الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بسبب اليأس والاكتئاب...الانتحار يطارد الشباب...جمال فرويز: الأسرة المسئول الأول...سامية خضر: يجب منح الثقة لأبنائنا في أنفسهم...وليد هندي: الفصام العقلي واضطرابات الشخصية أهم الأسباب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"الانهزامية".. الكثير من الشباب تتملكه روح اليأس والشعور الدائم بالفشل، وقد يدفعهم هذا إلى إنهاء حياتهم عن طريق الانتحار، ولا يعلم هؤلاء البؤساء أن الحياة متقلبة لا تسير على نمط ثابت، ولكل مشكلة حل ومهما طال الوقت سوف ينقضي الهم ويذهب البلاء، لكن الشباب الهش يحطمون أنفسهم مع أول اختبار حقيقي لتحمل المسئولية ومواجهة المشكلات، ودائمًا ما يظهر هؤلاء الشباب في البداية نوعًا من الصلاية، وكأن لا شيء يستطيع تحطيمهم، ومع أول اختبار حقيقي وحدوث حالة من الاكتئاب والأزمات النفسية يخضع هؤلاء الشباب لشياطينهم ويهربون من المشكلات إلى الموت.
"البوابة نيوز" تناقش ظاهرة تفشي انتشار جرائم قتل النفس والتي يكمن بداخلها الاكتئاب والأزمات النفسية من خلال عرض أحدث الوقائع التي شغلت الشارع المصري في الآونة الاخيرة، وتحليل أسبابها، واقتراحات أساتذة علم النفس والاجتماع لمواجهة هذه الظاهرة.



"بسبب خلاف مع والده".. "محمد" يلقي بنفسه من الطابق التاسع بالهرم
أقدم "محمد أ" في العقد الثالث من العمر، عاطل، على الانتحار قفزًا من الطابق التاسع بشارع فيصل العمومي بالمريوطية بدائرة قسم شرطة الهرم، بسبب خلافات مع والده حيث حاول أصدقائه منعه من الانتحار لكنه غافلهم وقفز، وتبين من خلال التحقيقات أن المتوفى ترك منزل أسرته بعد مروره بأزمة نفسية بسبب الخلافات، الأمر الذي دفعه للمكوث مع أصدقائه، ويوم الواقعة شعر بضيق فقرر الانتحار فقفز من الطابق التاسع، وتم نقل الجثة إلى مشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، تم تحرير محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيقات.
"كلام الناس" دفع "أمل" لشنق نفسها داخل غرفتها بقليوب
فشلت كل مخططات «أمل.م»، صاحبة الـ١٧ عاما، مقيمة كوم أشفين دائرة مركز قليوب محافظة القليوبية، في دحر أنظار الناس وكلامهم عليها لحصولها على لقب "مطلقة" وهى مازالت فتاة صغيرة، وأقدمت على الانتحار بعدما صنعت لنفسها "مشنقة" داخل غرفتها، وبسؤال أسرتها بمعرفة الأجهزة الأمنية أقروا أن المتوفاة تعانى من أزمة نفسية بعد طلاقها، وهو ما جعلها تقبل على الانتحار، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة، التى صرحت بتسليمها لذويها للدفن.



من جانبه أرجع الدكتور جمال فرويز استشاري نفسي أسباب تلك الوقائع إلى الأزمات النفسية التي يمر بها الشخص ومدى قوة تحمله لها والمرور منها، موضحا أن الوسواس القهري والاكتئاب السوداوي والفصام أمراض قد تقود صاحبها إلى ارتكاب جرائم القتل أو الأقدام على الانتحار في حالة عدم الاكتراث لعلاجهما.
وقال إن مريض الوسواس القهري قد يظهر أعراضا عضوية كالصداع وزيادة معدلات ضربات القلب والرعشة، لتوارد أفكار الانتحار والقتل في ذهن المريض، حيث يمر الشخص بحالة نفسية سيئة تجرده من التفكير السليم ونسيان الجوانب المشرقة في حياته والتفكير في كل ما هو سيئ الأمر الذي يقود صاحبه إلى الانتحار أو ارتكاب جريمة للهروب من الحياة.
وأشار الاستشاري النفسي إلى دور الأسرة الأهم في حياة هؤلاء الأشخاص واكتشاف المرض قبل وقوع الجريمة ومحاولة علاجه، حيث إن الأسرة هي أول من يستطيع كشف ذلك وميل هؤلاء المرضي إلى الانطوائية ثم الاكتئاب النفسي وبداية ظهور الهلاوس السمعية والبصرية فكل هذه الأعراض تظهر لذوي المريض قبل غيرهم.
ونصح بضرورة متابعة الحالة النفسية للأبناء خاصه في مراحل المراهقة وعدم الاستهانة بمشكلاتهم، والعمل على حل تلك المشكلات قبل تفاقمها، مطالبا بضرورة إقحام الشباب في الدور الاجتماعي للتغلب على الانطوائية والشعور بالتهميش.
وأكمل فرويز أن تعاطي المواد المخدرة أحد أهم الأسباب التي قد تدفع صاحبها إلى جرائم القتل وكذا الانتحار، حيث تجرد تلك المواد صاحبها عن العقل ويصبح غير مدرك لما يفعله، وشدد على ضرورة التوعية الإعلامية لما تمثله من جانب كبير في حل مثل تلك الأزمات، مستطردًا أنه على وزارة الثقافة دورًا كبير في توعية المواطنين من خلال المؤتمرات والندوات التثقيفية، جنبا إلى جنب مع وزارة التربية والتعليم في إعداد جيل يتحمل المسئولية ويعلم مخاطر الانحراف على الفرد والمجتمع على حد سواء.



وانتقدت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الإعلام وما يكتب على صفحات الحوادث واصفة تلك الصفحات بأنها تخون مسئولية الكلمة، وطالبت بكتابة وصف كامل للجريمة بعيدًا عن التشويق وضربت مثالًا قاله "أب يقتل ابنه" لا بد من وضع الحالة النفسية والاجتماعية للمتهم كإدمانه المواد المخدرة مثلًا، مؤكدة أن هذه المسألة خطيرة على ضعاف النفوس الذين ينساقون وراء تلك الأحداث.
وشددت خضر على ضرورة تفعيل دور العبادة ورجال الدين في توعية الأفراد مشيرة إلى أن بعض القنوات تتناول التفسير دون اقحام الأسرة الأم والأب في ذلك، وإبراز دورها في الحياة المجتمعية ككل
وأكدت أن المادة الإعلامية المتناولة والتي تذاع داخل البيوت تحرض على العنف والدماء ويراها الأطفال وهو ما يرسخ بداخلهم مبادئ العنف، وكذا الأغاني التي باتت لا تمثل قيمه ولا تحمل هدفًا غير جلب الأموال ولا تنتج سوى ضجيج.
وأضافت أن مصر أصبحت من أكبر ثلاث دول في التنمية والاستثمار، ولكن هناك اهتمامات أخري يجب وضعها في الحسبان وهي الفرد الذي تقوم عليه المنظومة ككل، مطالبة بضرورة التوعية بدور المرأة حيث إن هناك العديد من البرامج التي تعرض على شاشات التلفزيون تقوم بعرض عمليات التجميل ولا تمت للمرأة بشيء، فالدور الذي يجب أن يعرض هو الدور الأسري وكيفية التعامل مع الزوج والأطفال والتوعية الشاملة بالدور المجتمعي للمرأة.
وأكدت "خضر" ضرورة إعطاء الثقة للفرد وأنه يستطيع أن يكون أفضل، مشددة على دور المثقفين والاهتمام بهم وتوجيه العمل على تمثيليات تثقيفية عن دور الأسرة والمرأة، وكذا تشجيع المواهب والشعراء من النشء، فمصر ولاده بالنبغاء وضربت خضر مثالا لكل من نجيب محفوظ وطه حسين وكيف كان العالم يتعلم من علماء مصر؟، وكذلك بث روح الحب والتسامح بين أفراد المجتمع للوصول إلى الفضائل والبعد عن العنف ونبذه.



وأرجع الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك، تلك الحالات إلى الاكتئاب وفقدان القدرة على التوجيه وكذا حالات الفصام العقلى، واضطرابات الشخصية والحالة المزاجية السيئة، حيث يفقد الشخص ماهيته ويصبح كشخص اخر لا يستطيع قيادة نفسه والخروج بها من براثن الضعف والانكسار وينساق وراء التفكير الغير سوي ومن الأقدام على التخلص من نفسه أو ارتكاب جريمة. 
وأضاف هندي أن حالات الانتحار مرتبطة بالاضطرابات النفسية في غالبية الوقائع، ولكن أيضًا هناك وقائع تأتي فجأة أي عند حدوث أزمة يفكر الشخص ويقرر إنهاء حياته في نفس الوقت ويقدم على الانتحار.
ولفت إلى أن الانتحار ظاهرة عالمية، مؤكدا أن شعور هولاء الأشخاص باليأس يعد أيضا سببا رئيسيا في حدوث تلك الوقائع.
وأكد ضرورة إعادة الروابط الأسرية والاجتماعية بين الأفراد لانعكاس تلك الروابط على الحالة النفسية لدي البعض الأكثر حساسية وهشاشة، مضيفا أننا بحاجة إلى تفعيل جهاز الإرسال والاستقبال العاطفي لدينا وزيادة شعورنا بالآخرين، وكذلك منع وحجب المواد الإعلامية المحرضة على العنف وتفعيل الدور الإعلامي في التوعية الأسرية.



وقال الدكتور أحمد هارون أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن أسباب الانتحار هو شعور المنتحر بالخذلان من الآخرين حيث يتعرض الشخص لصدمة من آخر مقرب لديه فيشعر بالخذلان ويدخل في حالة نفسية سيئة تدفعه للتفكير في إنهاء حياته ثم تطورت تلك الأفكار إلى انتقاء طريقه للانتحار ومن ثم التنفيذ.
وأضاف أن إدمان الكحوليات والمواد المخدرة التي تذهب العقل أيضًا سبب رئيسي في حدوث تلك الجرائم، وكذلك التقليد الأعمى للأعمال السينمائية الهابطة والتي تحوي مشاهد خيانة زوجيه وتعاطي مواد مخدرة وكذا بلطجة، وطالب بضرورة التصدي لتلك الأعمال وإنتاج أعمال من شأنها حث المواطن على نبذ العنف ومكافحة الجريمة.
وأشار هارون إلى ضرورة التعامل النفسي السليم مع الشباب في سن المراهقة والشباب كذلك، والاهتمام بمراكز الشباب في القري والنجوع لتوعية النشء، مؤكدا على الدور الكبير التي تلعبه الأسرة والمدرسة في إعداد الأجيال القادمة، وضرورة متابعة الأبناء وتعليمهم منذ نعومة أظافرهم بمواجهة المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها وعدم الهروب منها.