السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص توما يعقوب يستعين بنص القمص أثناسيوس في عيد صعود السيد المسيح

 القمص توما يعقوب
القمص توما يعقوب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال القمص توما يعقوب، بمطرانيه أسيوط الأقباط الأرثوذكس، اليوم الخميس، في عيد صعود المسيح ساقرأ لكم شيئا نافعا في هذا العيد المبارك واستعن بقول القمص أثناسيوس في كتاب تجسُّد الكلمة: الذي قال فيه لقد افتتح الرب لنا من جديد الطريق الصاعد إلى السموات عندما قال: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية". ولَم يكن اللوغوس (الكلمة) نفسه هو المُحتاج أن تُفتح له الأبواب، إذ كان هو ربَّ الكل ولَم يكن شيء من المخلوقات مُغلقًا أمام خالقه، ولكننا نحن الذين كُنَّا نَحتاج إلَى ذلك، نحن الذين كان يحملنا في جسده الخاص، فكما أنه قدَّم جسده للموت لأجل الجميع (ὑπὲρ πάντων)، هكذا أيضًا بواسطة هذا الجسد قد هيَّأ لنا الطريق الصاعد للسموات.
وأضاف قائلا في عظته بالكنيسة والتي نقلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كاحتياطات احترازية ويُلاحظ أن هذا المزمور: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية لكي يدخل ملك الـمَجد" هو مزمور قداس عيد الصعود أصلًا (ولو أنه يُقال أيضًا في مقدمة دورة عيد القيامة). والقديس أثناسيوس يصوِّرنا أننا كنا "مَحمولين" في هذا الجسد، فالمسيح تقدَّم بنا أمام الرؤساء، رؤساء الملائكة فحين رأوا لأول مرَّةٍ جسدًا بشريًّا صاعدًا من الأرض ومُقتَربًا من السماء تعجَّبوا جدًّا، فالمسيح قال لَهم: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية". وق. أثناسيوس يقول إنه لَم يكن المسيح مُحتاجًا أن تُفتح له الأبواب (لا أبواب السماء ولا الأبواب الأرضية، إذ دخل العُلية والأبواب مغلَّقة)، ولكن نحن "الذين كان يحملنا في جسده"، نحن الذين كنا نحتاج إلى ذلك.
موضحا في عيد الصعود أن المسيح "دخل كسابق لأجلنا" (عب 6: 20)، "ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب 9: 24). وأيضًا في سفر العبرانيين يقول ق. بولس: "إذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقًا كرَّسه لنا حديثًا حيًّا بالحجاب أي جسده" (عب 10: 19 و20).
ويعود القمص أثناسيوس ويشرح هذه المعاني بأكثر تفصيل في مقالاته ضد الأريوسيين، مستشهدًا بنفس هذا المزمور الرابع والعشرين: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية": قيل عنه كإنسان بسببنا ومن أجلنا δι᾽ ἡμᾶς καὶ ὑπὲρ ἡμῶν "إن الآب رفَّعه"، فكما أننا بِموت المسيح متنا جَميعًا فيه، هكذا أيضًا في المسيح نفسه نصير جَميعًا مرتفعين، لنقوم من الأموات ونصعد إلى السموات، حيث "دخل يسوع كسابق لأجلنا" (عب ٦: ٢٠) "ليس إلى أقداس أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب ٩: ٢٤). فإن كان المسيح قد دخل الآن إلى السماء عينها من أجلنا، مع أنه كان منذ الأزل وفي كل حين ربَّ السموات وخالقها، فمن أجلنا إذن كُتب أن الآب رفَّعه (في ٢: ٩)، فلَم يكن ذلك ليَرتفع هو نفسه؛ إذ إنه في ذاته هو الله العلي، ولكن ليصير لنا برًّا ويرفعنا نحن فيه فندخل أبواب السماء التي فتحها من أجلنا، قائلًا كسابق لأجلنا: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية ليدخل ملك المَجد".
على أن الأبواب لَم تكن مغلقة في وجهه قط؛ إذ كان هو رب الكل وخالق الكل. فهذا أيضًا كُتب من أجلنا نحن الذين كان ذلك الباب مغلقًا في وجهنا، ولذلك فعلى مستوى بشريته، بسبب الجسد الذي لبسه، قيل عنه "ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية". وكأن الداخل هو إنسان، ثم من جهة أخرى على مستوى لاهوته بسبب أن الكلمة هو الله قيل إنه هو "الرب ملك المَجد"
وأشار مفسرا على أن صعودنا مع المسيح وجلوسنا معه في السموات له أصل في رسائل ق. بولس الرسول نفسه: "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 6). فنحن نُعتبَر جالسين في السموات (كطبيعة). فرغم أن أجسادنا موجودة على الأرض وما زلنا نعيش على الأرض، لكن جسد المسيح يُمثِّلنا ويَحتوينا ولنا وجود أمام الآب في المسيح الذي يُمثِّلنا أمام الآب: "ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" وبهذا المعنى قيل إن الله "أجلسنا معه في السماوات". فإذا كان لنا وجودٌ في السماوات مع أننا ما زلنا على الأرض، يحقّ لبولس الرسول أن يقول ونقول معه: "إن سيرتنا نحن هي في السماوات" (في 3: 20).
من كتاب مع المخلص في كل ما فعله من أجلنا: عيد الصعود ص. ١٨٥. مركز باناريون للتراث الآبائي)
واختتم حديثه قائلا كل عيد صعود ونحن طيبون.