الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بوتيكات المعاهد التعليمية الوهمية (2-2)!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وزارة التعليم العالى مطالبة بعمل حملة توعية دائمًا حول القبول بالمعاهد الرسمية والخاصة الملتزمة والمعترف بها، لأن النصاب يكون مقنعًا أحيانًا، وأن المعاهد المعترف بها موجودة فى توزيعات مكتب التنسيق وتخضع بالفعل لإشرافها!
وخطورة هذه المعاهد أو البوتيكات التعليمية المنتشرة فى البلاد وتبيع الشهادات للطلاب غير المدركين أنهم وقعوا فريسة لأصحاب هذه المنشآت التى تقوم بالنصب عليهم مستغلة جهلم الكلى بالشهادات الجامعية المعتمدة وغير المعتمدة بأن هذه المعاهد الوهمية التى ترفع شعار تبعيتها لإحدى الجامعات أو التعاون معها، لأن الجامعات بها كليات فقط، وهذا ما أتاح لوزارة التعليم العالى كشف عدد من تلاعبات هذه المنشآت، وتحديد خمسة معاهد منها فى أغسطس الماضى وإغلاقها من خلال لجنة الضبطية القضائية، لكن وجودها وغيرها يؤكد ضرورة الحسم ومواجهة المشكلة من الجذور، وتشديد العقوبات على أصحابها الذين يتربحون منها ملايين الجنيهات مع وجود تساهل فى متابعتها منذ سنين فبعضها يتحايل بإعطاء شهادة تدريب تحمل اسم أى جامعة وبطريقة شبه مقنعة للطالب ووالده!
كما أن المشكلة الأكبر فى التحايلات والتعليم الوهمى أصبحت تتجه من خلال المراكز ذات الطابع الخاص بالجامعات وعملها تدريبى وخاص فيستغلها البعض بالانتساب إليها بالتعاقد، ويحصل على شهادة معتمدة منها باسم الجامعة فكأن الحاصل عليها خريج هذه الجامعة العريقة، فمراكز الجامعة هدفها تحقيق ربح للجامعة ويهمها التعامل بالدرجة الأولى مع أى جهة توفر لها أرباحا خاصة أن 85% من عائدها يكون للعاملين فيها وحدهم، ويحدث أن يأتى محامٍ ويفتح شقة بعنوان معهد ويتعاقد مع مركز الطابع الخاص لتدريب الطلاب على الكمبيوتر مثلًا أوغيره بهدف إعطاء الشرعية لعمله، ويدفع نسبة للجامعة ليأخذ اسمها على شهادة رسمية، ولا تستطيع وزارة التعليم العالى أن تتخذ أى إجراء أمام هذا التلاعب، بل إن الأخطر من ذلك أنه حتى المعاهد المهنية مثل جامعة خاصة مدت نشاطها التعليمى إلى درجة البكالوريوس فى الهندسة بدلًا من دبلوم السنتين، وزادت ليحصل الطالب على الماجستير والدكتوراه المهنية، وهناك ما يسمى مركز الدراسات ببعض الجامعات يعطى الدبلومة المهنية من خلال نسبة يأخذها على كل زبون يحضره للدراسة به تحت عنوان معهد خاص باسم المحامى أو أى شخص، ويستطيع الدارس فيها الحصول على أعلى شهادات الدرجات العلمية ربما فى عام واحد تحت مسمى المهنية.
وهناك نوع آخر من التلاعب من قبل المعاهد المستجدة أنها ترفع شعار شهادة أو جامعة أجنبية تحت عناوين تحمل أسماء مدن غربية وغيرها الكثير الذى يرتبط بشهادات دول أجنبية دون السفر إليها وتحت شعار شهادة مشتركة مدعية أنها تؤهل للعمل بالخارج أى أنها مؤسسة دولية، وبلغ بهذه المؤسسات أوالمعاهد أنها لاتكتفى بمنح البكالوريوس بل أصبحت تمنح الماجستير والدكتوراه فى زمن قياسى بمبالغ شبيهة بالنسبة لما تكلفه الدراسة العلمية فى جامعات مصر، وليكتسب الشخص كلمة دكتور وليتميز وظيفيًا على الناس أو الزملاء، وهذا يذكرنا بما كان يحدث من قبل عندما كان الشخص يذهب إلى دولة رومانيا ويعود حاملا شهادة الدكتوراه بعد27 يومًا، فهذه المعاهد أشبه بالبوتيكات توفر لك لبن العصفور إن شئت وأى شىء مستحيل فى أبعد الأماكن وأنت جالس فى مكتبك بل تتولى حل الأسئلة لك أو توفير المادة العلمية التى تمنحك أعلى الشهادات ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله والذى لا يهمه تقدم بلدك أو أبنائه فى شىء. فصاحب المعهد هنا لا يتعدى كونه مقاول أنفار دخله حسب الرءوس التى عنده!
ولكننى فى الوقت نفسه أتساءل: لماذا الصمت على هذه التجارة البشعة فى التعليم من خلال معاهد موجودة، ولكن وزارة التعليم العالى تغض البصر عنها، كما أن العقاب يجب أن يكون بالمصادرة للمبنى أو الحبس المشدد لصاحب المنشأة أو المعهد، ذلك لأن التلاعب فى التعليم يمثل تلاعبًا فى مستقبل البلد وأمنها القومى فلماذا الصمت.. ولمصلحة من؟ ومتى سنتحرك لضبط هؤلاء الخارجين عن القانون وهم أشد خطرًا من تجار المخدرات، لأن تاجر المخدرات على الأقل واضح ومباشر ومعروف بأنه يبيع مواد مجرمة، بينما هذه المعاهد تبدو فى ظاهرها أنها تقوم برسالة تعليمية، بينما الحقيقة غير ذلك تمامًا!