الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت 79.. سرقوا عَجلة إبراهيم وسابوا الجنزير!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان إبراهيم رفيقنا فى السيارات «البيك أب» لمدة عامين ونحن ننتقل من قريتنا إلى أقرب مدينة لنستقل القطار، كنا نقطع تذكرة ذهاب وعودة بـ٥٥ قرشًا، إذ إن راتبى كان ٣٥٠ جنيهًا كنت أقبضها «إربع وجنيهات وأنصاص»، فى آخر الشهر كنت آخذ الراتب فى شنطة بلاستيك سوداء أو كرتونة ونقضى الليل نعد هذا المبلغ الكبير، كان رغم قلته به البركة وكانت الحياة تسير، إبراهيم هو الآخر كان يعمل فى شركة مجاورة، استطاع أن يستقطع من راتبه ويدخر ليشترى دراجة، تناقشنا فى الفكرة وعرض على أن أشاركه فيها وأركب خلفه فى المسافة من القرية إلا المدينة، وبهذا سنوفر فى اليوم «عشرين قرشًا صُحاح»، ونتبادل الأدوار هو «يُبدل» فى الصباح وأنا فى العودة، أمر شراء دراجة لم يكن هينًا، فأين سنتركها؟ وربما يسرقها أحد، فهى كانت فى هذا الوقت تعادل قيمة سيارة، ثم إن البعض يطلبها من إبراهيم لقضاء بعض المشاوير، بعد مناقشات لم يستجب إبراهيم للنصائح وقرر شراء الدراجة.
كانت دراجة جميلة وضع بها راديو وأصبح «يدنجل» كل يوم صباحًا على أنغام الموسيقى، استمرت فرحة إبراهيم لأيام قبل أن نكتشف سرقة الراديو من الدراجة فور نزولنا من القطار، أوقعنا اللوم على إبراهيم؛ لأنه لم يصنع للراديو قفصًا حديديًا، وأنه لابد أن يبحث عن مكان آمن يضع فيه الدراجة وليكن بجوار عسكرى المزلقان، طلب منه عسكرى المزلقان «جنيهًا» فى الأسبوع نظير وضع الدراجة وحراستها، فثار إبراهيم: «أنا اشتريت العجلة علشان أوفر بريزة فى اليوم أقوم أدفع جنيه علشان أركنها، ده أنا عامل زى اللى اشترى العتبة الخضرا» بالتفاوض مع عامل المزلقان اتفقنا على خمسين قرشًا كل عشرة أيام، باتت الدراجة فى مأمن وبتنا يوميًا نجدها كما تركناها بالتمام والكمال، إلا أننا ذات يوم تفاجأنا بنقل عامل المزلقان الذى عقدنا مع الصفقة وأتى آخر «أعوذ بالله» شنبه أطول من القضبان، رفض ركن الدراجة بجواره ورفض حتى جنيه فى الأسبوع، قائلًا: «بلا شغل عيال»، كان الحل الأمثل لنا أن نشترى «جنزيرا بقفل» ونربط العجلة فى أحد الأعمدة بجوار المحطة، وبالفعل اشترينا الجنزير وربطنا الدراجة فى العمود وركبنا القطار، لدى عودتنا فى نهاية اليوم وجدنا الإطار الخلفى فقط للدراجة مربوط به الجنزير، وبقية الدراجة فى خبر كان، وجه إبراهيم لا يمكن وصفه بالكلمات.. خمس دقائق من الصمت والذهول ثم انفجار بالضحك ثم البكاء، ثم اللوم لأنه لم يربطها من «الكدر والجادون»، ركاب القطار جميعهم وقفوا يواسون إبراهيم على سرقة الدراجة، بعد ساعة فككنا الجنزير من الإطار وأصبحنا ندفعه أمامنا ونغني: «ع العجلة.. هيه وشبكها.. هيه عند عشة بدوى» ضحكنا رغم أن إبراهيم فقد تحويشة عمره، وصار ما حدث ذكرى وحتى الآن برغم شراء إبراهيم سيارة حديثة إلا أنه مازال محتفظا بـ«الجنزير وإطار الدراجة».