الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بورتريه| الفنان حامد ندا رائد التصوير الجدارى في مصر

الفنان حامد ندا
الفنان حامد ندا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتأثر الشخص كثيرًا بالمنطقة المُحيطة به، ويختلف هذا التأثير باختلاف الظروف وطبيعة الشخص نفسه، فى الحلقة الثانية عشرة من «بورتريه» تعرض «البوابة نيوز» حكاية فنان انتقل من حى القلعة العريق بالقاهرة الذى وُلد به إلى أحد الأحياء القديمة التى اتسمت بسيطرة الخرافات والدجل والفقر على أبنائه، هو الفنان «حامد ندا».
تأثر «ندا» كثيرًا بالحى الجديد الذى سكنه، فما كان منه إلا أن يُعبر عن مشاعره الحزينة من جهة والمأساوية تجاه ما يراه من جهة أخرى، فكانت لوحاته دائمًا تتميز برسمه للأشخاص ذوى الملامح المُثقلة بالإحباط والاستسلام للخرافات والمجهول وكانت تبدو وكأنها مجسمات نحتية، وهذه هى كانت طبيعة أعماله الأولى من قبل تخرجه فى كلية الفنون الجميلة. بدأت المسيرة الفنية الحقيقية عند «حامد ندا» مع تخرجه فى الكلية الملكية للفنون الجميلة، وهو فى السابعة والعشرين من عمره، فكان يُطلق عليها حينها هذا الاسم حتى تحولت من جديد بعد عامين إلى كلية الفنون الجميلة أى بعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٣.
خلال فترة تخرج الفنان «حامد ندا»، ظهرت جمعية أدبية مصرية تضم مجموعة من أبرز الأدباء والأديبات التى خرجت على الساحة الثقافية لوضع أحجار أساس الثقافة المصرية، وكان من بينهم عميد الأدب الدكتور طه حسين، الدكتورة سهير القلماوي، الدكتور عز الدين إسماعيل، والشاعر صلاح عبدالصبور، فلعبت هذه الجماعة دورًا هائلًا نحو تغيير فكر «ندا» الذى تحول إلى التسطيح فى أعماله بعدما كان يميل نحو التجسيم النحتي، وفى هذه الفترة اتضح التغير الذى ظهر فى فكرة تحرر أعماله التى اتخذت من التراث المصرى القديم بابًا فى إبداعاته، فكثيرًا ما اعتمد الفنان على ذاكرته التخيلية لرسم أعماله مما جعله عضوًا لجماعة «الفن المعاصر» التى أسسها الفنان حسين يوسف أمين، وكانت تضم مجموعة من ألمع الفنانين منهم العالمى عبدالهادى الجزار.
اختلف أسلوب «حامد ندا» مع مرور الوقت ومع كل عقد زمنى جديد، فيتطور ويكون أكثر إلمامًا بالقواعد الفنية المختلفة مع تركيزه على السيريالية بشكل أساسي، وفى بداية فترة الستينيات حصل على دبلوم الدراسة فى التصوير الحائط والتصميمات من أكاديمية الفنون الجميلة فى إسبانيا، وجاءت من هنا فكرة تأسيس شُعبة الجداريات بقسم التصوير فى كلية الفنون الجميلة التى تم تنفيذها بالفعل بعد فترة قريبة.
جذب أسلوب «ندا» المُتغير أنظار النُقاد، فكتب عن أعماله العديد من النُقاد والفنانين، ومن بينهم كتب الناقد الفنى مكرم حنين حول هذه النقلات الفنية فى حياة «ندا» قائلًا: «عرفت لوحات حامد ندا بداية عالم المشعوذين والأفاقين وعبر عنه إلى أن سافر إلى ينبوع الفن الراقى فى الأقصر، وهناك التقى مع فكرة البعدين والاستغناء عن البعد الثالث وبدأ فى رسم أشكاله بطريقة مسطحة لا تحتاج إلى التجسيم الخفيف الذى لا يظهر فى شكل جاد وبدأ ينثر على لوحاته الألوان بطريقة عفوية».
وبالنظر فى بدايات مؤسس قسم التصوير الجداري، نجد أنه سلك طريقًا طويلًا ليصل إلى هذه الريادة، فقد عمل مُدرسًا للرسم بالتعليم العام وهو فى الحادى والثلاثين من عمره، حتى اتجه إلى التدريس الجامعى بقسم التصوير فى كلية الفنون الجميلة فور تأسيسها، ومن بعدها سافر فى رحلته التى أسفرت بثمار بناءة فى تاريخ الفن التشكيلى ليعود للتدريس الجامعى من جديد ولكن بمقر كلية الفنون الجميلة فى القاهرة ليضع بذرة الرسم الجدارى ومن بعدها أستاذا متفرغا له.
مرت رحلة المُبدع حامد ندا حتى وافته المنية وهو فى السادسة والستين من عمره، ولكن جهده الذى عود الفنانين عليه لم يكن جهدا لحظيا، فأثره بكلية الفنون الجميلة لا يزال حيًا مهما مرت السنوات.