الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أهداف الديكتاتور العثماني في ليبيا.. تمزيق النسيج الاجتماعي الليبي.. إحياء تنظيم الإخوان الإرهابي.. والسيطرة على الموارد الاقتصادية في ليبيا فتح بوابة للدخول إلى أفريقيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ وقت بعيد ويحاول الديكتاتور العثمانى الوصول إلى موضع قدم في القارة السمراء، لأسباب اقتصادية وإستراتيجية للتغطية على فشله في الداخل، أو لاستعادة الخلافة المفقودة، فهوس وجنون أردوغان، واللعب بالنار؛ كل ذلك تبرره مزاعمه أن شمال أفريقيا كان إرث أجداده العثمانيين، وهو ما أكدته التصريحات الاستفزازية لرجب طيب أردوغان، الذى قال إن «تركيبة ليبيا السكانية تحوى مليون نسمة من أصول تركية»، وهذه كذبة أخرى تضاف لأكاذيب أردوغان وتلاعبه بالديموغرافيا، ومحاولة تمزيق النسيج الاجتماعي الليبى وحشر نفسه بوجود من هم من أصول تركية، رغم أن آخر إحصاء أعدته السلطات الإيطالية يشير إلى أن بقايا الأتراك في ليبيا لا يتجاوزون 35 ألفًا.



وقام السلطان الحالم التركى بدفع المرتزقة السوريين إلى أتون الحرب في ليبيا لدعم حلفائه ميليشيات الإخوان القوى الحقيقية لحكومة الوفاق ومنع سقوطهم الوشيك، بدعمهم بمقاتلين سوريين، تم جلبهم من مدينة غازى عنتاب التركية من فيلق الشام وفصيل «السلطان مراد»، وهو من المقاتلين السوريين الموالين لسلطان العثمانيين الجدد أردوغان.
فلا شك أن تدخل أردوغان في ليبيا يعد مغامرة ومقامرة، واستخدام الدولة التركية، وتعريض جنودها للخطر والموت في ليبيا لنصرة تنظيم «الإخوان»، فليبيا ليست في حالة حرب مع تركيا، ولا هى في حالة نزاع حدودي، ولا هى تشكل خطرًا على الأمن القومى التركي، إذن لماذا الزجّ بالدولة التركية في حرب خاسرة بليبيا لتنظيم مفلس؟!
وهمُ أردوغان بعودة العثمانية، عبر مشروع أردوغان الوهمى لابتلاع المتوسط، الذى أطلق عليه «الوطن الأزرق»، يُعتبر أكبر عملية تزوير وتلاعب بالجغرافيا عرفها التاريخ، وهى المحرك الرئيسى لأفعال أردوغان ومطامعه الحمقاء، التى وجدت في أتباع البنا وقطب، مطية مناسبة له لتحقيق حلمه بالخلافة المزعومة.
مغامرة أردوغان في ليبيا تستمر في ظل صمت دولى مريب، رغم التحذير الخجول للرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، كما أعلن البيت الأبيض، بأن «ترامب حذر الرئيس التركى أردوغان من التدخل العسكرى في ليبيا، وأن التدخل الأجنبى في ليبيا سيؤزّم الأوضاع»، بينما نائب رئيس لجنة الدوما الروسى للشئون الخارجية، ديمترى نوفيكوف، قال إن «التدخل العسكرى التركى في ليبيا سيزيد من تأزم الأوضاع، وسينعكس سلبًا على الشعب الليبي».
وقف الأمريكان والإنجليز في حالة صمت عجيب أمام عبث أردوغان والتهديد بإرسال قوات إلى طرابلس، وكأنهما في حلف أردوغان، ولو بالصمت والإشارة، لفرض تسوية بمقاس أمريكى إنجليزي. 
سيحارب أردوغان في ليبيا بالمرتزقة الأجانب، بقيادة حامية تركية سيرسلها إلى طرابلس؛ بوصول عدد كبير من المقاتلين السوريين إلى ليبيا، عن طريق رحلات جوية غير مسجّلة، وقد هبطت ٤ طائرات تحمل مقاتلين سوريين وأجانب موالين لتركيا في مطار معيتيقة، وفق مصادر متعددة، ومنها إذاعة «إر إف إي» الفرنسية.
فلا شك أن ليبيا ذات أهمية اقتصادية بالنسبة لكل من المشروع الإخوانى التركي، وفى الوقت نفسه ذات ظروف مثالية لإغرائهم بالسيطرة عليها، إذ يمثل ضعف المؤسسات الحكومية وكثرة مواردها فرصة لتمويل مشاريعهم.
تعود أهمية ليبيا لتركيا إلى دعم الأخيرة لتنظيم الإخوان الذى يضع ليبيا على رأس أولوياته. وتدرك تركيا أن هذا التنظيم يتساقط في الإقليم، ولكنها مصرة على إعادة إحيائه، لذلك تقوم أنقرة بتوفير السلاح والطائرات بدون طيار، ثم أعلنت مؤخرًا استعدادها لمد الجبهة الغربية في ليبيا (الميليشيات) بالجنود.
وهناك تاريخ طويل للدور التركى في تعقيد الأوضاع في ليبيا بسبب أطماع استعادة الخلافة العثمانية وحسابات الاقتصاد الآنية، حيث قدمت تركيا الحماية للقيادى السابق في الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج، الملاحق من القضاء الليبى وأحد أبرز الشخصيات المطلوب اعتقالها، بعد ثبوت تورطه بعدة هجمات على منشآت عمومية ليبية وارتكابه لجرائم زعزعت استقرار ليبيا.
كما تقيم في تركيا قيادات من مجلس شورى بنغازى المصنّف «تنظيما إرهابيا»، أبرزها طارق بلعم وأحمد المجبري، اللذان منعت السلطات البريطانية، في نوفمبر ٢٠١٧ دخولهما إلى أراضيها بتهمة التطرف، وقامت بترحيلهما إلى تركيا، التى منحتهما إقامة دائمة.
ويوجد على الأراضى التركية عدد من قيادات جماعة الإخوان الذين يتمتعون بحماية النظام التركي، من بينهم عضو المؤتمر الوطنى العام المنتهية ولايته «محمد مرغم»، الذى سبق أن طالب بضرورة تدخل تركيا عسكريا في ليبيا ضد الجيش الليبي، في تصريح جرّ عليه انتقادات كثيرة واتهامات بـ«الخيانة العظمى».
تنوع التدخل التركى في ليبيا بين التمويل والاحتضان والإيواء والحماية للجماعات الإرهابية، ومنها جماعة الإخوان، والسبب هو نزعة الهيمنة والنفوذ التركى التى تنطلق من التطلع لاستعادة الإمبراطورية العثمانية الثانية، التى تقاطعت مع مشروع الخلافة الإخواني، ما جعلهما حليفين، يستخدم أحدهما الآخر.
لكن الرهان التركى على الإخوان في ليبيا ليس مردّه فقط التطلع نحو استعادة الريادة الإخوانية، بل إن المعطى الاقتصادى مثّل عاملا مهما في هذا الخيار. حيث بدأت تركيا بالتغلغل في النشاطات الاقتصادية لعدد من المؤسسات الليبية في وقت توقفت مشاريع بمليارات الدولارات منذ عام ٢٠١١.
وبات التحرك التركى تجاه الاقتصاد باللون السياسى في ليبيا واضحا بعد زيارة سفيرها سرحت اكسن في مارس ٢٠١٩، لعدد من المؤسسات المالية والاقتصادية في الفترة القصيرة الماضية من بينها لقاؤه برئيس وأعضاء الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة واجتمع سرحت حينها مع محافظ مصرف ليبيا المركزى الصديق الكبير لبحث التعاون الاقتصادى وسط غياب ممثلين اقتصاديين من دولة تركيا خلال هذه الاجتماعات.
وفى الوقت نفسه، أعلنت جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين في تركيا واسمها «موصياد» عن افتتاح مكتب لها في ليبيا دون إيضاح خطتها الاقتصادية، وجاء هذا وسط تراجع الليرة أمام العملات الأجنبية من بينها الدينار، الأمر الذى يفتح تساؤلات كبيرة من بينها هل تحققت المؤسسات الليبية من مصادر التمويل وتطبيق كافة المعايير التجارية الخاصة بفتح هذه النوعية من المكاتب.
يرى مراقبون أن التمدد التركى في القرن الأفريقي صار علامة فارقة تتزامن مع التشبث بالملف الليبى ومحاولة إيجاد منفذ أو موطئ قدم وذلك من خلال القناة الإخوانية وتسويق مشروع الإسلام السياسي.
بهذا المعنى لا يمكن قراءة الدّور التركى في ليبيا، خارج استثمارها المالى في الخراب الليبي، إمّا في اتجاه بحثها عن الأسواق وإعادة الإعمار ودخول أفريقيا، أو باستقطابها للرساميل الإخوانية والجهاديّة وتدوير المال الليبى المهرّب في اقتصادها المحلّي.