الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الكنيسة والمزيكا.. تلحين الصلوات المرفوعة لله والإرساليات الخارجية وضعت نوتة موسيقية للقداس

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"مارثا روى" أول من جمع وسجل ألحانًا فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

تشهد كنائسنا هذه الأيام موجة تطور فى الترانيم والتراتيل والألحان الموسيقية، وهى تعتبر جزءًا من الليتورجيا «نظام العبادة» الخاصة بالكنيسة، وبدأت فى وضع نظامًا للطقوس الدينية المؤلفة من الأناشيد التى ترنم فى المناسبات المختلفة طوال السنة، وقامت بكتابة كلمات وموسيقى الأناشيد الدينية وتأثروا من الشعر الغنائى فى العهد القديم أو المزامير، ثم أخذت كل كنيسة تضع موسيقى وأناشيد خاصة بها وبمعتقدها، وبعد ذلك وجدنا أشخاصًا قاموا بمحاولة تحديث الترانيم أو محاولات لوضع نوت موسيقية للقداسات، وبالفعل نجح البعض منهم فى صنع ذلك، وفى عرضنا هذا سترصد «البوابة» كيف تطورت الترانيم داخل الكنيسة؟ وكيف أثرت الإرسالية الأمريكية فى وضع نوتة موسيقية للقداس؟ 
قال القس إميل زكي، أحد كبار قساوسة الكنيسة الإنجيلية فى مصر، إن الكنيسة الإنجيلية المشيخية جاءت إلى مصر، وكان فى مصر ثلاثة أنواع من الموسيقى، الأول هو الإنشاد الدينى الإسلامى وله طابعه المميز، والثاني، هو الفولكلور المصرى الريفى الذى كان يعتمد على القصة، قصص البطولة، والموال الشعبي لتعظيم القيم، والثالث هو الألحان القبطية الأقرب إلى الإنشاد الفرعونى القديم بدون نوتة موسيقية وبعدد محدود جدا من آلات الإيقاع، وهى الناقوس والمثلث.
وأضاف «زكي»، ثم جاء المرسلون الإنجيليين ومعهم ترانيم إصلاح بألحان غربية، وكانت قد تُرجمت بعض هذه الترانيم فى بيروت، وجلبوا معهم الأرغن ذا المنفاخ وأيضا البيانو، وشددت الكنيسة المشيخية على أن تكون الترانيم من نظم المزامير، وما زالت الكتب الباقية حتى الآن يوضع فيها رقم ترنيمة من جهة اليمين، ورقم المزمور من جهة اليسار.
وكتبت النوتة الموسيقية بالصولفائية العربية، واستمرت الكنيسة تستعمل نظم المزامير فقط حتى سنة 1932، حين قرر المجمع الأعلى للكنيسة المشيخية فى مصر إضافة بعض الترانيم، خاصة من الكتاب البيروتى لنظم المزامير، وتمت كتابة النوتة الموسيقية بالنوتة الغربية وأسفلها الصولفائية العربية. وقد أثر هذا فيما بعد فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فسمحت باستخدام الآلات الموسيقية كما تبنت بعض ترانيم الشباب.
ومع بداية الأربعينيات فى القرن العشرين، ظهر بعض الموهوبين فى كتابة الشعر والتأليف الموسيقي، وكان على رأس هؤلاء الشيخ نجيب إبراهيم، والذى كان يعمل مدرسا للموسيقى فى كلية أسيوط، والذى كتب ولحن أكثر من أربعمائة ترنيمة وقرارا للمناسبات المتنوعة والمؤتمرات الشبابية وغيرها، ومن بين ما كتب ترنيمتين، الأولى خاصة بالميلاد، والثانية نتيجة خبرة شخصية له، عندما تعرضت عينه للخطر وكتب ترنيمة «ما خاب لى أمل».
وقد قام الدكتور والتر سكيلي، مرسل أمريكى وقت أن كان مديرا لكلية أسيوط «التابعة للكنيسة الإنجيلية المشيخية فى مصر» بترجمة الترنيميتين إلى اللغة الإنجليزية وبنفس اللحن.
وترنيمة الميلاد كانت موسيقى ذات طابع شرقى متأثرة باللون الغربي، وتبعه عدد كبير من المؤلفين والملحنين حتى أن لجنة الشباب السنودسية كانت تصدر كل سنة منذ أواخر السبعينيات كتابا لترانيم الشباب يشتمل على شعارات المؤتمرات وبعض الترانيم الانتعاشية، وبعض هذه الترانيم عاش وانتشر فى العالم العربى كله، ومعظمها لم يعش طويلا. 
ومع ظهور تكنولوجيا الصوتيات والتسجيل، ظهرت العديد من فرق الترانيم، وبعض هذه الفرق أجاد وأنتج وطور ألوانًا موسيقية تساير تطور العصر وموسيقى الشباب.
أما عن الذين أثروا الموسيقى فى الكنيسة المشيخية أكاديميا، فهى الراحلة الدكتورة مارثا روي، التى أعطت الكثير والجديد والعلمى، ليس فقط فى مجال تدريس الترنيم والموسيقى فى كلية اللاهوت، بل أيضا فى تدريب قيادات لأجيال متعاقبة، كان لها عطاؤها فى الأكاديمية الموسيقية المصرية، ونالت جائزة تقديرية فى ذلك سلمها لها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأهداها وسام «الكمال»، وظلت تراجع رسائل الماجستير والدكتوراه فى الأكاديمية الموسيقية إلى آخر وقت مكنتها صحتها من عمل ذلك. ويذكر لها التاريخ أنها أول من جمع وسجل ألحانا فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأسلوب علمى مدقق.
قامت «روي» بتدوين النصوص القبطية ونسخ الألحان القبطية خلال الليتورجية بدقة، وقدمت الترجمة الإنجليزية للطقوس فى القداس القبطية الأرثوذكسية القداس الباسيلي، مع النسخ الموسيقية الكاملة جمعها راغب مفتاح ونسختها مارجيت توث.
ولدت «روي» فى 27 مارس 1913 من أبوين مرسلين أمريكيين مشيخيين، وقضت حوالى ست سنوات خارج مصر. وُلدت فى المستشفى الأمريكى فى طنطا، حيث لم يكن هناك مستشفى أمريكى فى الإسكندرية، وكان والداها يعملان فى ذلك الوقت.
عندما كانت فتاة صغيرة، تلقت تعليمها فى مدرسة Lycée Français فى العطارين، وأنهت دراستها الثانوية فى مدرسة Schutz الأمريكية فى الإسكندرية، وكان والدها يشغل منصبًا تدريسيًا، وبدأت أيضا فى دراسة البيانو وسافرت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة لمتابعة درجة البكالوريوس فى الموسيقى والفرنسية فى كلية Muskingum فى ولاية أوهايو. 
وعند عودتها من دراستها بالخارج فى عام 1935، أصبحت معلمة موسيقى فى مدينة الأقصر، حيث قامت بتعليم الشباب المصريين الموسيقى الكلاسيكية الغربية وموسيقى تراثهم الشعبى الخاص.
كما درست مارثا روى فى مدرسة اللاهوت فى مدينة نيويورك، وتعلمت عن التاريخ الليتورجى تحت يد الدكتور سيريل ريتشاردسون. فى دراساتها المستمرة عن الطقوس القبطية، اكتشفت أن الليتورجية القبطية تتبع نفس الشكل الذى اتبعته الكنيسة فى خدمات الكنيسة الغربية. 
وبعد عودتها إلى مصر، التقت بالدكتور راغب مفتاح، وطلبت معرفة المزيد عن الترانيم القبطية. فى ذلك الوقت، انتقلت إلى القاهرة، حيث أصبحت نائبة المدير فى الكلية الأمريكية للبنات، والتى أعيدت تسميتها كلية رمسيس فى عام 1967. 
وبالإضافة إلى منصبها التدريسي، بدأت بدراسة اللغة القبطية والتاريخ مع المؤرخ القبطى د. شاكر باسيليوس فى معهد الدراسات القبطية والترنيمة القبطية مع د. راغب مفتاح. ثم أصبحت محاضرة فى الليتورجية القبطية فى المدرسة اللاهوتية الإنجيلية بالقاهرة.
ونتج عن نشاطها قيام مركزين لتعلم الموسيقى، واحدا فى القاهرة بقيادة ميس كاثى جيكبسون، والآخر فى أسيوط بقيادة مارجريت جرومن، وتتلمذ على هذه القيادات الموسيقية عدد غير قليل من القيادات المصرية، وتشكلت فرق للترنيم على مختلف المستويات، وبعضها له إنتاج متميز انتشر فى كل الأوساط والبلاد الناطقة بالعربية.