الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

السينما والإرهاب.. العنف يجذب المشاهدين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تناولت السينما المصرية ظاهرة الإرهاب في عدة أفلام، وحاولت مناقشة تلك الظاهرة من حيث أسبابها، وطرق القضاء عليها، وصولًا إلى محاولة الوصول لحلول جذرية للأسباب التي أدت إلى تنامي الظاهرة، باعتبار أن السينما تمثل مرآة للمجتمع، تعرض همومه وأوجاعه.
وقدم الفنان عادل إمام أكثر من فيلم يناقش قضية الإرهاب بمختلف أشكاله وعناصره، كما قدم محمد إمام في فيلم «عمارة يعقوبيان» نموذجًا للمتطرف، وكيف انضم إلى جماعات العنف.
وعندما سألنا الناقد السينمائي طارق الشناوي، عن كيفية تناول السينما المصرية لمشكلة الإرهاب، قال: بالفعل واجهت مصر الإرهاب سينمائيًا بشكل مبكر، وحتى قبل أن يأخذ الشكل المباشر الحالي.
ويضيف «الشناوي»: هناك فيلم «خلي بالك من زوزو» والشخصية التي أداها الفنان محيى إسماعيل في عام ٧٢، وهي عن شاب في الجامعة متزمت دينيًا، ويرفض أن تصبح سعاد حسني الفتاة المثالية، لكونها بنت راقصة وأمها تعمل في فرقة موسيقية، وفي عام ٧٣ قدم المخرج سعد عرفة فيلمًا مليئًا بالزخم الفكري اسمه «غرباء»، وشكل رؤية مبكرة جدًا لمواجهة الإرهاب، وكان هذا الفيلم بطولة الراحلة سعاد حسني أيضًا، وعرض الفيلم فكرة التزمت الديني الذي يمثل البذرة الصالحة لنمو الإرهاب.
وأوضح «الشناوي» أنه بعد أن عاشت مصر في ظل العديد من العمليات الإرهابية، بدأت تظهر أفلام تجارية من خلال شاشات السينما، مثل التي قدمتها نادية الجندي وفاروق الفيشاوي في فيلم «أمن الدولة» والتي ظهر من خلاله الإرهابي الذي يتعامل مع عصابات دولية كبيرة.
وأشار إلى ضرورة التوقف عند ما قدمه الثلاثي عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة، من أفلام عظيمة، والتي واجهت ظاهرة الإرهاب، مثل «الإرهاب والكباب» و«المنسي» وطيور الظلام»، وكانت أفلامًا ناضجة فكريًا، بالإضافة للفيلم الرائع «الإرهابي» لعادل إمام ولينين الرملي وإخراج نادر جلال.
وأوضح «الشناوي» أن مسلسل «العائلة» لوحيد حامد وإسماعيل عبدالحافظ، كان له شكل كبير ومختلف، ويمثل نقطة فارقة في منتصف التسعينيات، فيما أشار إلى أن مسلسل «الجماعة» واجه الكثير من الصعوبات، بسبب أن البعض يريد أن يرى جمال عبدالناصر، كما يتخيله ولا يعنيهم صدى التاريخ. ويكمل «الشناوي» أما عن الحلول التي طرحتها السينما، فهي للأسف الشديد لم تقدم حلولًا لأن ذلك ليس مسئولية الفن بل التعليم الصحيح، وتغيير مناهج الأزهر، والعمل على أن يدرس الطلبة مسلمين وأقباطًا حصة الدين مشتركة، لتؤكد المشترك، وهو كثير، بين الإسلام والمسيحية.
أما الناقدة السينمائية خيرية البشلاوى، فقالت إن حالات العنف مصدر أساسى من مصادر جذب المشاهدين، والسينما الآن سينما ترفيهية، وليست توعوية ولا ثقافية، فلا نستطيع القول إن السينما، من جانبها التجاري، تستطيع علاج مشكلة الإرهاب.
وتضيف: انجذبت السينما إلى عنف الظاهرة، لأن السينما تقدم سلعة، والفيلم سلعة ترفيهية، وليست أداة للتوعية، وجميع الأعمال التي قدمت تعتبر ترفيهية، و«الإرهاب والكباب» و«الإرهابي» لم تلمس جذور القضية، ولم تشكل تيارا يدافع عن القضية، ويحد من خطورة قضية الإرهاب، وهي قضية كبرى، ولكن للأسف الشديد لم تطرحها السينما بشكلها الصحيح ولم تقم ولو حتى ببعض من العلاج.
من ناحيته، يقول الكاتب والسيناريست وحيد حامد، إن أى مشكلة أيًا كانت إرهابية أو غيرها تكون لها جوانب متعددة ومختلفة، والأفلام والسينما عموما أخذت جوانب من وجهات نظر متعددة ومختلفة، وكل فيلم قدمته كان له وجهة نظر مختلفة في قضية معينة من قضايا الإرهاب، وتخص نوعًا معينًا من الإرهاب إما فكريًا أو دمويًا.
وأشار «حامد» إلى أن الإرهاب في مجمله فكري ودموي، والدموي يشمل القتل والترويع والتخريب، والدراما بشكل عام قدمت النوعين بشكل جيد، فمثلًا قدمت الإرهاب الفكري في أفلام «طيور الظلام» و«الإرهاب والكباب» و«دم الغزال»، وقدمت النوع الآخر، وهو الدموي، في مسلسلات مثل «الجماعة» و«العائلة».
وأوضح حامد أن مشكلة الإرهاب أكبر بكثير من فيلم سينمائي يقوم بمعالجتها، وليست وظيفة السينما حل مشاكل الإرهاب، والفن مهمته الأولى التنوير، وليس حل المشاكل.
وأشار إلى أن السينما هي إبداع، ومن حق كل كاتب أن يكتب ما يراه، وليست الكتابة في مشكلة معينة واجب منزلي، ومن حق كل واحد أن يكتب ما يشعر به.
أما ماهر فرغلي، الخبير في الشئون الإسلامية، فقال إن بعض الأفلام عرضت صورة الإرهابي على أنه منحل ومتخفٍ ومهزوز، يمر بظروف صعبة، منها ظروف اجتماعية، فعلي سبيل المثال، الدور الذي قدمه محمود عبدالمغني، الذي انضم إلى جماعة إسلامية، بعد أن كان يعمل «طبال»، وكان يخفي صداقته مع فتاة الليل خوفًا على صورته أمام الجماعة، وأيضًا فيلم «طيور الظلام»، الذي قدم صورة مضحكة، حين أخذ يدعو الله، وهم يؤمنون وراءه، فيما كانوا منهمكين في تناول الطعام، وذلك أدى إلى نتيجة عكسية.
ويتابع «فرغلي»: أيضًا شخصية طه الشاذلي، التي أداها «محمد إمام» في فيلم «عمارة يعقوبيان»، فقد كان يتمنى أن يصبح ضابط شرطة، لكن مهنة والده «البواب» حالت دون تحقيق أحلامه، فتحول إلى إرهابي يحمل السلاح في محاولة للانتقام من المجتمع.
وكذلك الفنان أحمد عيد في فيلم «أنا مش معاهم»، والذي قام بدور شاب في الجامعة يدرس في كلية الطب، ويعيش مع أصدقائه، وحياته كلها مستهترة بين تعاطي المخدرات وإهمال الدراسة، ويتعرف على فتاة محجبة، ويقع في حبها ثم يتحول إلى التدين، ويتعرف على زملائه في الجامعة الذين ينتمون للجماعات المتطرفة، ويسلك طريقهم للتقرب من حبيبته المتدينة. 
وأوضح أن السينما تعاملت مع الجماعات الإرهابية بشكل جزئي، فمرة جعلت الإرهابي يبحث عن المال، ومرة مشوهًا نفسيًا، وكانت تقدم حكمها من البداية، حيث وضعت نفسها على منصة القضاء، ولم تضع أسئلة منطقية تجيب عنها، وتشرح لنا أن الإرهابي هو شخص ينتمي لهذا المجتمع، يمارس أفعالًا خارج القانون استنادًا لفكر خاطئ.
وأشار «فرغلي» إلى أن السينما للأسف الشديد قدمت نوعية واحدة فقط من الفكر الإرهابي، هي نوعية الفكر الدموي، ولم تقدم المعالجة الواضحة والصحيحة لمشكلة الإرهاب من أي جانب، واهتمت بالصورة أكثر بكثير من المضمون.