السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بعد 50 عاما على كهنوته.. "كشيشيان" هرب من المجازر الأرمن ليخدم بلبنان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بمناسبة اليوبيل الخمسين لرسامته الكهنوتيّة، أصدرت بطريركيّة الأرمن الأرثوذكس نبذة عن حياة الكاثوليكوس آرام الأوّل كشيشيان، جاء في مقدمة النبذة أن لبنان كان يحتل الصّدارة في أولويّات الرّاهب ثمّ المطران وحاليًّا الكاثوليكوس آرام الأوّل كشيشيان.
ولد بدروس كشيشيان في بيروت سنة 1947، من عائلة لجأت إلى لبنان هربًا من المجازر الأرمنيّة سنة 1915. دخل المعهد اللّاهوتيّ في انطلياس التّابع للكاثوليكوسيّة. بعد تخرجه سيم راهبًا سنة 1968.
أكمل دراسته في كليّة اللّاهوت للشّرق الأدنى (بيروت) والجامعة الأميركيّة في بيروت ومعهد بوسي للدّراسات المسكونيّة (سويسرا) وجامعة فوردهم (الولايات المتّحدة الأميركيّة) ونال الشهادات عدّة.
إنتخب المطران آرام كشيشيان رئيسًا للطّائفة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة في لبنان سنة 1979، في مرحلة صعبة من تاريخ الوطن أي بداية الحرب اللّبنانيّة الأليمة سنة 1975.
إهتم منذ اللّحظة الأوّلى من إنتخابه، بإعادة اللّحمة والتّواصل بين أبناء الكنيسة الأرمنيّة المنتشرين في لبنان المجزّأ بسبب الحرب.
ركز إهتمامه على ترميم وبناء المدارس من أجل المحافظة على تنشئة سليمة للأجيال النّاشئة لتكون مرتبطة بجذورها الوطنيّة ومستعدّة دائمًا لخدمة لبنان الواحد، إهتم بتنشيط الهيئات الكنسيّة والأهليّة والجمعيّات والمؤسّسات الخيريّة والهيئات النّسائيّة وزوّدها بعناصر شابّة.
كما إهتم بدار العجزة ودار الأيتام ومستشفى العازونيّة التّابعة للكاثوليكوسيّة، وأدخل في الهيئات المشرفة عليها مختصّين في مجالات مختلفة.
حضر جميع الاجتماعات التي كانت تعقد أثناء الحرب بين المرجعيّات الدّينيّة الإسلاميّة والمسيحيّة لمناقشة وضع البلد المأزوم ولتوحيد كلمة اللّبنانيّين، حتّى أصبح الجسر المتين بين الجميع.
كان يخاطر بحياته بانتقاله من منطقة إلى أخرى في بيروت وخارجها للقاء الرّؤساء وحضور الإجتماعات، وترأّس القداديس والإحتفالات الدّينيّة في كاتدرائيّة مار نيشان في زقاق البلاط الكائنة قرب السّراي الحكوميّ الكبير والمحاذية لخطوط التّماس".
1993 عقدت قمّة روحيّة في بكركي بحضور جميع المرجعيّات الدّينيّة حيث تقرر إنشاء لجنة وطنية إسلاميّة - مسيحيّة للحوار مؤلّفة من الطّوائف اللّبنانيّة الكبرى، إن الطّائفة الأرمنيّة حسب إتفاقيّة الطّائف، أصبحت من الطّوائف السّبع الكبرى في لبنان لذلك تمّت مشاركة الأرمن الارثوذكس في هذه اللّجنة. المطران آرام كشيشيان حضر هذه القمّة وكان من المشجّعين والمؤيّدين لهذا القرار الوطنيّ الهامّ.
لعب دورًا فعّالًا في الحركة المسكونيّة إنطلاقًا من إيمانه الرّاسخ في هذه الحركة. كان من أبرز الأعضاء المؤسّسين لمجلس كنائس الشّرق الأوسط. أنتخب عضوًا في اللّجنة التّنفيذيّة ورئيسًا لهذا المجلس ثم رئيسًا فخريًّا تقديرًا له ولخبرته ولخدماته.
عام 1983 في جمعيّة فانكوفر أنتخب عضوًا في اللّجنة المركزيّة لمجلس الكنائس العالميّ. وعام 1991 في كانبيرة انتخب رئيسًا للجنة التّنفيذيّة وللجنة المركزيّة. وفي مؤتمر هراري سنة 1998 أعيد انتخابه رئيسًا للمرة الثّانيّة الّذي اعتبر ظاهرة فريدة في تاريخ هذا المجلس لأنّه أوّل مطران لبنانيّ أرمنيّ أورثوذكسيّ يتولّى هذا المنصب لدورتين متتاليتين. أثناء تولّيه رئاسة المجلس العالميّ للكنائس وخلال الأحداث الأليمة الّتي عصفت بلبنان لعب دورًا مهمًا ومميّزًا في الدّفاع عن حرية لبنان وإستقلاله ووحدة أراضيه.
أصدر بإسم المجلس بيانات مؤيدة لوطن الأرز داعيًا المجتمع الدّوليّ إلى ضرورة المحافظة على هذا النّموذج الفريد حيث الطّوائف والمذاهب والأقلّيات الدّينيّة والأثنيّة تعيش جنبًا إلى جنب بإحترام متبادل. بصفته رئيسًا لهذا المجلس شارك في إجتماعات دوليّة وألقى محاضرات وأجرى مقابلات حول مواضيع مختلفة. كان لبنان هو الحاضر الأكبر بين كلّ هذه المواضيع.
28 يونيو 1995 عندما انتخب كاثوليكوسًا للأرمن الأرثوذكس كان يعرف جيّدًا شؤون وشجون أبناء طائفته والتّحدّيات السّياسيّة والثّقافيّة الّتي يواجهونها. ركز خاصّةً على أهمية دور الشّباب في الكنيسة وفي المحافظة على التّراث والحضارة الأرمنيّة في المهاجر، لذلك أعاد تنظيم وتقوية الأبرشيّات التّابعة للكاثوليكوسيّة في كلّ أنحاء العالم.
إهتمّ بالمدرسة اللّاهوتيّة وزوّدها بأساتذة متخصّصين في شتّى المجالات الاكاديميّة كما أشرف على إنشاء مساكن جديدة في بكفيا للمطارنة والرّهبان بعد توسيع الباحة الخارجيّة للدّير.
إهتمّ بتنظيم المتحف في انطلياس وجعله معلمًا من معالم الحضارة الدّينيّة الأرمنيّة. كما أنشأ متحفًا في الميتم التّابع للكاثوليكوسيّة في جبيل، حيث لجأ آلاف الأيتام الأرمن الذين نجوا من المجازر ووجدوا في لبنان بيئة حاضنة لهم. هذا المتحف يراعي جميع المتطلّبات الفنّيّة والتّقنيّة الحديثة ويتضمن عددًا كبيرًا من الصّور والخرائط والوثائق عن المجازر الأرمنيّة سنة 1915.
طوّر مطبعة الكاثوليكوسيّة لطباعة الكتب الأدبيّة والتّربويّة والكنسيّة على أنواعها وبلغات مختلفة وذلك لنشر الثّقافة وحبّ المعرفة.
حوّل الكاثوليكوسيّة إلى مركز وطنيّ وعالميّ للحوار بين الأديان والحضارات والثّقافات والمذاهب بإعتبارها المقرّ الدّينيّ الرّئيسيّ للأرمن الأرثوذكس خارج أرمينيا. وأقام فيها ندوات علميّة متنوّعة بمشاركة رجال الدّين والعلمانيّين لتصبح ثقافة الحوار جزءًا من حياة النّاس.
إعتبر الكاثوليكوس أنّ الحوار الإسلاميّ - المسيحيّ ضرورة ماسّة للعيش سويًا بإحترام متبادل. شارك في عدّة لقاءات حواريّة في منطقة الشّرق الأوسط وخارجها إنطلاقًا من قناعته أنّ العيش المشترك هو جزء لا يتجزّأ من وجودنا وإستمراريتنا.
طور العلاقات الّتي كانت قائمة بين الكنيسة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة والفاتيكان وقام بزيارتها رسميًّا مرات عديدة وعقد مع أصحاب القداسة والمسؤولين في دوائر الفاتيكان اجتماعات في جو من التّفاهم والإحترام.
ألّف كتبًا عديدة باللّغة الأرمنيّة والإنكليزيّة والفرنسيّة حول مواضيع كنسية ولاهوتيّة ووطنيّة وإجتماعيّة وتربويّة ترجمت معظمها الى لغات أجنبيّة. ألقى محاضرات في الأديرة والجامعات والمراكز الدّينيّة والمؤتمرات العالميّة حول مواضيع مختلفة مرتبطة بحقوق الانسان وحريته وكرامته.
حمل هموم القضيّة الأرمنيّة ودافع عنها في كل اللّقاءات الرّسميّة. طالب بإسرار الإعتراف بالمجازر الأرمنيّة وإعادة حقوق الأرمن الى أصحابها، وكذلك إعادة أملاك الكاثوليكوسيّة في سيس (تركيا) والأوقاف التابعة للكنيسة الأرثوذكسيّة. بعد إعداد ملفّ كامل عن هذه الأملاك أقام دعوى قضائيّة أمام المحاكم التّركيّة.
جعل الكاثوليكوس آرام الأوّل العلاقات الأخوية بينه وبين قداسة الكاثوليكوس كاراكين الثّاني في أتشميازين (أرمينيا) أكثر رسوخًا وذلك برغبة من الطّرفين وإنطلاقًا من مبدأ وحدة الشّعب الأرمنيّ. أمّا العلاقة بين قداسته والدّولة الأرمنيّة في يريفان فهي على أعلى درجات التّقدير والإحترام. الدليل على ذلك وجود وفدين رسميّين من قبل أتشميازين ويريفان في لبنان لتّقديم التّهاني اليه بمناسبة اليوبيل الخمسين لرسامته الكهنوتيّة. أمّا حضور رئيس وزراء أرمينيا شخصيًّا للمشاركة في هذه الإحتفالات في انطلياس فترك أثرًا إيجابيًّا ومميزًا على الصّعيدين الرّسميّ والشّعبيّ.
يكرّر الكاثوليكوس في عظاته في الكنائس ومحاضراته أمام رجال الدّين والعلمانيّين ولقاءاته مع الطّلاب الجامعيّين "إنّ الشعب المؤمن بكلّ فئاته هو الكنيسة. هناك بون شاسع بين الانسان والإيمان خاصّة في هذا العصر المعولم لذلك يتوجّب علينا إنّ نجعل الكنيسة أقرب الى النّاس عن طريق الخدمة.
الخدمة هي هدفنا الأسمى وجوهر وجودنا، لأنّنا جئنا لنَخدم وليس لنُخدم كما قال يسوع المسيح في الإنجيل المقدّس".