رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

من القاتل..؟!| (3).. سيف شهيد لقمة العيش وفك لغز الجريمة

من القاتل
من القاتل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فتح «سيف» الطفل الصغير عينيه على الدنيا ليجد نفسه في أسرة بسيطة الحال، الأمر الذي دفعة لارتداء ثوب الرجال منذ صغره، لمساعدة أسرته محدودة الدخل على الحياة القاسية، تاركًا دراسته وحلمه في مستقبل باهر كباقى أقرانه من الأطفال، يجوب الشوارع والميادين أملًا في توفير بضعة جنيهات يعود بها لعائلته في المساء محملا بـ«بشاير الخير»، لسد جوع أشقائه الصغار وشراء علاج والده المريض من خلال عمله كسائق على مركبة «توكتوك»، إلا أن أحلام الصغير تبخرت واصطدمت بطمع وجشع خارجين عن القانون، قرروا سرقة «التوك توك» وقتله من أجل الحصول على مبلغ زهيد المال.



منذ نحو ١٧ عامًا تزوجت السيدة «هاجر» والدة الضحية والده «رجب»، وكان عمرها في ذلك الوقت لا يتجاوز ١٧ سنة، وبعد مرور عام رزقت بمولودها الأول «سيف»، شعرت حينها بأنها امتلكت الدنيا، فكان لها بمثابة الابن والأخ، وفقا لما روت الأم لمحرر «البوابة نيوز»، وبمرور السنوات اشتد ساعد الطفل الصغير الذى كتب عليه القدر أن يتحمل ما لا يستطيع تحمله رجل في الأربعين من عمره، خاصة بعدما تعرض والده لوعكة صحية، جعلته لا يستطيع التحرك من داخل شقتهم البسيطة، التى تدل على ضيق حال قاطنيها.
عقب مرض والده قرر «سيف»، الذى لم يتخط عمره الخمسة عشر عامًا دخول معترك الحياة مبكرًا، والتفرغ للمنزل من أجل تدبير متطلباتهم، وأن يكمل مرحلة التعليم الإعدادى من المنزل عن طريق طلب تقدم به لإدارة المدرسة، وظل بعدها يبحث عن فرصة مناسبة له كطفل «حديث سن»، فلم يجد، حتى اقترح عليه أحد زملائه أن يعمل معه سائقًا على مركبة «توكتوك»، فوافق نظرًا لظروفه الصعبة، فكان يخرج لاستلام الوردية يوميًا الساعة ٢ بعد الظهر ثم يعود في تمام الساعة العاشرة مساء، محملا ببعض الجنيهات والطعام والحلويات لأشقائه الصغار «زياد ومنة»، وقبل الحادث طلبت منه والدته كما أن يتخلى عن تلك المهنة وأنها سوف تعمل عاملة نظافة في إحدى المدارس بالمنطقة، إلا أنه قابل ذلك برفض شديد، وطلب منها عدم التفكير في ذلك الأمر نهائيًا، قائلًا لها: «لما أموت ابقى اشتغلى، لكن طول ما أنا عايش متقوليش كده تاني».


في مطلع شهر أكتوبر من العام الماضي، استيقظ «سيف» من نومه على غير عادته لا يريد الذهاب لاستلام وردية «التوكتوك»، إلا أنه تذكر أنه ليس مسئولا عن نفسه فقط، لكنه يعول أسرة معلقة في رقبته فبدل ملابسه وانطلق مسرعًا نحو الموقف وبعض وقت قليل من تبادل المزاح مع أصدقائه، انطلق كعادته يجوب شوارع المنطقة باحثًا عن زبائن يحصل من منهم على بعض الجنيهات قيمة التوصيلة، حتى دقت عقارب التاسعة مساء فقرر أن يذهب لـ«الجراج»، لركن «التوكتوك»، فقد انتهت ورديته، إلا أنه لم يفعل ذلك بعدما طلب منه مجموعة من الأشخاص أن يقوم بتوصليهم لمنطقة المؤسسة، لكنه لم يدر أنها بالنسبة له ستكون التوصيلة الأخيرة في مسلسل البحث عن «لقمة العيش»، وأثناء سيره في طريق المؤسسة المظلم طلبوا منه الوقوف، وعندما رفض باغته أحدهم بطعنة في الوجه، وعند محاولته الدفاع عن نفسه قام أحد الجناة بذبحه دون شفقة أو رحمة، ثم ألقوا جثته على جانب الطريق، واستولوا على «التوكتوك»، وفروا هاربين»




ظلت جثة «سيف»، ملقاة على الطريق، حتى حضر صاحب «التوكتوك»، الساعة الواحدة صباحًا، لمنزله ليسأل عن سبب تأخره عن تسليم الوردية والمركبة، فأخبره والده بأنه لم يأت للمنزل منذ أن خرج وقت الظهيرة، وعندها تسلسل الخوف لقلب الأب وذهب معهم للبحث عن نجله المفقود في كل مكان حتى إن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، حتى أخبرهم أحدهم الأشخاص بأن هناك جثة عثر عليها ملقاة بطريق المؤسسة من الممكن أن تكون جثة الطفل «الجدع»، عند وصولهم للمكان أشعل أحدهم كشاف هاتفه المحمول فعرفوا أنها جثة «الطفل الشقيان».

بعد مرور يومين تعرض أحد السائقين لحادث مماثل، لكنه نجا منهم بأعجوبة، والذى توجه لمركز الخانكة ليخبر الرائد أحمد عبدالمنعم، رئيس المباحث بالواقعة، ومنها هنا كان ذلك بداية لطرف الخيط لكشف هوية التشكيل العصابى الذى تتزعمه سيدة منقبة برفقتها شخصان آخران، وعلى الفور انتشر رجال البحث الجنائى في المنطقة لجمع المعلومات عن تلك المرأة ذات الوشاح الأسود، وعقب أعداد كمين لها تم ضبطها وباقى أفراد العصابة، حيث إنهم جميعا من أسرة واحدة، ليعترفوا بارتكاب الواقعة.