الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معنى أن تواجه منظمة "إرهابية"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في جنازة الشهيد محمد جمال الدين بدير، 32عاماً، بمحافظة الدقهلية في مدينة المنصورة، والذي قتلته جماعة الإخوان الإرهابية حرقاً وذبحاً، خرج الآلاف من المشيعين خلف جثمانه الطاهر - يوم الثلاثاء 17 ديسمبر2013 - يهتفون في نَفَس واحد: "الشعب يريد إعدام الإخوان!!"، وتكرر هذا الأمر فى أعقاب جريمة تفجير مقر مديرية الأمن بالدقهلية، وفي كل مرّة يُشيّع فيها جثمان لشهيد من أبناء الشعب المصري - من القوات المسلحة أو الشرطة، أو من المواطنين العاديين، وفي كل أنحاء الوطن المصري - تنطق كل الحناجر بلسان واحد: "الشعب يريد إعدام الإخوان!".
بل والأخطر من هذا، أن مواقع عديدة شهدت إقدام الجماهير الغاضبة على تنفيذ القصاص بنفسها فيمن تجده في طريقها من أعضاء الإخوان وممتلكاتهم، رداً على جرائمهم البشعة، وهو أمر خطير بكل المقاييس، ويفتح الباب على احتمالات بالغة التهديد للسلم العام في المستقبل، إن لم تُعالج الدوافع المسببة له بسرعة وحسم!.
السبب الرئيسي في هذا التوجّه الخطر، هو شعور الجماهير الحانقة بالغضب العارم على ممارسات أعضاء جماعة الإخوان التخريبية غير المسبوقة، وهي تراهم يعيثون في الأرض فساداً: يُقتّلون ويُخرّبون ويحرقون ويُدمرون وينشرون الموت والفوضى في كل مكان، وفي المقابل ترى الجماهير أيدي النظام مغلولة عن وضع حدٍّ لإجرامهم وفوضاهم!. ومن ثم أقدم البعض على تنفيس طاقة غضبهم في ممتلكات لعناصر من رموز الجماعة، ومطاردة وطرد بعض من ينتمون إليها، أو عدد من ممثليها وكوادرها في هذه المحافظة أو تلك!.
هناك خطورة ماثلة من استفحال هذا الأمر الذي لم يتعد - لحسن الحظ حتى الآن -حالات فردية لا تمثل ظاهرة عامة، لكنّه مؤشر مهم على نفاد صبر الناس، إزاء حجم الدمار الذي تشيعه عناصر الإخوان في كل أنحاء البلاد، ومن هنا كان الضغط الشعبي على الحكومة لاستصدار قانون يقضي باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، لاعتقادهم أن تطبيق هذا القانون فيه الحل الناجع لحالة الفوضى المتعمدة التي تثيرها بقايا الجماعة في أرجاء الدولة، لهدم الاستقرار ودفع الدولة إلى الهاوية!، وبما يمهد لعودتهم مرة أخرى إلى كراسي الحكم!.
ورغم صحة هذا التوجّه وضرورته القصوى لحماية الدولة من الأذى الكبير الذي تلحقه الجماعة المخرّبة بها وبسائر المواطنين، فإن تخبط الحكومة في هذا الشأن كان أكبر دليل على انعدام الرؤية وغياب التخطيط وضعف الأداء، ويكفي لتقرير هذا الوضع المحزن، أن نعود إلى موقف رئيس الوزراء وبعض الوزراء أولاً من إنكار اتجاه الدولة لاعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، ثم إعلان هذا الأمر دون إعداد حقيقي أو تمهيد مناسب، يُجهّز الأجواء لقبوله وللتفاعل معه داخلياً وخارجياً، ويشير جدل الفقهاء القانونيين حول صحة هذا القرار العديد من المطاعن على الصورة التى صدر بها، كما أن توقيت إعلانه - ونحن على شفا الاستفتاء على الدستور الجديد، وهي معركة على جانب كبير من الأهمية، ونتائجها فارقة في نجاح ثورتي 25 يناير و30 يونيو وتحقيق مستهدفاتهما - يفتح على قوات الأمن التي تخوض معركة شرسة، أبوابا وأعباء جديدتين، كان البلد في غنى عنها الآن، وهو ذات ما حدث في موضوع "قانون التظاهر"، الذى - رغم الإجماع على أهميته وضرورته - طُرح في توقيت خاطئ، وبغير إعداد أو تشاور مع القوى السياسية والأحزاب، فولد ولادة متعثرة وصَعُبَ تطبيقه أو انعدم وكأنه لم يكن!.
يُشير هذا الوضع المتخبط - من وجهة نظري - إلى افتقاد الحكم إلى عناصر واعية ومُجرّبة، تشكل خلية أزمة لإدارة الصراع السياسي مع الجماعة الإجرامية الإرهابية، ولوضع استراتيجيات عمل مناسبة وتكتيكات واقعية مرنة، تتمتع بخبرة سياسية عملية، تعرف متى تتقدم وكيف تتراجع، وتستخدم وسائل العمل كافة، وعلى رأسها عناصر القوتين: الخشنة والناعمة، وقنوات الاتصال السياسي والدبلوماسي، لتحقيق غايتها، وتتمتع ببصيرة ثاقبة وإرادة صلبة، وتستطيع مخاطبة الرأي العام لتوضيح الحقائق أولاً بأول، وقادرة على صياغة استراتيجيات استباقية لمحاصرة الجماعة سياسياً وإعلامياً، في الداخل والخارج، ويمكنها تجييش طاقات المجتمع كله في معركة المصير ضد جيوش الغدر والإرهاب، وبحيث يكون الشعب كله ظهيراً للقوات المسلحة وقوات الأمن اللتين تدافعان عن وجود الدولة المصرية التاريخية، وهويتها الوطنية الجامعة!.
أن تُواجه دولة مثقلة بالمشكلات والأعباء، ومحاطة بالمخاطر والتهديدات - كمصر -معركة المصير ضد الإرهاب في مواجهة واحدة من أخطر جماعاته على مدار التاريخ، بما تملكه من انتشار واسع وإمكانات مالية هائلة، وعلاقات بدول وأجهزة مخابرات وجماعات مُخرّبة ودوافع للاستماتة في التخريب والتدمير... إلخ، على نحو ما تملك عصابات الإجرام الإخوانية، يعني أن يعتبر الشعب، وأن تعتبر أجهزة ومؤسسات وهيئات الدولة كافة، نفسها في حالة حرب حقيقية، ينبغى لنا - ولا مفر أمامنا من - الانتصار فيها، وهو ما يستوجب التصرف بمقتضى هذه الحالة على نحو ما فعلت مصر يوم خاضت معركتها الكبرى ضد الاحتلال الصهيوني لأراضيها والأراضي العربية، في أكتوبر 1973، حتى تحقق لها الانتصار، ودون تحقيق هذا الشرط اللازم، أخشى من تعثرات المسيرة وارتباك الخطوات، بما يُكبّد مصر الصابرة أكلافاً باهظةً لا ضرورة لها ولا سبيل لدفعها!.