الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أبو الغيط يتهم إيران وتركيا بـ"البلطجة" وتجاوز الخطوط الحمراء في المنطقة

أحمد أبو الغيط الأمين
أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن إعادة التموضع الأمريكي في المنطقة يُغري قوى إقليمية معينة بتجاوز الخطوط الحمراء على نحو غير مسبوق، وبقدر من الاجتراء الذي يلامس حد البلطجة، موضحا "رأينا هذا في السلوك الإيراني والاعتداءات التي مارستها في الخليج العربي، بالأخص في الصيف الماضي ونراه اليوم من جانب تركيا، في سوريا ثم مؤخرًا في ليبيا"، جاء ذلك في كلمته اليوم أمام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بحضور الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
وأضاف أبو الغيط، في كلمته "إيران وتركيا وإسرائيل، كل منها تُشكل خطرًا داهمًا على الأمن القومي العربي، بصور مختلفة ودرجات متفاوتة، وإن كان بين كل منها تقاطعات؛ فبقاء القضية الفلسطينية من دون حل يُضعف من قدرتنا على التصدي لإيران التي طالما استغلت هذه القضية بقدر لا مثيل له من الانتهازية السياسية، والتهديدان الإيراني والتركي يتقاطعان على الأرض السورية، والتهديد التركي صارخ في ليبيا، بل وأضيف إلى هذه الفئة كذلك التهديد الإثيوبي لمصادر المياه في الدولة العربية الأكثر سكانًا، وهو أيضًا تهديد للأمن القومي العربي في مجموعه".
وأوضح أبو الغيط، أن الإقليم العربي ربما يكون الأكثر تعرضًا للتهديد بسبب التغيرات المتسارعة في قمة النظام الدولي، وهو ما يحتم علينا التفكير -بعقل مفتوح- في خيارات مختلفة لتعزيز أمننا في المرحلة القادمة.
وشدد أبو الغيط، على أن التفكير التقليدي لا يصلح مع أوضاع غير تقليدية، وإن الاستراتيجيات التي اعتمدنا عليها خلال العقود الأربعة الماضية لا بد أن تتغير، لأن الأوضاع ذاتها تتغير على نحو جوهري ومتسارع ولا بديل عن تعزيز قدراتنا الذاتية على مواجهة التهديدات في عالمٍ من المحتمل أن يصير أكثر فوضوية، من دون قواعد حاكمة مطبقة أو أعراف ناظمة يؤخذ بها.
وتابع: "إن استعادة الأمن الجماعي العربي تُعد مفتاحًا أساسيًا للتعامل مع حالة اللايقين"، مؤكدا أنه لا يمكن أن تجتمع عناصر القوة هذه من دون أن تضع الدول العربية أولوياتها الأمنية على الطاولة، بصراحة تامة وشفافية كاملة، وبحيث تقتنع كل دولة بأن الأمن الجماعي العربي لا يتحقق سوى بتلبية هذه الأولويات جميعًا، من دون تمييز بينها؛ لأن أمننا القومي العربي هو حاصل أمن كل دولة على حدة.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه من المهم والضروري أن يكون لنا حلفاء، فأي استراتيجية أمنية ناجحة تقوم على توسيع رقعة الحلفاء، وأن التحالفات مع الخارج لا بد وأن تتأسس على قاعدة صلدة من الأمن القومي العربي المشترك.
ونوه بما أثارته وسائل التواصل الاجتماعي من حالة من الاستقطاب العميق داخل البلدان، المتقدمة والنامية على حد سواء، معتبرا أن الأثر السلبي يكون أشد في حالة البلدان التي تُعاني انقسامات حادة، طائفية أو سياسية أو حتى على مستوى الأجيال، ومنها بعض بلداننا العربية.
أما فيما يتعلق بالمناخ، فقال أبو الغيط: "يبدو أن العالم يتحرك بسرعة نحو نقطة اللاعودة، والتي قد لا تُفلح عندها أي إجراءات في تفادي الإبقاء على الاحترار العالمي تحت مستوى درجتين مئويتين، ويقول الخبراء إن هذه النقطة قد تأتي في عام 2035.. وهنا؛ فإن ما يهمنا أن الدول النامية والفقيرة ستكون الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، في صورة جفاف أو غمر للمناطق الساحلية، أو تراجع في الإنتاج الزراعي، والمنطقة العربية، كما نعلم، هي أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، وهي تحصل على أغلب احتياجاتها الغذائية والمائية من خارجها، وهو وضع يعرضها لمخاطر وتهديدات في المستقبل، قد تكون لها انعكاساتها الاجتماعية والسياسية، وليس فقط الاقتصادية أو البيئية.
وأشار إلى أن الهجرة قد تكون القضية الأهم في عالم اليوم، وبرغم أن نسبة المهاجرين من سكان العالم ثابتة تقريبًا منذ عشرين عامًا عند 3%، إلا أن قضية الهجرة صارت تثير استقطابًا أكبر داخل المجتمعات الغربية على وجه الخصوص؛ بسبب استغلال بعض الأحزاب لها سياسيًا، وأيضًا لارتباطها بمتاعب الطبقة الوسطى، وكذلك بسبب التركيز المتزايد على "الهوية الثقافية"، علمًا بأن المجتمعات الغربية، وكذلك الصين واليابان، ستحتاج في المستقبل القريب إلى استقدام مهاجرين لوظائف عالية المهارة؛ بسبب ما تفرضه اعتبارات شيخوخة السكان من ضغوط على قوة العمل في هذه الدول.
وتابع: "ربما يحمل هذا التوجه تهديدًا جديدًا لمجتمعاتنا العربية المُستنزفة بالفعل من هجرة العقول والكفاءات التي قد تتصاعد للأسف في المستقبل بحثًا عن أوضاع اقتصادية أفضل، وتشير الإحصائيات الحالية إلى أن نحو 100 ألف من العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء يهاجرون كل عام من ثمانية أقطار عربية، وهناك نحو 20 مليون مهاجر من منطقة الشرق الأوسط يعيشون خارجها، من بينهم نسبة كبيرة من الكفاءات الممتازة، والخطر كل الخطر أن تواجه المنطقة العربية نزيفًا أكبر للكفاءات في ظل ما ستقوم به الدول المتقدمة من "اصطياد العقول"، فرغم أن الدول الغربية لا تُريد المزيد من اللاجئين، إلا أنها تسعى بقوة وراء مهاجرين من ذوي الكفاءات العالية، والحقيقة أننا عندما نتأمل هذه الظواهر المحركة للاضطراب -التكنولوجيا والتغير المناخي والهجرة- فإننا نجد أنفسنا أمام مشهد لنهر غاضب ومضطرب، أو لسيل عارم متدفق، قد يتحرك في أي اتجاه، قد ينجح الناس في تحويل مساره إلى قنوات ومجارٍ تعود بالخير والنماء، وقد يتحول السيل إلى قوة تدمير وخراب للعمران.
وأشاد أبو الغيط، في نهاية كلمته بمركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، قائلا "إنه واحد من بيوت الفكر المعدودة في العالم العربي التي نجحت في صناعة اسم معتبر في مجال الدراسات الاستراتيجية، وهو مجال تشتد الحاجة إليه في عالمنا العربي في هذه اللحظة بالذات من تطور النظام العالمي وتسارع المتغيرات على الصعيد الإقليمي حيث تتباين القراءات لما هو قادم.. وتتناقض التقديرات لما يمكن فعله حيال هذا القادم المجهول".