قال الدكتور على الدين هلال، المفكر السياسى الكبير، إن العالم يمر بمرحلة اضطراب لا سابق لها، ومن نوع جديد، جوهرها تغير توازن القوى عالميًا، لافتا إلى أن النظام العالمى عاش لمدة 40 عامًا منذ الحرب العالمية الثانية، على أساس أن أمريكا هى القوى العظمى الوحيدة، وكان إنتاجها يمثل 50% من الناتج القومى العالمي، وقادت العالم بوجود أكثر من 100 قاعدة عسكرية لها في معظم دول العالم، وانتشار جنودها في هذه الدول، فهى تمتلك أكبر تجارة وأساطيل وتسليح، ومن ثم كان هناك توافق بين القدرات العسكرية الأمريكية والدور السياسى الأمريكى من ناحية، وقدراتها الاقتصادية من ناحية أخرى.
وتابع هلال، في حواره لـ"البوابة نيوز"، أن دور أمريكا تراجع في العشرين عامًا الأخيرة، حيث استنزفت القدرة الاقتصادية الأمريكية، وأصبحت تنتج 18% من الناتج العالمي، وتصاعدت الصين كقوة اقتصادية، فأصبحت الولايات المتحدة تلعب دورًا سياسيًا وعسكريًا لا يؤهلها له قدراتها الاقتصادية، ومن ثم بدأت تتحدث على استحياء بدعوة الدول للمشاركة في الأعباء الأمريكية، إلى أن جاء عهد «دونالد ترامب»، فتحدث بصراحة «لازم تدفعوا»، وفرض 3% من ميزانية كل دولة تخصص للإنفاق الدفاعى وتوفير ميزانية حلف الأطلنطي، من كل حلفائه بما فيهم الدول العربية الثرية.
ونوه إلى أن أمريكا الآن تشعر بالأزمة، بعد تصاعد قوة الصين الاقتصادية، وفى نفس الوقت إعادة إحياء القوة الروسية عسكريا واستراتيجيا، وظهور مجموعة دول «البريكس»، مشيرا إلى أن الصين تنشئ كيانات عالمية اقتصادية، توازى الكيانات العالمية الأمريكية، وتطرح وتنفذ مشروع «الحزام والطريق»، الذى يعتبر مفهوما وتصورا آخر للعولمة.
وأوضح أن الاضطراب العالمى له مظاهر عديدة، منها عنف الولايات المتحدة مع الخصوم والحلفاء، فمثلا ضغطت واشنطن على حلفائها ألمانيا وفرنسا، لتأييدها في قراراتها ضد إيران، أو فرض 25% ضريبة على السيارات الواردة منهم، وهذا تهديد اقتصادى مباشر، وبالفعل تغير الموقف الأوروبى نسبيًا، فهى تريد أن يلتف حولها حلفائها الأوروبيين.
