الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القضية الفلسطينية والانتهازيون الجدد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنها بالفعل صفعة القرن؛ فقد أخذ الأسد الأمريكى يفكر ويفكر، ثم قدم بخبث ودهاء حلا مشوها للقضية الفلسطينية في ظاهره الرحمة وفى باطنه العذاب، يبشر بإعلان رسمى عن دولة فلسطينية عبر حل الدولتين، ولكنها دولة منزوعة الدسم بسبب السم الموجود في صفقة القرن، التى ينحاز فيها تماما ترامب لدرجة الانبطاح لكل الرغبات والأطماع الإسرائيلية بالأراضى العربية، وللأسف يريد الرئيس الأمريكي أن نشاركه الانبطاح بالرضا بالقليل من الأرض مع جزرة الـ٥٠ مليار دولار، التى يعد الفلسطينيين بها كاستثمارات ودعم في حالة موافقتهم.
وبصراحة لسنا كعرب ضد الحل السلمى للقضية الفلسطينية، ونتمنى ذلك ولدينا بالفعل حل عربى للقضية يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية قدمته الجامعة العربية؛ فنحن جميعا نحلم بدولة ينعم أشقاؤنا الفلسطينيين بالعيش بها آمنين مستقرين، ولكن الدولة التى يعرضها ترامب عبر صفقته لا تصلح إلا أن تكون مجرد اقتراح وتصور لحل وبداية مفاوضات تقدمه أمريكا، وليس عقد إذعان أى بقبول الصفقة كلها أو رفضها كلها، وهذا لصالح كل من الفلسطينيين والإسرائيليين ليكون السلام دائما ترضى به كل الأطراف، أما السلام المشوه والدولة الفلسطينية المشوهة فهذا ليس إلا بوابة جديدة للجحيم الذى سيعيشه الفلسطينيون والإسرائيليون نعم استمرار الضغينة والعداء بسبب الشعور بالظلم.
والحقيقة أننا نعيش في عصر الانتهازيين الجدد من نوعية ترامب وأردوغان، الذين يرفعون شعار «أنا ومن بعدى الطوفان»، يؤمنون بالميكافيللية، يسعون لخلق حالة من الفوضى لأجل تحقيق مصالح بلدانهم دون النظر لمصالح الآخرين؛ فقد رأينا خلال الأعوام الأخيرة الدمار الذى تعرضت له دول العراق وسوريا وليبيا فأمريكا عبر هذا الخراب تهيئ المسرح السياسى أمام إسرائيل لتكون هى القوة الوحيدة في الشرق الأوسط فيما يحلم أردوغان في أن يكون سيدا مسيطرا على البلدان العربية ليغرف من ثرواتها ويتحكم في شعوبها. 
وبالطبع لم يتم وضع أى اعتبار بالدمار الذى لحق بمدن العراق وسوريا وليبيا؛ فالغاية تبرر الوسيلة والثروات العربية كنوز يرى الطامعون أنه يجب الاستيلاء عليها، ورأينا كيف تم الاستيلاء على ذهب العراق وملياراته من الدولارات بالبنوك، وأين ذهبت تلك الأموال، وكيف رأى ترامب أنها حق من حقوق بلاده ثمنا للحرب التى شنتها بلاده، بحجة امتلاك العراق أسلحة نووية، فيما قام أردوغان بدعم قطرى بشحن الإرهابيين للعراق وسوريا وليبيا، لتكون تلك الدول بوابته نحو كل البلدان العربية، وفى المقدمة قلب العرب النابض مصر؛ فإذا خضعت الأخيرة قل على العرب السلام، وأصبحت تركيا هى سيدة العرب، ولكن القيادة المصرية وجيش مصر العظيم حول أحلام أردوغان إلى كوابيس.
وما زالت لعبة «القط والفأر» مستمرة بالمنطقة العربية التى تغلى نتيجة المؤامرات التى تحاك للبلدان العربية لتدميرها؛ فالعراق غير مستقر، فالإرهابيون رغم طردهم إلا أن فلولهم ما زالوا ينخرون ويعملون لخلخلة أركان الدولة التى يسيطر الإيرانيون على مفاصلها؛ فالفرس هم الآخرون لهم أطماعهم، فيما تبدو أصابع أردوغان القذرة واضحة في سوريا عبر استمرار دعمه للإرهابيين وسيطرته على الشريط الحدودى وكيده للأكراد بخلاف أطماعه الواضحة في ليبيا بترولا وغازا وأرضا ومالا، والتى يعتبرها من الأملاك القديمة لتركيا، وللأسف رأينا في ليبيا من يقدم مفاتيح بلاده حلالا بلالا في خيانة واضحة وخسة إلى المخبول أردوغان؛ فالسراج رئيس حكومة الوفاق الليبية ليس لديه مانع من التضحية ببلاده مقابل استقرار كرسى الحكم له ولجماعاته الإرهابية المدعومة من تركيا وقطر، فيما الغريانى مفتى ليبيا السابق الذى يعيش آمنا ناعما في اسطنبول، يدعو شعب بلاده لمحاربة جيشه الوطنى ودعم الجماعات الإرهابية، ولا أدرى كيف يفكر هذا الرجل الذى سقط كما أرى في بئر الخيانة.
وللأسف نحن نعيش في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل، وأصبحت السبوبة هى الطعم الذى يتم عبره اصطياد عشاق المال من الإرهابيين والإعلاميين المأجورين، وكم أدهشنى فيديو مذيع قناة الخنزيرة جمال ريان، وهو يبكى حزنا على فلسطين، مهاجما بعض الدول العربية التى رأى أنها باعت القضية الفلسطينية، مع العلم، أن الكل يعرف من باع القضية ومن يتاجر بها ومن يعتبرها سبوبة لنيل المعونات والدولارات والعيش في هناء وتبات، منتظرا غيره أن يحرر له أرضه مكتفيا بالكفاح عبر الميكروفونات، متسلحا برصيد ضخم بالبنوك من الدولارات وجميع العملات، مرتديا أفخم الماركات، متعطرا بأغلى العطور، فيما الشعوب التى جاعت بسبب القضية الفلسطينية التى كانت وما زالت وستظل أبد الدهر قضية العرب الأولى، وصرفت الغالى والنفيس من الأرواح والأموال لأجلها، مثل مصر تعانى شظف العيش، فيما دعمت دول الخليج وفى مقدمتها الإمارات والسعودية الفلسطينيين بمليارات الدولارات، بخلاف المعونات، ولم تجد تلك الدول هى الأخرى سوى الجحود، فيا ليت من ينعمون بالرفاهية والعيش الرغد بالخارج من أمثال جمال ريان، يعودون لبلدهم فلسطين، ليعملوا مع المناضلين الحقيقيين الصامدين المتشبثين بأرضهم من أبناء شعبهم على تحرير بلدهم إن كانوا يريدون هذا فعلا، ورحم الله الشهيد السادات «بطل الحرب والسلام»، الرجل الذى كان سابقا لعصره وقدم الحل فأحلوا حياته.