السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جاءني يسعى 1 من 2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شغلتنى شهادة أبى عن مستشرق أنثروبولوجي فرنسي وطأ وعائلته واحة مولده براك الشاطئ جنوب ليبيا مع أربعينيات القرن الماضي، وقد دون وصديقه الطاهر العالم سجلا عن عادات وتقاليد وفلكلور واحتهم له حين أبدى لهما اهتماما بحثيا بذلك، وأخذت على محمل الجد تلك الشهادة التاريخية الواقعية الزمان والمكان، وانشغلت بالبحث عن اسم ذلك المُستشرق والباحث الأنثروبولوجي «فيليب مارسيه» وتوجهت إلى المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية (مركز الجهاد سابقا) بشارع الوادى بطرابلس للبحث عن أثره، فذهنى يعمر بالأسئلة: هل أنتج كتابًا عن واحة براك؟ أو عن عموم رحلته تلك بالجنوب ؟ هل جمعت زوجتهُ أو ابنه تلك القصاصات وأصدراها فى كتاب؟ خاصة وأنى عثرت على كتاب لإيطالية ساحت وجالت مثله بالجنوب، اسمها أونرينا بتروتشى عنوانه: «nel fezzan» وقد صدر عام 1932، وهناك نسخة وحيدة من كتابها شاهدتهُ بصندوق العرض الزجاجى (الفترينة) بمكتبة المركز فأحلتُ بعضا من صفحاتها المتعلقة ببراك للترجمة، وضمنتُها فى كتابى «حاملات السر».
سأعاود إلى مارسيه وإرثه عن الواحة إذ سأتذكر ما حكاه لى والدى عن آخر اتصال لابنه مع رفاق والدى أول سبعينيات القرن الماضى إذ أعلمهم أن والده فيليب بالجزائر يزورها كباحث مُختص، ويتمنى أن يلتقيهم بها، استطاع رفيقا والدى الذهاب ومقابلة فيليب فى أواخر أيام حياته، غاب والدى عن رحلة الجزائر تلك فقد كان منشغلا بعمله وبأسرته الكبيرة أبناءً وأخوة وأخوات، عندما تواصلت مع أحد رفيقى أبى أخبرنى أنه فاتهما أن يسألانه إذا ما كان أنجز شيئا؟ وماالذى فعله بتلك القصاصات المعلوماتية والتى لعلهُ حفظها كوثيقة وكجزء من تاريخ الواحة فى الأرشيف الفرنسي.
سأورد فى دراستى الأكاديمية للماجستير عن واحة براك أنثربولوجيا 2004 م هذه الأسطر: وعلى الرغم مما شاب دراسات أنثروبولوجية قطع فيها الباحثون مسافات طويلة عبر القارات ليتغلغلوا الى أعماق جذور ثقافة مستعمراتهم ملاحظة وتوثيقا مباشرين، ولفهم كل ما يتصل بالحياة الشعبية من أجل تحقيق أهدافهم، وعلى الرغم من النوايا المُريبة التى رمى المستعمر إليها من وراء جهوده تلك إلا أنها تظل شاهدا ماثلا على ما تركته من طرق منهجية فى البحث والاستقصاء، ما فعله نابليون بونابرت فى مصر وقد أحضر معه كبار العلماء والباحثين وتمخض عن تلك الغزوة كتاب موسوعى بمجلدات ضخمة فى وصف مصر ظلت مرجعا مهما إلى يومنا هذا، وقد وثق لأهالى براك أنثربولوجى فرنسى «فيليب مارسيه».
غير أن ما جد أنى قاربتُ ضالتى ذاك المستشرق الفرنسى من شغف بواحة براك أربعينيات القرن المنصرم، وقد جاءنى خبرهُ يسعى بغير احتساب أو توقع، إذ كانت مقالة لى نشرتها بذات الخصوص رمية من غير رامٍ، كنتُ قبلها عولتُ لسنوات على رد أو نتيجة لمعلومة سلمتها بشكل شخصى لباحث فى العلاقات الليبية الفرنسية «د. محمود الديك» وقد اعتزم زيارة فرنسا لنشاط بحثى مشترك (فرنسى – ليبي) فأوصيته وكان ردهُ أن لا خبر !، اعتقدتُ واثقة - ولا شطارة لى فى ذلك - أن بمُكنته ذلك وهو متخصص كما بمُكنةِ مركزهِ المرجعى ما تأسس منذ عقود، وله اهتمامه التاريخى الاختصاصى على مستوى البلاد ومشهود له منجزه ومنتجه الكبير، الذى يعمل به باحثون مُتعينون كما يستقطبُ استشاريين فى مجاله، والذى لا غرو أنه كمركز يمثل إضافة بحثية وتوثيقية مهمة.
وعود على بدء ما وصلنى مثل ثروة وكنز معرفيا طال انتظارى له، كان تعليقا على صفحتى بالفيس بوك من أستاذ ليبى بعلوم المكتبات والمعلومات «صديق بن سليمان» مُرفقًا بأربعة روابط: أولها لتعريف بالمستشرق فيليب مارسيه فى صفحة بالويكيبيديا الفرنسية، وثانيها: لمكتبة الغوغول تعرض دراسة بالفرنسية عن كتابه صدر عام 1977 «نصوص لسانية مغاربية»، ثالثها: رابط لأطروحة ماجستير عن جامعة منتورى (كلية الآداب واللغات)، قسنطينة، الجزائر عنوانها: ترجمة التعابير المجازية فى النصوص العامية، فيليب مارسيه نموذجا (Textes Arabes de Djidjelli) نوقشت فى العام الدراسى (2008 - 2009) لباحثة جزائرية هى ريمة لعريبى بإشراف د. سعيدة كحيل من أحاول التواصل معهما فى يومنا هذا، والتى كتبت فى أطروحتها عن دراسة فيليب مارسيه للهجة وتعابير جيجل، ورابع الروابط: صفحتان بمجلة «اللغة والأدب» الفرنسية تعرض قراءة فى جهد فيليب مارسيه حول لسانيات فزان / جنوب ليبيا مأخوذة من نصوص شفاهية هى حوارات يومية، وأغان منها أغانى العمل، وشعر، وهذا الإصدار يحمل عام 2001 آخر أعمال فيليب مارسيه. فمن هو فيليب مارسيه وما قصتهُ؟.