الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الناسخ والمنسوخ والعبث بكتاب الله!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 106].
• وفى لغة القرآن (الآيات) معناها (المعجزات الحسية التى يراها الناس بأعينهم)، والتى يعطيها الله لأحد أنبيائه أو رسله ويخصه بها لتسهيل مهمته أو لدعم موقفه أو لتخويف الجاحدين. 
• والنسخ أي (الإعادة والتكرار) والنسخة هى صورة مكررة مشابهة لأصل ما، والنسيان أى (الإلغاء والإسقاط) ويكون النسخ بمعنى التكرار أو يكون النسيان أى الإلغاء حسب القرآن (للآيات) أى للمعجزات التى يأتيها الله لأنبيائه ورسله وفى هذه الحالة يأتى الله بأفضل منها أو مثلها. 
• ولقد أتى الله موسى تسع آيات (تسع معجزات) (بينات) رآها قومه بأعينهم، قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء ١٠١]. 
• وقال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) يس، وقال الكفار للنبى {مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء: 154].
• وقال تعالى شارحًا وموضحًا للنبى محمد عدم إرسال معجزات حسية يراها الناس له: {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء: 59]. 
• وقال تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ} [الرعد: ٢٧].
• {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [العنكبوت: 50].
• وقال تعالى لنبيه {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِى الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِى السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام: 35].
• والمعنى المباشر في الآية التى بدأنا بها المقال، أن الله قد يكرر أو يلغى (معجزة) كان قد خص بها أحد الأنبياء وأنه يأتى بأفضل منها أو مثلها لنبى آخر وأنه على كل شيء قدير طبعًا. 
• والآية بمعنى المعجزة، والآيات بمعنى المعجزات، وليس لها علاقة بأية أحكام دينية وردت في سور القرآن أو جاءت ضمن الرسالة المحمدية كما يتصور البعض والنسخ لا يعنى أبدا الإلغاء كما يزعمون بل التكرار. 
• وإذا افترضنا جدلًا أن لفظة (آية) في القرآن تعنى جزءا من سورة ولا تعني (معجزة) وأن تلك الآية تحوى ضمنها حكمًا معينًا من أحكام الشريعة فإننا يمكن أن نقول وفقًا لهذا التفسير، إن النسخ سيكون معناه (الإبقاء على الحكم من شريعة سابقة) والنسيان معناه (إلغاء حكم من شريعة سابقة) ونأتى بخير منها معناها (تطوير الحكم كان موجودًا في شريعة سابقة)، ولقد تصور البعض أن الله يسقط حكما أو يغير حكما أو يكرر حكما داخل الرسالة ذاتها وهذا غريب وعجيب جدًا!!!!
• وإذا راجعنا النظام العقابى في الشرائع السماوية أو عقدنا مقارنة بسيطة بين العقوبات الربانية في شريعة سيدنا موسى وما ورد من عقوبات إلهية في الشريعة المحمدية فإننا سنلاحظ ببساطة شديدة أن تكرار الأحكام أو تغييرها أو إلغائها يكون من شريعة سماوية إلى أخري، ولا يحدث ذلك أبدًا داخل الشريعة الواحدة فليس واردا أن يغير الله في أحكام الشريعة الواحدة، بينما من الطبيعى جدا والمنطقى أن يغير من شريعة إلى شريعة أخرى. 
• وبينما يعنى النسخ، التكرار نجد المفسرين يتعاملون مع النسخ على أن معناه (الإلغاء) والتغيير، وهذا عجيب، ويزعمون بأنه يكون داخل الرسالة الواحدة نفسها وهذا عجيب أيضًا هذا وقد عرض ذلك الفهم الرسالة المحمدية إلى كثير من العبث بينما نرى أن لكل آية مقصدها وموضوعها ومحلها ولم يلغ منها حكم بل إن لكل آيه مجالها الذى تعمل فيه. 
• والنسيان أو الإلغاء لحكم كان موجودا في شريعة سيدنا موسى ولم يأت ضمن شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مثل إلغاء الإعدام في عقوق الوالدين أو إلغاء الإعدام في اللواط أو المثلية الجنسية العلنية. 
• والنسخ بمعنى تكرار حكم من شريعة موسى إلى شريعة محمد مثل عقوبة القتل العمد (القصاص) وهى عقوبة واحدة في الشريعتين.
• ونأتى بخير منها أى تطوير حكم كان موجودا سابقا في شريعة سيدنا موسى مثل (الزنا) مثلا، فالزنا واللواط وعقوق الوالدين في التوراة كانت عقوبتها الإعدام بينما عقوبة الزنا في الشريعة المحمدية تم تخفيفها إلى ١٠٠ جلدة وفضيحة { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) النور
• واللواط في شريعة سيدنا محمد (ص) تم تخفيفه من الإعدام للاثنين إلى (الإيذاء) قال تعالى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} (النساء: الآية 16).
• بينما قتل النفس عقوبته قصاص في الشريعتين. 
• بينما اختلفت عقوبة القتل الخطأ، ففى شريعة موسى كانت عقوبته (النفى) والإبعاد، ثم تطورت في شريعة الرسول محمد (ص) إلى عتق رقبة أو صيام شهرين متتاليين.
• قال تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ‏}... إلى قوله: {‏فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [‏سورة النساء‏:‏ آية 92‏]‏‏.
• مقارنه بسيطة بين أحكام شريعة موسى وشريعة محمد ستلاحظ أن الإعدامات قلت من 16 إعدام إلى إعدام واحد فقط (القصاص) في القتل العمد في الشريعة المحمدية ولذلك قال الرسول الخاتم عن شريعته (بعثت رحمة مهداة). 
• وعلى سبيل التطوير والتغيير قال نبى الله عيسى أيضا لبنى إسرائيل عن أحد أسباب بعثه لهم {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} 50 آل عمران
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف: 157]، لاحظ {يضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم}. 
• وأنت عندما تناقش أحد رجال الدين سيحتار دليلك ولن تصل إلى شيء وستفاجأ بقوله: إن هذه الآية نسخت وأن تلك الآية نسخت، وأن ما تحاول الاستناد له من آيات الله سوف يخبرونك على الفور بأنها كلها (ألغيت) وتم استبدالها بأخرى، فالنسخ عندهم معناه الإلغاء وليس التكرار!!
• فكل آيات الوصية مثلا والتى (فرضها) الله على المؤمنين وجاءت بصيغة {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [سورة البقرة : 180].
• وقال تعالى {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9] سيدعون أنها قد نسخت أى ألغيت (وفقا لمعنى النسخ لديهم) بقوانين المواريث دونما إدراك أن قوانين المواريث أنزلها الله لمن وافته المنية فجأة ولم يكتب وصية. 
• لكن هناك ما هو أخطر فأنت إذا قلت لمشايخنا إن الله قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(62) سورة البقرة، سوف يخبرونك بأنها ألغيت أيضا ونسخت وسوف يدخلون كل أهل الكتاب الحاليين النار حتى لو كانوا موحدين ويعملون الصالحات وهذا عجب العجاب!!