الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في صحبة «بيدبا» | الأسد والجمل 3.. اجتماع المكرة على البريء الصحيح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وقفنا في الحلقة السابقة عندما دخل الغراب على الأسد، وأقنعه بحيلة لأكل الجمل الذى أبلغه مأمنه دون أن يتكلف الملك ذلك الأمر ولا يأمر به، وذهب الغراب لأصدقائه لتنفيذ خطة محكمة لأكل الجمل.
وقال لهم: قد كلمت الأسد فى أكله الجمل؛ على أن نجتمع نحن والجمل عند الأسد، فنذكر ما أصابه، ونتوجع له اهتمامًا منا بأمره، وحرصًا على صلاحه؛ ويعرض كل واحد منا نفسه عليه تجملًا ليأكله، فيرد الأخران عليه، ويسفها رأيه، ويبينان الضرر فى أكله، فإذا فعلنا ذلك، سلمنا كلنا ورضى الأسد عنا، ففعلوا ذلك. وتقدموا إلى الأسد؛ فقال الغراب: قد احتجت أيها الملك إلى ما يقويك؛ ونحن أحق أن نهب أنفسنا لك: فإنا بك نعيش؛ فإذا هلكت فليس لأحدٍ منا بقاءٌ عندك، ولا لنا فى الحياة من خيرةٍ؛ فليأكلنى الملك: فقد طبت بذلك نفسًا.
فأجابه الذئب وابن آوى أن اسكت؛ فلا خير للملك فى أكلك؛ وليس فيك شبعٌ، قال ابن آوى لكن أنا أشبع الملك، فليأكلني: فقد رضيت بذلك، وطبت عنه نفسًا، فرد عليه الذئب والغراب بقولهما: إنك لمنتن قذر، قال الذئب: إنى لست كذلك، فليأكلنى الملك، فقد سمحت بذلك، وطبن عنه نفسا؛ فاعترضه الغراب وابن آوى وقالا: قد قالت الأطباء: من أراد قتل نفسه فليأكل لحم ذئب. 
فظن الجمل أنه إذا عرض نفسه على الأكل، التمسوا له عذرا كما التمس بعضهم لبعض الأعذار، فيسلم ويرضى الأسد عنه بذلك، وينجو من المهالك.
فقال: لكن أنا فى للملك شبع وري؛ ولحمى طيب هني، وبطنى نظيف، فليأكلنى الملك، ويطعم أصحابه وخدمه: فقد رضيت بذلك، وطابت نفسى عنه، وسمحت بهن فقال الذئب والغراب وابن آوى: لقد صدق الجمل وكرم، ووثبوا عليه فمزقوه. وتبين القصة أنه إذا اجتمع المكرة الظلمة على البريء الصحيح، كانوا خلقاء أن يهلكوه، وإن كانوا ضعفاء وهو قوي.