السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المنسي والدبابة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ارتجفت قلوب المصريين ونزلت دموعهم - عدا الظلاميين ومؤيديهم وداعميهم والذين يعيشون بيننا - عند مشاهدة حلقة ملحمة البرث، التي استشهد فيها المنسي ورفاقه في كمين بسيناء، تابعت كثيرًا حجم الجرائم التي يرتكبها التكفيريون في سيناء، وشاهدت خلال عملي في بعثات حقوقية لتقصي الحقائق دماء غزيرة بالكنائس، ككنيسة بهجورة وكنيسة أبو قرقاص ومذبحة معبد الدير البحري بالأقصر، والقتلة في كل الجرائم إرهابيون ظلاميون، وكنت ككثيرين أتعجب.. كيف للجيش المصري العظيم أن يبذل هذا الجهد في مواجهة أفراد مدعين ومنظمين، ولهم غطاء من الأرض التي ينطلقون منها؟ حتى تأكد إيماني أن المعركة في سيناء فرضت على مصر وجيشها حامي السيادة والوطن، عندما قُدر ليّ في أبريل ٢٠١٩ أن أمر من سيناء لغزة في زيارة عمل، وقد مررنا على كل الأكمنة التي شاهد كل المصريين الاعتداء عليها من التكفيريين حتى وصلنا لكمين البرث، ووقفنا بالقرب منه، بما سمح لنا أن نرى على جدران الكمين، آثار معركة عسكرية ضخمة لا يمكن وصفها، ربما تتعدى ما صورته الكاميرات، فدمار فاجر بلا رحمة أصاب المكان، حتى أنه يمكنك رؤية ما تبقى فقط من أعمدة خرسانية، وعليها آثار طلقات متنوعة، ونظرت للمبنى ودار بذهني صور الشهيد المنسي المقاتل الصلب الرمز الذي نقل للخدمة بسيناء خلفًا للشهيد رامي حسانين، وصورة خالد مغربي ابن مدينتي طوخ الإنسان الدبابة الذي عرف معنى الوطن ببساطة، كنت أفكر كيف تأتي اللحظة التي ليس أمام الإنسان فيها اختيار إلا المواجهة مع قتلة مرتزقة، كيف كان الشهداء يد بيد؟ وكيف كان صوت القائد وهو يعطي أوامر وتعليمات وضباط وجنود وهم يستميتون لصد الظلام عن الوطن؟ ماذا كان شعورهم وكيف كانوا يلملمون بقاياهم وهم يمشون لله بثبات الملائكة؟ هل قال أحدهم قبل النطق بالشهادة بما قال درويش «ويا موت انتظر، يا موت، حتى أستعيد صفاء ذِهْني في الربيع وصحٌتي، لتكون صيٌادا شريفا لا يصيد الظٌبْي قرب النبع»، عندما ترى كمين البرث تُدرك أن سيناء منطقة حرب بتوكيلات متعددة تُدار من دول تستهدف أن يسود مصر الظلام، الإرهابيون قريبون مننا جميعًا فمنهم من أخد التعليمات ومنهم من ينتظر فاحذروهم.