الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«العربيزي» على شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيراتها السلبية على اللغة العربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نوقشت أول ديسمبر الحالى، بقسم الإعلام التربوى بكلية التربية النوعية، جامعة طنطا، رسالة ماجستير مهمة للباحثة مى مجاهد توفيق مجاهد تتناول استخدام الشباب للغة «العربيزي»، التى تُعد هجينًا ما بين اللغتيْن العربية والإنجليزية، على شبكات التواصل الاجتماعي، وتأثير هذا الاستخدام على طبيعة استخدامهم للغة العربية ومستوياته فى الواقع المُعاش. وقد أشرفتُ على هذه الرسالة بمشاركة د.علياء عبدالفتاح رمضان رئيس قسم الإعلام التربوى، ود.محمد عطيوى مدرس الإعلام بالقسم.
تبين من الدراسة أن الشباب لديه مهارات تقنية عالية جدًا فى التعامل مع أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية الذكية ويستطيعون أن يحققوا درجة عالية من التعامل مع هذه الشبكات، وأنهم يروْن أن عالم الكمبيوتر والإنترنت أصبح الآن وسيلة شيقة وممتعة لقضاء وقت فراغهم، وإثبات ذواتهم أمام أصدقائهم، ومصدرًا مهمًا لتلقى المعلومات، ويجدون أنها فرصة للتخلص من الضوابط الاجتماعية والدينية والدخول إلى عالم الإثارة التى يعشقونها. وهنا يتضح وجود جانب سلبى، وهو العزلة عن أفراد الأسرة وعدم المشاركة فى النشاطات الاجتماعية للأسرة، ولعل هذا ما جعلهم يلجأون إلى استخدام لغة خاصة بهم لا يفهمها غيرهم، وهى لغة «العربيزي».
كما تبين أن هناك حرصًا أكثر على سلوكيات الفتاة من الشاب يرجع إلى طبيعة المجتمع العربى ومكانة الفتاة فى الأسرة، وبالتالى ينعكس هذا الحرص على سلوك الفتاة نفسها، فيكون استخدامها للغة «العربيزي»، ومواقع شبكات التواصل الاجتماعى أكثر حذرًا، بينما لا يتوخى الذكور ذلك الحجم من الحرص، فتستغل الفتاة هذا المجال فى استخدام لغة «العربيزي»، وشبكات التواصل الاجتماعى بصورة أكبر. ومن الملاحظ أن الإناث تفوقن على الذكور فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، نتيجة احتياجهن للحوار والتواصل مع الآخرين، والتعرف على أشخاص جدد ومراسلتهم عبر هذه المواقع؛ فالفتيات المصريات يفتقدن التفاعل مع الوالدين والإخوة داخل الأسرة، التى هى جزءٌ من مجتمع ذكوري، يتيح للشباب والرجال قدرًا من الحرية أكبر مما يتيحه للإناث، ولأن المجتمع لا يسمح بمعايشة هذه العلاقات فى الواقع يلجأن إليها فى العالم الافتراضى لما يوفره من القدرة على الاختباء وراء المعلومات غير الحقيقية.
كما اتضح من الدراسة أن ارتفاع نسبة مستخدمى لغة «العربيزي» على شبكات التواصل الاجتماعى بين الطلاب لأن هذه المرحلة العمرية لا تزال صغيرة وتستهويها مثل هذه النوعية من الظواهر الحديثة التى تجعلها منجذبة إليها بشكل كبير؛ لذا نجدهم أكثر اهتمامًا باستخدام لغة «العربيزي» وخاصةً فى التواصل فيما بينهم، كما أن الشباب يلجأون إلى هذه اللغة لوجود شعور بالاغتراب لديهم يدفعهم للتمرد على النظام الاجتماعي، وتكوين عالمهم الخاص بعيدًا عن قيود الآباء، وأن على الكبار احترام لغتهم الجديدة، وعدم الاستهزاء بها.
ويعود العامل الأكبر فى استخدام لغة «العربيزي» التقليد بين فئة الطلاب والشباب فى استخدامهم للأحرف الإنجليزية والأرقام، بعد أن لاحظوا أن جميع أصدقائهم فى المدرسة، يستخدمونها وأن من لا يفهمها يُعَدُ بعيدًا عن العالم والتطور والتكنولوجيا.
وبالرغم من أن الدراسة أظهرت سلبياتٍ عديدة فى مواقع التواصل واستخدام لغة «العربيزي» إلا أن عينة الدراسة أظهرت أن ذلك لا يمثل خطرًا حقيقيًا على اللغة العربية، ويؤكد أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية المقدَّمة فى الإعلام والتعليم والبحث العلمى والنشر.... إلخ، ولا تزال لغة «العربيزي» لغةً للاستهلاك السريع.
وبناءً على نتائج الدراسة حددت الباحثة مجموعة من التوصيات والمقترحات التى نراها ضرورية لجعل اللغة العربية قادرة على مواكبة التطورات العلمية، والتقنية وتحقيق الازدهار والرفاهية ويمكن حصرها فى النقاط التالية:
فيما يتعلق بالجانب التكنولوجي، ضرورة ربط اللغة العربية بالتكنولوجيا الرقمية، وشبكة الاتصالات الفضائية والأرضية المتطورة، وتصميم مواقع خاصة باللغة العربية تهدف إلى حل المشكلات التى تواجه مستخدمى اللغة العربية فى الحاسوب، والهاتف المحمول، وتعريب وترقية برمجيات الهواتف المحمولة بحيث تصبح قادرة على التعامل مع الحرف العربى دون مشكلات، والبدء فى تنفيذ برامج توعية بأهمية اللغة العربية والنهوض بها إلى صفوف الأمم المتقدمة وذلك باستغلال الإمكانات التى يتيحها ميدان التواصل على شبكات التواصل الاجتماعي، والهواتف المحمولة بعمل مواقع خاصة لذلك أو إرسال رسائل نصية للتوعية بذلك.
وفيما يتعلق بالجانب الإعلامي، ضرورة العمل على تفعيل دور وسائل الإعلام لخدمة اللغة العربية، وتطويرها وجعلها لغةَ الحوار، وضرورة بذل الجهود المكثفة لتنمية مشاعر الاعتزاز باللغة العربية والانتماء إليها، وتنظيم حملات توعية لتخفيض تأثير اللغة الإنجليزية على اللغة العربية، والقيام بإنتاج برامج تثقيفية للأطفال، والمراهقين تقوم على محاكاة افتراضية لحالات التواصل باللغة العربية قد تكون على شكل ألعاب على الحاسوب، أو قصصٍ مصورة وتفاعلية على شبكات التواصل الاجتماعى والهواتف المحمولة.
وفيما يتعلق بالجانب اللغوي، ضرورة اتخاذ الخطوات الفعالة لتفعيل المجامع اللغوية على نشر اللغة العربية وثقافتها، والتأكيد على ضرورة الاستفادة من أعمال وأبحاث هذه المجامع اللغوية لسد المتطلبات اللغوية فى العصر الحديث، واتخاذ الخطوات نحو التنسيق بين الجهود التى تبذلها المجامع اللغوية، والعلمية والثقافية فى تطوير اللغة العربية حسب متطلبات العصر الحديث.
وأخيرًا تمثلت توصيات الدراسة ومقترحاتها فى الجانب التعليمى فى وضع خطة مستقبلية لتطوير اللغة العربية وترقيتها، وتحسين أساليبها والعمل على نشرها، وفرض اللغة العربية فى مؤسساتنا الاقتصادية والإدارية، والتربوية والمؤتمرات العلمية، وقيام المؤسسات التربوية بمصر ممثلة فى المدارس، والجامعات بتقوية العلاقة بين الطلبة ولغتهم الأم «اللغة العربية» للحد قدر الإمكان من «لغة العربيزي»، والتوسع فى استعمال اللغة العربية كوسيلة تعلم وتواصل يومية ذلك من شأنه أن ينعكس انعكاسًا إيجابيًا على مستوى اللغة للطلاب وتخلق لديهم شعورًا حقيقيًا بأن اللغة العربية لغة علم ولغة معاصرة ومتطورة، ودعم المشروعات البحثية التى ينجزها الطلبة والعلماء والباحثون فى مجال اللغة العربية وحوسبتها ومكافأة البرامج التى تقدم حلولًا أصيلة ومبتكرة لمشكلات لغوية حاسوبية فى اللغة العربية.