الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبداعات.. «وسواس» قصيدة لـ«الشاعر العراقي علي محمود خضير»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا معنى لهذا الوسواسِ غيرُ احتراقِ اليابسِ والأخضر من شجرةِ العمر.
كما تُقبِلُ على بيوتٍ متشابهةٍ فتتداخلُ عليكَ أبوابُها وروائحُ ساكنيها
وأيُّ معنىً لاختلاسكَ لحظةَ استرخاءٍ بينَ ساعاتٍ طوال
وأنتَ تصكُّ على أسنانكَ ورأسكَ.
أيُّ معنىً من انتظارِ موتٍ قادمٍ لا محالة.
من اكتشافِ أن يَدكَ لا تُعينكَ على كتابةِ سطرٍ واحدٍ.
أو من اشتياقٍ لا يُفضى إلا لوخزةٍ باردةٍ أيسرَ صَدرِكَ.
ومُذ كانَ الموتُ ديناصورًا لا يطلعُ إلا من كتبٍ بأغلفةٍ خضراءَ، ويرتمى بهيئةِ تابوتٍ على رصيفٍ ضيق، كنتَ يَومها طِفلًا كاملَ الجهالةِ وكانَ رُعبُكَ دينارُ ذهبٍ فى صرّةِ بخيل.
وأنتَ، عبدُ الغدِ
نسّاءُ الأمسِ
كافرُ اللحظةِ
يا من تستدعى أشباحَكَ واحدًا بَعدَ واحدٍ لتفرشَ بِهم ليلَكَ. وتجرُّ غَدَكَ بوسواسِ أمسِكَ. قديمةٌ نُدُوبُكَ وساخنةٌ.
فكابُوسُكَ الطفلُ لا زالَ يشربُكَ على عجالةٍ منذُ عشرينَ أو أقلّ، يشربُكَ ثم يُعيدُكَ إلى الكأسِ نفسها وهو يَضحك.
وخيبتُكَ عينُ أعمى صَدّقَ بِوعدِ ظلمةٍ أسرّتهُ بفرارِها فأَمِن، ليفتحَ عينَهُ على ظلمةٍ.
كخيبةِ طفلٍ يلهو بطينٍ لن يصيرَ تمثالًا مهما دَعَكهُ وتمنّى.
قديمةٌ نُدُوبُكَ وساخنةٌ.
وأنتَ، قفّاءُ آثارِ الغائبين
الراحلونَ إلى الهناك
لا فىء فى قوادمِ أيامكَ
فلا تهدرْ منَ الهنا الكثير
وتَوَقَّ.
أما رعبُكَ فحياتُكَ.
توأما حزنٍ لن يفترقا حتى يعبرا الممرَّ الأخيرَ.
وأمّا أنتَ فحيرةُ طفلٍ أمامَ بيوتٍ متشابهةٍ،
شجرةٌ كسلانةٌ يَحترقُ فيها اليابسُ والأخضر
وتعبثُ الريحُ بثقوبها دون معنى.