الريح
كم مرةً سلُّوا لعنتر سيفه وهو في كنف الضيافة
كم مرةً رحلوا مع الأفكار في مدن البخور
هاموا
ولولا القبضتان على الخدود
لنسوا رؤوسَهم الصغيرة في الخيال،
مضيافُ هذا الجدّ
قسماتُهُ
آثارُ أنهارٍ عتيقة
نحتتْ قساوتَها وغاضتْ
في أيِّ قرنٍ صافحتْ هذا المدى عرقًا وبؤسًا
في أي يومٍ خدَّش الحزنُ جبينَه
وجهُ هذا الجدّ أرضٌ جائعة
تُسْقَى
إذا لعب الصغار ُعلى ثراها
يسحبون بلغْوِهم تلك الخطوط
ويفردون الكَرْمَشَة
وجه هذا الجدّ أرضٌ جائعة
تُسْقَى ببسمتِه إليهم.
بسمةُ الجَدّ
سحابٌ لامعٌٌ
بلّل الزغبَ المطرّز جلدَهم
فتضاحكوا وتدافعوا وتسابقوا
حول ماءٍ يستحمُّ على يديه
قرنفلا.
بسمة الجدّ
غصونُ كمثرَى تَمِيلُ من الحلاوة
حقلُ كَرْزٍ باهرٍ
سحبٌ ثقالٌ من عذوبة
يتظللُ الأطفالُ من قيظٍ طويلٍ تحتها
ظِلُّ بسمته
شِغافٌ لُفَّ حول قلوبهم
فتفيّؤوا بالنبضِ عُمرًا كاملًا
ظِلُّ بسمته نسيمٌ منعشٌ
يتنافسون ليلقطوه
ويسكبوا أجسادَهم فيه كحبات الندى
ظلّ بسمته حواديتٌ صغيرة
يزرعَها بتربتهم زهورًا وحبق.
بسمة الجدّ
فرعُ لوز ٍ
مُدَّتْ محاليق إليه
فاستراحتْ هذه الكرماتُ دهرًا من سرور
واخضرّت رُؤَى.

"ضباب"
وفي كلِّ صبح ٍ
تُسْحَقُ الأمنيات قُبيل التوكُّل
تُلْقىَ ضبابًا أمام العيون
هل كلما جاء ضوءٌ لوجهي
تلاشىَ بلُغْمٍ قديم
يلازمني مثل حظٍّ لئيم
طريقٌ تجمَّع للتوِّ قرب ضبابي
وأضربَ عن رحلتي للمآذن
أنامَ الدعاءُ على حافةٍ باردة
ولم أرهُ بعدها؟
أشُلَّ الفضاء؟
بهذا الفضاءِ تنهّدَ جيل ٌ
وأُدْمىَ
كملحٍ تناثرَ في الجرح.
هم واقفون
وسدٌّ أمام البلاد تنامىَ
بأيدٍ من الإنس
هذا التقاعس
لا سوسَ يأكلُ عُكَّازَهُ
لينفر مَسْخٌ من الإنس أرهقنا ألف عام.
ملحٌ من العَرَقِ البشريّ تعلَّق في الجوّ
بعضُ القُرى أطلقُوه ضبابًا
ثم اختفوا خلفه بالقرون
أين أُشاهد روحي
وكل بَيَادِرِنَا ترتمي في الضباب
أغلقتْ موسمًا كاملًا
عبّأتِ الطينَ خوفَ انقشاع الفؤوس من الرئتين.
أنا ذاهبٌ عَبْرَهُ
وأُدْرِكُ أَنِي أُضام
وأنِي المفتّت بين العواصم
لا طينَ يجرفني من ضياع
ولا ماءَ ينشلني للنسيج.
أنا ذاهبٌ عَبْرَهُ
تلاشيتُ من صرخات الثكالى
من الخجل المتراكم فوقي
لا ماء للوجه
جفتْ وجوهُ الرجال
قوامٌ يهزّ بأطرافه للُّزُوجة
زمانٌ لزِج
تحياتُهم فاترة
أحاديثهم لا صفاءَ بها
دخانٌ يلوكونه ثم يمضون
ألا إنها القارعة
قارعةٌ فاترةٌ مائعة
عذابٌ أتاهم يناسب هذا البرود
ويمنحهم لا شعورًا بليدا
ألا إنها القارعة
وبعضُ العذاب
بأنْ لا تُحِس مساحتَك الشاسعة.
أنحنُ ضحايا الضباب المعاصر
ضبابٌ على الفكر
في الورد ِ
بين السطور اللواتي كُتِبْنَ لأشواقهن
ضبابٌ على الروح ِ
في العظمِ
بين العروقِ
أنا أَتَضَبَّبُ ياكُلَّ معرفتي
كيف أصافحكم والكفوفُ بُخار
الفؤادُ خيال
الكلامُ صَدَى
أنا أتضبَّب
لا وجهَ لي
ولا طميَ يرضىَ بجذر فُتات
أنا أتضبّب يا أغنيات البلاد
أَغيثوا قوامي
ضبابٌ تحلَّق حولي
ينهشني كلَّ يوم
صدأٌ فاتكٌ يعتريني
أسَّاقط كالملح
ثم أُرَشُّ ضبابًا على وجبة الأرض
أذهبُ غَمًّا
أملكُ كلَّ المساحة زُورًا
لن تستدلّ الرسائلُ عني
لا بيتَ لي
عريشةُ حزني تمزقني
اقطفوا أصدقائي عناقيد روحي
وامنحوني غناءً حميمًا
حميم.