الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

حلف "داعش - تركيا" للسيطرة على الشمال السوري.. أردوغان المستفيد الأول من هجوم "منبج".. والأكراد: أنقرة تستغل الإرهاب لشرعنة عملياتها العسكرية.. واشنطن تقترح "منطقة آمنة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار توقيت الهجوم الانتحارى على دورية للجيش الأمريكى فى بلدة منبج شمالى سوريا، العديد من التساؤلات، بشأن الجهة المستفيدة من هذا الحادث، فى وقت تسعى واشنطن إلى تنفيذ انسحاب «حذر» من المنطقة، وتتأهب تركيا للتواجد العسكرى بحجة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، والجماعات الكردية التى تعتبرها إرهابية.
فالهجوم الذى استهدف مطعما فى منبج، وأودى بحياة ٥ جنود أمريكيين، هو الأكبر من نوعه ضد قوات أمريكية منذ بدء عمليات التحالف الدولى فى سوريا.
وجاء الهجوم فى خضم جدل بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن كيفية انسحاب القوات الأمريكية، والمحاذير التى تضعها واشنطن على أنقرة فيما يتعلق بمهاجمة الأكراد.


ومما يزيد الجدل، هو العلاقة التى تجمع أنقرة مع تنظيم «داعش»، والتى وردت فى العديد من التقارير الاستخباراتية الغربية والتى اتهمت الحكومة التركية بدعم التنظيم واستخدامه فى كثير من الأحيان فى قتال الجماعات الكردية فى الشمال السوري.
وبعد ساعات من التفجير، قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إن الهجوم ربما كان يهدف إلى ردع الولايات المتحدة عن سحب قواتها، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيتراجع عن قراره «فى مواجهة هذا العمل الإرهابي».
لكن الهجوم جاء بالفعل بعد أن أظهرت واشنطن ميلا لاستبدال عملية انسحاب سريع، بعملية متأنية تضع فى حسبانها حماية الحلفاء الأكراد، الذين ساعدوا التحالف الدولى فى دحر داعش والقضاء عليه جغرافيا.

تركيا وداعش المستفيدان

وقال المتحدث الرسمى باسم قوات سوريا الديمقراطية نورى محمود فى تصريحات صحفية، إن تركيا وداعش هما المستفيدان فقط من هذا الهجوم، فتركيا تريد أن تقول إن هذه المنطقة غير آمنة لشرعنة عمليتها العسكرية فى المنطقة.
ويتفق مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، رامى عبدالرحمن، مع هذا التوجه، وقال لموقع «سكاى نيوز عربية» إن المستفيد الأكبر هى تركيا التى لها مصلحة فى تنفيذ هذه العملية حتى لو تبناها تنظيم داعش، لأنها تخدم الروايات التركية التى تؤكد وجود تنظيم داعش فى المنطقة فى المقام الأول.
ويعجل التفجير من انسحاب القوات الأمريكية، كون هذا الهجوم يعد أكبر استهداف للقوات الأمريكية داخل الأراضى السورية منذ تشكيل التحالف، ويعتبر مدير المرصد السورى أن الهجوم يبعث بـ«رسالة تركية» بأن الوضع الأمنى يستدعى عملا عسكريا تركيا ضد «داعش».
وحشدت تركيا آلاف الجنود والآليات وعددا كبيرا من الجماعات المسلحة الموالية لها حول منبج، لبدء عمل عسكرى ضد قوات سوريا الديمقراطية التى ينسب لها هزيمة «داعش» ميدانيا بدعم من التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة.
ودفع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باقتراح مقترنا بهذا التهديد، بأن تحصل تركيا على ٣٠ كيلومترا داخل الأراضى التركية كشريط آمن يبعد عن حدودها الجماعات الكردية، وفى ذات الوقت، يحمى الأكراد من احتمالية شن أنقرة لعمل عسكرى ضدهم.
ويقول الرئيس المشترك لحزب المجتمع الديمقراطى الكردي، ألدار خليل، إن هذه الهجمة جاءت بعد أن تأكدت أنقرة أنها لن تتمكن من السيطرة على منبج كما كانت تتوقع، وخاصة بعد الحديث الأمريكى عن إقامة منطقة آمنة.
وأضاف «خليل» أن المنطقة الآمنة تحتاج إلى منطقة غير آمنة فى نظر تركيا، فى إشارة إلى سعى تركى لزعزعة الأمن فى هذه المناطق لضمان الحصول على شريط حدودى هادئ.

السحر ينقلب على الساحر

وليس من مصلحة تنظيم «داعش» أن تبقى القوات الأمريكية فى المنطقة، كونها القوة الرئيسية التى استطاعت عبر حلفائها الأكراد من القضاء على «الخلافة المزعومة» التى أعلنها فى الرقة ولم يتبق منه سوى بعض الجيوب فى الشمال وشرقى نهر الفرات.
ويقود هذا الطرح إلى أن الانسحاب الأمريكى من المنطقة يأتى فى صالح التنظيم، حسبما أكد قادة الجيش الأمريكى وأعضاء الكونجرس مرارا للرئيس ترامب، بينما يمثل نفس المصلحة لتركيا التى تنتظر الانسحاب الأمريكى بفارغ الصبر لتنفيذ خططها فى المنطقة.
ويقول «خليل»: قد تنقلب الآية على تركيا ولا تسير الأمور كما تريدها، خاصة وقد رفضت دمشق والسوريون الأكراد وموسكو اقتراح تركيا إقامة ما تسمى بـ«منطقة عازلة» فى الشمال السوري.


وأبدى أكراد سوريا رفضهم إقامة «منطقة آمنة» تحت سيطرة تركية فى شمال البلاد على الحدود بين البلدين، بموجب مبادرة اقترحتها واشنطن بموافقة أنقرة، فى محاولة للحد من تداعيات قرار سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا.
وأكد مصدر كردى سورى أن أكراد سوريا يرفضون «المنطقة العازلة» التى أعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن بلاده ستقيمها فى شمالى سوريا قرب الحدود مع تركيا. 
وقال القيادى الكردى سيهانوك ديبو: «لن تكون هذه منطقة عازلة، وإنما هى غزو جديد».
وكان أردوغان قال، إن تركيا والولايات المتحدة توصلتا، خلال اتصال هاتفى بينه وبين ترامب، إلى تفاهم له أهمية تاريخية بشأن منطقة عازلة تقيمها تركيا فى سوريا على طول الحدود.
وقال ديبو، عضو مكتب العلاقات الدبلوماسية فى مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسى لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إن القوات لن تقبل منطقة عازلة فى المنطقة إلا إذا كانت تحت إشراف الأمم المتحدة وبقرار من مجلس الأمن من أجل الحفاظ على وحدة الأراضى السورية ومنع تسلل الإرهابيين.
وأكد ألدار خليل، على رفض أى دور تركى فى المنطقة المزمع إقامتها، وقال إن تركيا ليست مستقلة وليست حيادية وهذا يعنى أنها طرف ضمن هذا الصراع، وقال إن ترامب يريد تحقيق هذه المناطق الآمنة عبر التعاون التركي، لكن أى دور لتركيا سيغيّر المعادلة ولن تكون المنطقة آمنة.
واعتبر أنه «يمكن رسم خط فاصل بين تركيا وشمال سوريا عبر استقدام قوات تابعة للأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام أو الضغط على تركيا لعدم مهاجمة مناطقنا»، مؤكدًا أنه «لا يمكن القبول بالخيارات الأخرى لأنها تمسّ سيادة سوريا وسيادة إدارتنا الذاتية». 

رفض روسي

وسارعت موسكو إلى رفض هذا الاقتراح، وقال وزير الخارجية سيرجى لافروف للصحفيين: «نحن على قناعة بأن الحل الوحيد هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية».
وأضاف: «نؤيد الاتصالات التى بدأت بين ممثلين عن الأكراد والسلطات السورية كى يتمكنوا من العودة إلى حياتهم تحت حكومة واحدة دون تدخل خارجي».
وأكد لافروف حصول تقدم فى حل النزاع السورى المستمر منذ سبع سنوات، وأن التركيز يجب أن يكون على محافظة إدلب فى شمال شرق سوريا، التى باتت فى وقت سابق هذا الشهر عمليًا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام التى تهيمن عليها «جبهة النصرة» سابقًا.
وتابع «التسوية السورية تتقدم، رغم كونها بالطبع أبطأ مما نرغب أن يكون». وأضاف «الحرب على الإرهاب يجب أن تُنجز، الآن بؤرة الإرهاب هى إدلب».