رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

القتل خارج نطاق القضاء.. العفو الدولية: إثيوبيا أعدمت 39 معارضًا بلا محاكمة.. والشرطة ارتكبت عمليات اغتصاب بلا رحمة.. التقرير يربك آبي أحمد.. «دراسات الشرق الأوسط» بباريس: الإعدامات جريمة ضد الإنسانية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قالت منظمة العفو الدولية، أمس الجمعة، إن قوات الأمن الإثيوبية في منطقة أوروميا أعدمت ٣٩ من أنصار المعارضة، واعتقلت ما لا يقل عن ١٠ آلاف آخرين متهمين بالانتماء إلى جماعة مسلحة منذ أوائل عام ٢٠١٩، وذلك بتهمة تأييد جيش تحرير أورومو، وهو فصيل معارض مسلح. 

وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان في إثيوبيا، إن النتائج الواردة في التقرير «ينبغى أن تؤخذ على محمل الجد». ودعا حزب تحرير أورومو ومؤتمر أورومو الاتحادى المعارضين الحكومة للتحقيق فيما جاء في التقرير، وقالا في بيان مشترك إن هذا التقرير هو «دليل آخر على أن الإدارة الجديدة (يقصد إدارة آبى أحمد رئيس الوزراء منذ ٢٧ مارس ٢٠١٨) لم تتخل عن ممارسة تضييق الخناق على المعارضة باستخدام القوة، وارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، وتنفيذ عمليات الإعدام بلا محاكمة». ودعا الحزب الحكومة إلى التحقيق فيما ورد بالتقرير.
وقال الباحث في منظمة العفو الدولية في إثيوبيا فيسيها تيكلى «ما زالت قوات الأمن تنتهك حقوق الإنسان بالرغم من الإصلاحات التى أدخلها رئيس الوزراء آبى أحمد، وسبب ذلك هو الحصانة من العقاب إلى مدى بعيد وانعدام المساءلة عن هذه الانتهاكات».
ورفضت الحكومة، الإدلاء بأى تعليق لمسئولى المنظمة، لكنها اضطرت بعد نشر التقرير، إلى إصدار بيان زعمت فيه أنها «ترفض الادعاءات المتعلقة بعمليات قتل وإخلاء وتدمير للممتلكات خارج نطاق القضاء، لكنها ستبدأ تحقيقًا مستقلًا»، بينما لم يستجب الجيش الإثيوبى والشرطة الإقليمية في أوروميا وأمهرة على الفور لطلبات التعليق.

وقال دانييل بيكيلي، رئيس لجنة حقوق الإنسان في إثيوبيا، إن النتائج التى توصلت إليها منظمة العفو الدولية «ينبغى أن تؤخذ على محمل الجد».
واستنادا إلى مقابلات أجريت مع ٨٠ ضحية أو شاهدا مباشرا على العنف، ذكر تقرير منظمة العفو الدولية أن أفراد الجيش الإثيوبى وقوات الأمن في أمهرة وأوروميا تورطوا في عمليات قتل على أسس عرقية واعتقالات تعسفية جماعية واغتصاب.
تأتى هذه الأنباء لتضع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد أمام تحديات جديدة في ظل سعيه المحموم لضمان تأييد (الداخل الإثيوبى) له في أول انتخابات تشريعية منتظرة في عهده، بعدما لعب بورقة الانسحاب من مفاوضات سد النهضة ليكسب بها قوى (الداخل)، حتى أن الجانب الإثيوبى أعلن وقتها في بيان رسمى عن «تعطل المفاوضات للتشاور مع أصحاب المصلحة داخل البلاد»، وبدا حينذاك أن الانسحاب «مراوغة» لكسب مزيد من الوقت في محاولة لكسب الداخل الإثيوبي، مع قرب الانتخابات، ليمثل أملا لآبى أحمد لاستكمال مسيرته في الحكم.
ثم فاجأ أبى أحمد بتقديم حزبه لقانون للبرلمان الإثيوبى، في ١٣ فبراير الماضى، يقضى بسجن الأشخاص الذين تثير منشوراتهم اضطرابات، في خطوة تقول الحكومة إنها مطلوبة لمنع العنف قبل الانتخابات لكن الأمم المتحدة قالت إنها ستقيد حرية التعبير.
ويسمح القانون الجديد بدفع غرامة تصل قيمتها إلى ما يوازى (ثلاثة آلاف دولار) والسجن لمدد تصل إلى ٥ سنوات لأى شخص يشارك أو ينتج منشورات يعتقد أنها قد تسفر عن عنف أو تكدير النظام العام.
وقال العديد من المشرعين الذين عارضوا القانون إنه ينتهك ضمانات دستورية وقانونية أساسية. 
وحث مقرر الأمم المتحدة الخاص بحرية التعبير السلطات آنذاك على إعادة النظر فيه وحذر من أنه سيزيد من حدة التوتر العرقى الموجود بالفعل وربما يثير المزيد من العنف، وقالت منظمات دولية حقوقية إن القانون يوفر للحكومة وسيلة قانونية لإسكات المعارضين، ولكن القانون وجد طريقه نحو الموافقة عليه بأغلبية.

وكانت المفاجأة التالية، قرار مفوضية الانتخابات في إثيوبيا، في اليوم التالى مباشرة لإقرار القانون، بتأجيل الانتخابات البرلمانية على أن تجرى يوم ٢٩ أغسطس.
وفى نهاية مارس الماضى، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبى «هيئة دستورية مستقلة» تأجيل إجراء الانتخابات العامة لأجل غير مسمى، متذرعًا بجائحة فيروس كورونا.
وتنتهى الفترة الدستورية للبرلمان الحالى والحكومة في أغسطس المقبل، على أن يتم تشكيل الحكومة المنتخبة في سبتمبر، وهو ما لن يحدث في ظل الوضع القائم الآن في إثيوبيا جراء تأجيل الانتخابات إلى موعد غير محدد.
وانقسم المشهد السياسى الإثيوبى بين من يرى تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وهو ما رفضه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبى أحمد، على الفور، وأكد عدم حدوث ذلك في ظل خيارات أخرى، وبين مواقف البعض الآخر التى تطرح تعديل الدستور وحل البرلمان والبحث عن تفسيرات دستورية.
فيما رفض ائتلاف الوحدة الفيدرالية الإثيوبية جميع الخيارات التى قدمها الحزب الحاكم (حزب آبى أحمد) وقال إنه مع تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية لحين إجراء الانتخابات العامة في البلاد.
ويلعب آبى أحمد بورقة تأجيل الانتخابات لترسيخ أقدامه في الحكم تحت دعاوى (إصلاحاته) فيما يسعى لرأب الصدع بين وبين أكبر حلفائه ومن بينهم وزير الدفاع. 
وفى هذا السياق، يرى كثير من المراقبين أن آبى أحمد تعمد تكوين حزب موحد متحديًا الطبيعة الإثنية التى يقوم عليها تشكيل الأحزاب في إثيوبيا، وسيطرة الحزب الحاكم بها على الحكم والمتمثل في «الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا»، واعتبر مراقبون أن مبادرة أبى أحمد تأتى ضمن هدف معلن وآخر خفى ممثل في تحويل الجبهة لحزب موحد يفتح الباب لضم أحزاب أخرى في محاولة لضمان فوزه في الانتخابات المقبلة بالأغلبية الساحقة التى تمهد لتوليه وحصوله على التفويض اللازم لاستكمال سياسته التى اتبعها في البلاد. كان على رأس المنتقدين لهذه المبادرة، وزير الدفاع الإثيوبى ليما ميجيرسا، الحليف الرئيسى لرئيس الوزراء آبى أحمد، الذى انتقد بشدة خطة دمج تحالف الأحزاب العرقية الإقليمية التى تحكم البلاد منذ ثلاثة عقود في حزب واحد، واعتبرها خطوة متعجلة من آبى مما يؤشر إلى انقسامات متنامية قبل الانتخابات، حيث يعد ليما وآبى الأقوى في قومية الأورومو، وبالتالى فإن خروج هذا الخلاف للعلن بمثابة مؤشر أحمر يهدد مستقبل آبى أحمد. واعتبرت المعارضة، التى شكلت ائتلافا باسم «حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية»، خطوة آبى أحمد نحو تشكيل الحزب الموحد ما هى إلا خطوة نحو مزيد من تعميق الانقسام.
وإذا كان آبى أحمد قد نجح في تأجيل الانتخابات في محاولة لتضميد جراحه وترتيب البيت في الداخل، فإن تقرير العفو الدولية جاء ليلقى بـ«دُش بارد»على مستقبل في مهب الريح.

كما أدان الدكتور عبدالرحيم علي، عضو مجلس النواب، ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، إعدام قوات الأمن الإثيوبية ٣٩ معارضا سياسيا، بدون محاكمة، قائلا: إن ذلك يرقى لجرائم ضد الإنسانية.
وأكد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، في بيان أمس الجمعة: أن انتهاكات حقوق الإنسان تتزايد في إثيوبيا يوما بعد يوم، مشددا على أن حرية التعبير والمعارضة حق مكفول في القانون الدولي.
وأوضح رئيس المركز، أن السلطات الحاكمة في إثيوبيا لم تتخل يوما عن انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان، وإن اختلفت أشكال ودرجات هذه الانتهاكات.
وحذر الدكتور عبدالرحيم على، من لجوء الحكومة الإثيوبية للعنف مع المعارضين السياسيين، داعيا المجتمع الدولى للتدخل وكبح جماح حكومة أديس أبابا، وعدم إفراطها في العنف تجاه المعارضين السياسيين، حيث تتصدر إثيوبيا قوائم انتهاك حقوق الإنسان بالعالم، بحسب إحصائيات دولية.
كانت منظمة العفو الدولية، قد كشفت عن إعدام قوات الأمن الإثيوبية ٣٩ شخصا من أنصار المعارضة، واعتقال الآلاف منهم بتهمة الانتماء إلى مجموعة مسلحة في منطقة أوروميا. وطالبت عدة منظمات دولية الحكومة الإثيوبية، باتخاذ مزيد من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، وإطلاق سراح آلاف المعارضين، ووقف تصاعد أعمال العنف بين القوميات والعرقيات في البلاد.