الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"أحدب نوتردام".. عندما أحب المسخ الغجرية

كنيسة نوتردام
كنيسة نوتردام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تُمثّل كنيسة نوتردام، والتي تعني "سيدتنا" والمقصودة بها السيدة مريم العذراء وجهًا فنيًا وتاريخيًا للعاصمة الفرنسية، ليس فقط لأنها أكبر كنيسة في فرنسا على الإطلاق، بل وكذلك بعدما خلّدها الأديب الرومانسي الأشهر فيكتور هوجو في روايته "أحدب نوتردام"، حيث أنتج عن الرواية ما يقرب من ثمانية عشر فيلمًا وخمس مسرحيات والكثير من العروض الموسيقية والغنائية، بالإضافة إلى عدة عروض للبالية.
تعود حكاية الكنيسة إلى القرن الثاني عشر، عندما أراد أسقف باريس بناء كنيسة تفوق الأخريات جمالًا وأهمية، وحظى بدعم الملك، وتم اختيار قطعة أرض كانت تضم في السابق أحد المعابد، ووُضِع حجر الأساس في احتفال كبير حضره البابا عام 1163 واستمر البناء بعد ذلك لمدة قرنين؛ وكان الملك الوحيد الذي تم تتويجه فيها كان ملك إنجلترا عام 1431 عندما توج نفسه ملكًا على فرنسا؛ وفي نهاية القرن الثامن عشر تعرضت الكنيسة لتخريب كبير من قبل المشاركين في الثورة الفرنسية، حيث حُطمَ الكثير من التماثيل ونُهب الكثير من مقتنياتها، وحولها قائد الثورة الشهير روبسبير ولفترة قصيرة إلى معبد لدين جديد اخترعه بنفسه، وفي بداية القرن التاسع عشر قامت الحكومة الفرنسية ببعض الترميمات كي يتم تنصيب نابليون كإمبراطور.
أمّا الرواية التي كتبها هوجو وتمت ترجمتها إلى الكثير من اللغات فتدور أحداثها عام 1482 في الكنيسة والمنطقة المحيطة بها في باريس، حيث "كازيمودو" الرجل الأحدب والمشوه إلى درجة مُرعبة في نواظر الآخرين، والذي تمثّل عمله في قرع أجراس الكنيسة العملاقة، حتى أصابته أصوات الأجراس العالية بالصمم، فقضى ردحًا في الكنيسة التي صارت عالمه الوحيد، ولا يربطه بالعالم خارجها سوى رئيس القساوسة " فرولو" الذي كان يصحبه خارجًا في بعض الأحيان بينما يراه سكان باريس مسخًا صنعه الشيطان، فصار الجميع يتجنبونه، وأحيانا يسخرون منه. 
كان من عادة سكان باريس الاحتفال في الأول من يناير بـ"عيد الحمقى"، والذي يتميز باحتفالات صاخبة في شوارع المدينة ويصل ذروته عند انتخاب "أمير الحمقى"، والذي حصده "كازيمودو" باعتباره الأبشع في المدينة؛ هناك شاهد "أزميرالدا" الغجرية الحسناء التي سحرت قلوب الجميع وأولهم رئيس القساوسة نفسه، ليأمر الأحدب بخطفها، لكنه يفشل بسبب تدخل أحد ضباط الملك، ويصدر الحكم بجلده في الساحة العامة بسبب جريمته؛ لتُشاهد الحسناء الأحدب المسكين وهو يعاني من الآلام والعطش، فتعطف عليه وتقوم بإعطائه جرعة ماء. ما فعلته "أزميرالدا" كان تحولًا كبيرًا في حياة المسخ، فقد كانت أول من يعطف عليه في حياته وكان هذا -بالإضافة إلى جمالها- ما جعله يقع في حبها. 
وبينما ينب الحب في قلب الأحدب المسكين جن جنون رئيس القساوسة الذي -على الرغم من سطوته الهائلة- لم يستطيع الحصول على الغجرية الحسناء، بل وكذلك تحب الضابط الذي أنقذها، فحاول اغتيال الضابط، ومع فشله نجح في تدبير اتهامها هي بارتكاب المحاولة، فيلقى القبض عليها ويزج بها في السجن، ويحاول القس اغتصابها هناك لكن "كازيمودو" يمنعه؛ وبينما يتم إعدام الغجرية التي خطفت قلوب الجميع في الساحة العامة أمام ناظري رئيس القساوسة يستشيط الأحدب غضبًا ويُلقي به من أعلى الكنيسة وهو يصرخ بشكل هستيري، ثم يلحق بجثة "أزميرالدا" التي لم تحظى بجنازة أو دفن لائق خارج المدينة، وما أن يراها حتى ينهار ويحتضنها ويموت.