الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تليفزيون البوابة

محسن عطية.. سائق ميكروباص بدرجة "طبيب نفسي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أبى أن يكون ككثيرين من بني مهنته، التي قلما يشكُر الناس في أسلوب المنتمين لها، فمُنذ أن شاء القدر وعمل بها، سعى جاهدًا في بناء قلعته الخاصة، التي لا يجرؤ أحد أن يعبث بها، فقواعدها أُسسّت على "الحرفية"، وجدرانها شُيدت من "الفرفشّة وحُسن الخُلق وجبر الخواطر"، ليستطيع بذلك أن يحُفر اسمه على لوحة "شرفاء المهنة"، التي يعرفهم أغلب المواطنين، إنه "عم محسن عطية"، سائق ميكروباص بخط "شبين القناطر – كلية الزراعة"، أو كما يُلقبه زملاؤه السائقون "فاكهة الموقف".
يبتسم لك الحظ ضاحكًا، إن صادفت "عم محسن" وركبت معه هذه الوصلة، فبمجرد أن تطأ قدماك سيارته -التي عفى عليها الزمن- يطيب أنفُك بالعِطرٍ، وتُطرب أذنيك بما تريد أنه تسمعه، بعدما يَجري الاستفتاء بين الركاب على نوعية ما سيصدره "الكاست"، (هتسمعوا ايه يا أساتذة)، بهذه الجملة يبدأ "فاكهة الموقف" حديثه مع الركاب فور بدء انطلاق الرحلة، ليعُقبها بكل هدوء جملة أخرى، تجعلك تشعر أنك تستقل سيارتك الخاصة (لا مؤاخذه.. أستأذنكم نِلم الأجرة مع بعض.. واللي مش عايز يدفع.. خلاص أجرته وصلت)، من هنا يعاود "محسن" الحديث مرة أخرى مع الركاب، لتبدأ الأحاديث الجانبية والجماعية في ميكروباص السعادة.
يروي صاحب العقد الرابع من عمره، بعض المقتطفات من حياته مع الميكروباص، قائلًا: "من سنة 1984، وأنا شغال سواق ميكروباص، مع إن أهلي ونفسي رفضوا الشغل دا؛ بس حياتي على -التارة- قصة عشق دامت 35 عاما، حاربت من أجلها ورفضت الالتحاق بأي عمل أو وظيفة، أنا بحبها ومش هشتغل حاجة غير الميكروباص".
ويضيف «عم محسن»: «لازم تمشي بما يرضي الله، علشان تدوم عليك النعمة، -خاف الحرام وعامل الناس بلسان حلو- تبقى ملك؛ لكن لو مشيت غلط ومسكت في الخناق، لا هتشتغل ولا هتروح ولا هتيجي، وهدومك هتتقطع.. والحمد لله علاقتي بالسواقين (مية مية) وكله بالرضا، دا أكل عيشنا».
ويستطرد، «من الميكروباص، الناس كلها عرفتني، والحمد لله مصدر رزق أولادي الـ 4، عايش منه ملك، علشان براعي ربنا أوي في شغلي، لازم الزبون اللي يركب يحس إنه راكب عربيته الملاكي مش ميكروباص، لازم تتعامل بآدمية واحترام مع الكبير والصغير – قدر الناس تتقدر- مش بعمل زي سواقين خط شبين القناطر، السواق عايز ياكل الناس، يحمل نصف الطريق علشان يكسب أكتر وفي الآخر المواطن هو المظلوم، مش عارفين إن ربنا قاسم لك رزقك لا مفر منه».
واختتم «فاكهة السواقين» حديثه لـ«البوابة نيوز» قائلًا: «عمر الخير ما بيكون ببلاش، حافظ على لقمة عيش أولادك، حافظ على صحتك، خلي الناس تتمنى تركب معاك، أهم حاجة سلامة الركاب، وعُمر السواق الشاطر ما كان بالجري وشرب المخدرات والصوت العالي».