السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

في عيد القديسة دميانة.. تعرف على مؤسسة أكبر دير للراهبات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 12 بشنس حسب التقويم القبطي الموافق 20 مايو حسب التقويم الميلادي بتذكار تكريس كنيسة الشهيد القديسة دميانة ببلقاس على يد الملكة هيلانة أم الملك قسطنيطين.
وللقديسة الشهيدة دميانة مكانة مهمة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ؛فكثير من الكنائس مبنية على اسمها ؛كما تسمي كثير من الأمهات بناتها باسم دميانة وذلك تبركا بهذا الاسم ؛أما عن القديسة دميانة نفسها ؛فهي شهيدة مصرية عاشت في القرن الرابع الميلادي ؛ولدت من أبوين مسيحيين في نهاية القرن الثالث الميلادي ؛ وكان أبوها يدعي مرقس وكان واليا على منطقتي البرلس والزعفران ؛وذات ليلة تقدم أحد الأمراء يطلب خطبتها ؛فعرض والدها الأمر عليها فكان ردها: "لماذا تريد زواجي وأنا أود أن أعيش معك ؟ هل تريدني أن أتركك ؟ " فأرجأ والدها الحديث عن زواجها ؛ولكنه لاحظ تعلقها الشديد بالكنيسة ومواظبتها الدائمة على الأصوام والصلوات ؛ كما لاحظ تردد كثير من الفتيات العذارى على بيتها وقضاء الوقت معها في الصلاة والتسبيح.
وفي سن الثامنة عشرة كشفت لوالدها عن رغبتها في حياة البتولية "التكريس للرب مع عدم الزواج " فرحب والدها بهذا الاتجاه ؛ وبني لها قصرا في منطقة الزعفران للتعبد للرب فيه مع أربعين عذراء نذرن نفسهن للبتولية ؛ وفي وسط هذه الأجواء اندلع الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس ؛فضعف والدها أمام تهديدات الوالي الوثني وقام بالتبخير والسجود للأوثان ؛ وعندما سمعت دميانة بهذه الأمر غضبت غضبا شديدا جدا وخرجت من قصرها لمقابلة والدها ؛وعندما قابلته قالت له " كنت أود أن أسمع خبر موتك عن أن تترك عبادة الله الحقيقي " وطلبت منه أن يعود لإيمانه المسيحي ولا يخاف الموت بل يخاف من القادر على إهلاك النفس والجسد كليهما في جهنم ؛وألا يجامل الإمبراطورعلي حساب إيمانه.
ثم قالت له في حدة "إن أصررت على جحدك للإله الحقيقي ؛فأنت لست أبي ولا أنا أبنتك " فألهبت هذه الكلمات قلب والدها ؛فبكي بكاءا مرا وندم على فعلته ؛ثم قرر أن يتوجه إلى إنطاكية "نواحي سوريا حاليا " لمقابلة دقلديانوس وجهر أمامه بالإيمان المسيحي ؛فتعجب دقلديانوس جدا من سر هذا التحول السريع ؛وحاول إغراءه بكل الطرق للرجوع عن هدفه ؛فلما رأي إصراره وقوة إيمانه قرر قطع رأسه وكان ذلك في يوم 5 أبيب "12 يوليو حسب القويم الميلادي ".
وعندما وصل الخبر إلى مصر ؛فرحت دميانة جدا لنجاة والدها من الهلاك الأبدي ونواله أكليل الشهادة. أما دقلديانوس فعندما علم أن سر تحول قلب مرقس الوالي ورجوعه إلى الإيمان المسيحي هو ابنته دميانة ؛استشاط غضبا ؛فأرسل بعض الجنود إليها ومعهم آلات التعذيب المختلفة ؛وعندما شاهدت دميانة الجنود وقد ألتفوا حول القصر ؛جمعت العذاري حولها ؛ونبهتهن إلى الخطر المحدق بهن ؛ثم قالت لهن "من تريد أن تثبت وتنال أكليل الشهادة فلتبقي ؛أما الخائفات منكن تستطيع أن تهرب من الباب الخلفي" ؛فأعلن جميعا عدم خوفهن ولن يهربن.
ثم التقي قائد الجنود بدميانة ؛وقال لها إن الإمبراطور يدعوها للسجود للآلهة ؛وحاول إغراءها بالعديد من الكنوز والهدايا ؛بل وأكثر من هذا وعدها أنه سوف يقيمها أميرة عظيمة.
أما هي فأجابته " أما تستحي أن تدعي الأصنام آلهة ؛ فليس إله إلا الله خالق السماء والأرض ؛وأنا ومن معي من العذاري مستعدات أن نموت من أجله ".فأغتاظ القائد جدا وأمر أربعة جنود بوضعها داخل الهمبازين "أحدي آلات التعذيب في ذلك الوقت " وكانت بقية العذاري يبكين وهن يراها تتعذب ؛ثم أخرجوها من الهمبازين وهي شبه ميتة ؛وألقوها في السجن.
ولكن ملاك الرب جاءها داخل السجن ومسح كل جراحاتها وفي الصباح فوجئ الجنود بأن دميانة مازالت حية ؛بل وأكثر من هذا لا يوجد أي أثر للجراحات في جسدها ؛ فجن جنون القائد واتهمها بالقيام بأعمال السحر ؛أما الجموع المتراصة فعندما شاهدت ما حدث صرخوا جميعا بلسان واحد " ألا لعنة عليك أيها الظالم ؛أعلم أننا جميعا مسيحيين وها نحن نجاهر بإيماننا على رؤوس الأشهاد ؛ ولا نخشي عذابا ولا عقابا ؛وليس لنا إله إلا إله القديسة العفيفة دميانة " فلما سمع القائد ذلك أمر بقطع رؤوسهم جميعا بحد السيف فنالوا أكليل الشهادة ؛ثم التفت إلى القديسة دميانة وطلب من الجنود أن يذوقوها جميع أنواع العذابات ؛ فمرت القديسة بسلسة متصلة من العذابات ؛ولكن في كل مرة كان يأتي ملاك الرب ليشفيها ويقويها ؛وأخيرا عندما يأس القائد من قوة احتمالها ؛أمر بقطع رأسها هي وكل من معها من الأربعين عذراء ؛فنلن جميعا أكليل الاشتشهاد وكان ذلك يوم 13 طوبة حسب التقويم القبطي "الموافق 21 يناير حسب التقويم الميلادي. 
أما احتفالية 12 بشنس "20 مايو" فهوتذكار تكريس الكنيسة التي على أسمها في مدينة بلقاس على يد الملكة هيلانة ؛وقصة بناء هذه الكنيسة هي أنه بعد نهاية عصر الاضطهاد ؛جاء الملك قسنطنطين "وهو أول إمبراطور مسيحي ".
وكانت له أم قديسة تدعى "هيلانة " فعندما سمعت الملكة هيلانة بقصة الشهيدة دميانة والأربعين عذراء الذين معها ؛ أخذت كمية كبيرة من الاكفان معها ؛وتوجهت إلى القصر المدفون فيه القديسة مع الأربعين عذراء ؛ وعندما دخلت إلى القصر وجدت جثمان القديسة دميانة موضوعا فوق أحد السرائر بالقصر ؛فقبلته وتباركت به ؛كما تباركت بأجساد الأربعين عذراء معها ؛ثم لفتهن جميعا بأكفان فاخرة ؛وأمرت أمهر المهندسين والصناع أن يهدموا القصر ويبنوا مكانه كنيسة كبيرة على أسم الشهيدة دميانة ؛ أما القديسة دميانة فقد كفنتها بكفن غال الثمن جدا من الكتان ؛وصنعت لها سرير من العاج ووضعت فيه جسدها الطاهر ؛وزينته بالستائر الحريرية الجميلة.
ثم دعت البابا الكسندروس بطريرك الكنيسة القبطية في ذلك الوقت "وهو البطريرك رقم 19 في سلسلة بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية " فقام بتدشين الكنيسة في يوم 12 بشنس. وتقع هذه الكنيسة على مسافة نحو 12 كم شمال بلقاس.
ولقد ذكر هذا الدير العلامة المقريزي في موسوعته ؛غير أنه ذكر أن الدير على اسم بوجرج "لعله يقصد مارجرجس ". كما ذكرها الرحالة الفرنسي فانسليب في كتابه الهام "تقرير الحالة الحاضرة 1671م "فقال عنه " وفي 21 إلى 25 مايو ؛يحتفل بعيد جميانة دميانة ؛وهو دير شهير يقع بالقرب من دمياط ؛وأثناء هذه الأيام الخمسة ؛يتوجه إليه جميع الأقباط والأحباش ؛ومن عاداتهم في هذه الأيام أن تظهر في تلك الكنيسة السيدة العذراء للعيان وسوف يكون لنا عودة إلى رؤية فانسليب لطيف السيدة العذراء عند الحديث عن الاحتفالات الشعبية " كما ذكرها أيضا الرحالة الفرنسي "كلود سيكار" وذلك في الرحلة الرابعة التي قام بها إلى المنصورة والست دميانة ؛وكان ذلك عام 1714م ؛ حيث قال عنها " ومن بلقاس إلى الست دميانة حيث ظهر في الوادي كنيسة قديمة بها 22 قبة بيضاء تبدو من منظرها كحصن أو قصر ويقع مولد الست دميانة في شهر مايو ".
أما عن الاحتفالات الشعبية التي تقام بهذا الدير ففي خلال هذه الفترة تقام احتفالات كبرى في منطقة البراري ببلقاس ؛حيث تنصب الخيام حول الكنيسة الأثرية ؛ويؤم هذا المكان سنويا الألوف من المصريين مسلمين ومسيحيين؛ حيث يكرمها المسلمون أيضا.
ويتداول زوار الدير – مسلمين وأقباطا – قصة ظهور طيف القديسة دميانة خلال عيدها ؛ ولعل من ضمن المؤرخين الأجانب الذين ذكروا هذا الظهور كان الرحالة الفرنسي "فانسليب " حيث قام بزيارة الدير في يوم 17 مايو 1672م وقال في مذكراته " ويعتقد المصريون مسلمين وأقباطا أن القديسة دميانة صاحبة البيعة تظهر في قبتها مدة ثلاثة أيام وأن الخيالات التي تتحرك في القبة هي حقيقية وليست انعكاسات ضوئية لأن الشبابيك التي يمكن أن تدخل منها هذه الأضواء هي قايمة في الجهة البحرية للكنيسة ولا يدخل منها ضوء الشمس بالمرة ".