الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

قادة طهران يكذبون ويتجملون.. الانفلات الأمني يؤكده الواقع وينكره "الحرس الثوري".. نادي الصحفيين الشباب: اضطرابات أمنية واسعة وعمليات الاختطاف شملت 7 من الباسيج و5 مخابرات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد إيران انفلاتا أمنيا واسعا انعكس على كافة الأوضاع وانتشرت الجرائم والاضطرابات التى طالت قطاعات كثيرة، الأمر الذى لا يخفى على الخبراء والباحثين فى الشئون الإيرانية رغم تصريحات قادة الحرس الثورى والجيش الإيرانى الذين يكررون عبارة «إيران أأمن دولة فى المنطقة».


تصريحات القادة لا تعكس ما يحدث فى الواقع، حيث عمليات اختطاف الجنود الإيرانيين على الحدود وقتل بعضهم، حتى أحداث اقتحام البرلمان وضريح الخمينى وأحداث الهجوم على عرض عسكرى فى الأحواز وغيرها.
واجه نواب البرلمان وخاصة أعضاء لجنة الأمن القومى انتقادات شديدة اللهجة إزاء الانفلات الأمنى الخطير الذى تعيشه إيران. وفى المقابل نرى التفاخر المتكرر فى تصريحات قادة الحرس الثورى والجيش الإيرانى حول أن إيران تعيش أجواء أمنية غير مسبوقة ويُحتذى بها فى المنطقة ويوجهون الاتهامات للدول العربية بزعزعة الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط. 


أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا» يوم الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ م نقلًا عن مصدر مطلع «اختطاف» ١٤ فردا من القوات العسكرية الإيرانية، وأفادت وكالة «نادى الصحفيين الشباب» شبه الرسمية وذات التوجه الأصولي، فى تقرير لها حذفته بعد ساعة من نشره، بأن عددا من القوات الأمنية التابعة للباسيج (قوات التعبئة) وفوج حرس الحدود فى مدينة «ميرجاوة». قد تم اختطافهم على يد جماعة «جيش العدل» وورد نصًا فى تقرير وكالة «نادى الصحفيين الشباب» أن: سبعة ممن اختطفوا، كانوا قوات أمن من الباسيج وخمسة أفراد من استخبارات الحرس الثوري، وتم اختطافهم بين الساعة الرابعة والخامسة صباحًا يوم الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ م فى منطقة لوكدان الحدودية» الواقعة فى مدينة ميرجاوة والتى تمتلك سوابق لا حصر لها من عمليات القتل والاختطاف ضد قوات الأمن الإيرانية.

تبتعد مدينة مير جاوة حوالى ٨٠ كيلومترا عن مدينة زاهدان مركز محافظة سيستان وبلوشستان وعلى مدار الأعوام الأخيرة شاهدت العديد من عمليات خطف وقتل الجنود الإيرانيين، ولم تكن هذه المرة الأولى من نوعها، فى مايو العام الماضى حيث شاهدت هذه المدينة الواقعة على حدود إيران وباكستان، عملية إرهابية أسفرت عن مقتل ٩ من جنود الحرس الثوري


«الأمن فى إيران ليس له مثيل وسط الاضطرابات التى توجت دول المنطقة، والعالم بأسره يعترف بذلك» هذا ما قاله وكيل مساعد قائد قوى الأمن الداخلى الإيرانى العميد «محسن فتحى زاده» فى أحد تصريحاته خلال مراسم إحياء ذكرى ضحايا الأمن الداخلى فى إيران، والعجيب أنه فى نفس تلك المراسم أعلن إحصائية عن عدد قتلى قوات الأمن فى إيران حتى لحظة إدلائه بهذا التصريح، قائلًا: «حتى الآن استشهد ١٣ ألف عنصر من قوات الأمن الداخلى من أجل توفير الأمن فى مختلف محافظات البلاد فيما تعرض للإعاقة ٢٣ ألف عنصر آخر حسب ما نقلته قناة «العالم» الإيرانية الرسمية، وهذا ما يقوى فرضيتنا فى هذا التحليل، بأن مفهوم الانفلات الأمنى له معنى آخر لدى القادة العسكريين الإيرانيين». 
فى يونيو ٢٠١٧ م تَعرَّض البرلمان الإيرانيّ وضريح الخمينى لهجوم مسلَّح أسفر من مقتل ١٢ شخصًا، ويتفاخر القائد العام لقوات الحرس الثورى الإيرانى اللواء محمد جعفري، قائلًا: «إن توفير الأمن هى مهمة الحرس الثورى الرئيسية فى الخليج العربى والبحار وكافة أرجاء البلاد فى ظل محاولات الكثير فى المنطقة لخلق الفوضى بطرق مختلفة، لكن إيران تتمتع بأمن لا مثيل له»!! 
خمسة أفراد من استخبارات الحرس الثورى وسبعة من قوات أمن الباسيج تم اختطافهم خلال أحداث مير جاوة الأخيرة ولا يتراءى لهم مصير معلوم حتى الآن، هل هذا ما يجعل إيران تتمتع بأمن لا مثيل له؟. مع التفاخر الإيرانى، هناك سؤال مُلِح يطرح عندما تشهد الحدود الإيرانية أجواء تلك العمليات الإرهابية مرارًا وتكرارًا، ألا ينبغى أخذ المسئولين الأمنيين الإيرانيين إجراءات أمنية أشد فى عين الاعتبار؟ 


ويجيب رئيس لجنة الأمن القومى بالبرلمان الإيرانى «حشمت الله فلاحت بيشه» على هذا السؤال فى حوار مع موقع خبر أونلاين، قائلًا: «بالرغم من الاتفاقيات الأمنية المبرمة مع الدول الأخرى، وعلى الرغم من تعامل إيران الصارم مع الأفراد الذين يقدمون على عمليات إرهابية ضد المواطنين الإيرانيين، لكن الحقيقة مع الأسف هى أن الإهمال أدى إلى تعرض أرواح حرس حدود الوطن للخطر». وأكد أن موضوع هذا الإهمال ستضعه لجنة الأمن القومى على طاولة التحقيق، قائلًا: «ستتابع لجنة الأمن القومى الإهمال الداخلى المحتمل. وحقيقة الأمر هى أن العديد من الأحداث التى تقع للشباب وحرس الحدود يمكن الوقاية منها، لكن مع الأسف هناك نقاط ضعف لدينا». وقد أثارت تلك التصريحات غضب صحيفة «كيهان» الأصولية التابعة للمرشد الإيراني، مما دعاها إلى أن تكتب فى عدد اليوم التالى انتقادًا لتصريحات رئيس لجنة الأمن القومى «حشمت الله فلاحت بيشه»، قائلةً: «الملاحظة التى يمكن رؤيتها فى تصريحات رئيس لجنة الأمن القومى بالبرلمان هي؛ كيف ينتقد الإهمال بشأن أرواح ١١ فردا من حرس الحدود؛ لكنه هو نفسه وأنصار تياره السياسى فى البرلمان يعرضون أمن الشعب للخطر بتبريرهم الانضمام إلى FATF والمصادقة على ملحقات هذه المعاهدة ويفتحون الأبواب أمام النفوذ الاستخباراتى والأمني؟!» ولم تعقب صحيفة كيهان عن نقطة الإهمال والانفلات الأمنى التى أكد عليها فلاحت بيشه وتطرقت لموضوع آخر لا علاقة له بالأمن ونقاط الضعف التى تعانى منها المناطق الحدودية فى إيران. 
ولم يكن «حشمت الله» أول من انتقد الانفلات الأمنى فى إيران من أعضاء لجنة الأمن القومى ببرلمان هذه الدولة، فطبقًا لما صرَّح به المتحدث الرسمى باسم لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية «حسين نقوي»، فى معرض رد الفعل على حادثة الهجوم على عرض عسكرى فى مدينة الأحواز والذى وقع يوم السبت ٢٢ سبتمبر الماضي؛ «أطلق المسلَّحون النار وتَحرَّكوا بكل حرية لمدة ١٢ دقيقة متواصلة وسط حشد كبير من القوات المسلَّحة الإيرانيَّة وعناصر الاستخبارات والقوى الأمنية»، وقد اعترف بوجود ضعف وتقصير بالغ فى تأمين محيط العرض العسكري، قائلًا: «كيف يمكن أن تكون خلف منصة العرض حديقة دون أى نوع من التأمين؟! هذا خطأ فاحش، لذا ينبغى على لجنة الأمن القومى بالبرلمان الإيرانيّ استجواب المسئولين عن هذا الخلل، وما أعلنته القوات الأمنية الإيرانيَّة من الكشف عن الفريق الداعم للمهاجمين واعتقال ٢٢ فردًا لا يمحو تقصير هذه الجهات؛ لماذا لم يكشفوا هذا الفريق قبل تنفيذ الهجوم؟ ما فائدة القبض عليهم بعد تنفيذ المخطَّط؟، لقد وصل الأمر إلى حدّ أن المهاجمين الأربعة كانوا يتحدثون معًا ويعيدون تلقيم أسلحتهم كلما نفدت الذخيرة عدة مرات!». 
خلاصة القول؛ ما يتفاخر به المسئولون الإيرانيون من أن إيران دولة أمن لا مثيل لها فى المنطقة، هو ادعاء واه لا أساس له من الصحة على أرض الواقع؛ باعتقادى تصريح اللواء جعفرى قائد الحرس الثورى الذى قال فيه إن «أمن إيران لا مثيل له» نقصته عبارة... «إنى لا أكذب ولكنى أتجمل».