الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«صلاح»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لا شك أن جزءًا من جاذبية صلاح يكمن فى سلوكه المتواضع وطبيعته البسيطة، كما أنه جسر بين الثقافات، فاللاعب مهم جدًا لأنه رمز مثل توت عنخ آمون أو الأهرامات، لقد أصبح صلاح رمزًا عصريًا للثقافة المصرية، كثيرًا ما يصلى فى الملعب، يظهر بلحيته بفخر، كما أن الأغانى والأهازيج فى «أنفيلد» والتى تعكس ثقة الجماهير فى صلاح لم تتوقف طوال العام الماضى، تكريمًا للنجم الذى أسر القلوب، فهل يتوج اللاعب بالأفضل فى العالم؟»
الكلام السابق ليس على لسانى، ولكنه جزء صغير من تقرير «فيفا» المطول عن محمد صلاح بمناسبة اختياره ضمن قائمة المرشحين العشرة لجائزة أفضل لاعب فى العالم لموسم 2017 ـ 2018، فى الوقت الذى نصب له التافهون والفاسدون وعديمو الموهبة محاكمة بسبب صدقه، لن أتحدث عن الأزمة التى يعرف تفاصيلها العالم كله الآن، ولا عن الخيال القديم الذى يدير كرة القدم فى مصر، محمد صلاح ليس لاعب كرة موهوب فقط، هو عنوان لمصر المبدعة المثابرة، هو سفير للرقة التى حمت المصريين من التطرف والإرهاب، شق طريقه بنفسه، ولا فضل لأبى ريدة عليه، أبوريدة الذى لن ننسى علاقته بملف قطر فى كأس العالم، ومشهد إعلان تنظيمها البطولة مع الأسرة الحاكمة القطرية التى اعتبر نفسه جزءا منها، كرة القدم واعدة جدا فى مصر، ويجدها الناس بديلا عن السياسة ووجع دماغها، يفرغ فيها الشباب طاقاتهم، والمتفرجون أيضا، هى سعادة الفقراء فى مصر، لا يوجد أجمل من فوز فريقك، أو منتخب بلادك، اختطفها من الناس رجال الأعمال ولاعبو كرة القدم المتقاعدون، تآمر الطرفان على الناس، وزاد الطين بلة دخول أطراف خارجية لا تتمنى الخير لمصر فى أى مجال، الوجوه التى كانت مرتبطة بزمن مبارك لا تزال فى الصورة، وأكثر شراسة، الجميع يسعى إلى «تسليع» اللعبة، تحول الملعب (الذى هو ساحة ارتجال) إلى استوديو ضخم يصور «شو»، وعليك كجمهور أن تدفع مقابل هذا، حوصرت الأندية الشعبية التى صنعت ذاكرة اللعبة، اختفت الترسانة والمحلة والأوليمبى وأسوان وغيرها من الفرق، لتأتى أندية رجال الأعمال والشركات، وسط هذا الحصار يظهر محمد صلاح، ليرفع سقف الطموح عند الشباب، ليس فى مصر وحدها، ولكن فى العالم الثالث كله، نجح بعيدا عن هذا المناخ، انتبه التحالف إلى هذا بعد «الكرامات» التى أظهرها اللاعب دوليا ومحليا، خافوا من الطموح، هم لا تعنيهم اللعبة، هم يعملون فى البيزنس والسياسة، محمد صلاح فاجأ «السيستم» بموهبته وأخلاقه وتواضعه، أحدث ربكة حقيقية لهم، جعلت كهنة النظام القديم يعودون إلى اللغة القديمة والآليات القديمة، إلى استعارة صياغات جاهزة مثل «المدعو»، وأنه يسعى إلى الشهرة على حساب اتحاد أبوريدة، ولا أعتقد أنهم يريدون تطفيشه، هم يريدون مضايقته فقط، لأنه محبوب، لا مكان للمحبوبين فى مصر الحديثة، هم يريدون تحويل النجوم إلى سلع فقط، مثل المياه الغازية وشركات المحمول والمطاعم الأمريكية، هم يستهدفون الجمهور باعتباره «زبون» وليس جمهورا بسيطا يتابع لعبته المفضلة، ويساند منتخب بلاده، محمد صلاح معنى أكثر من كونه لاعب كرة قدم، يشير إلى شىء جميل فى الشباب المصرى، هو يلعب كرة قدم سعيدة، أحبها عشاق اللعبة فى العالم، لأنها محتفظة بالفطرة النقية والتى جعلت كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى، المطالب التى رفعها صلاح لـ«اتحاد المُلاك» بسيطة ومنطقية ولا علاقة لها بهيبة الدولة ولا بالمؤامرة على مصر، كان يجب أن تحترم، لصالح الفريق ولصالح اللاعبين، لأن «الأصول كده»، ما يحدث الآن فى اللعبة ضد قانونها، لسنا ضد الاستثمار فى صناعتها، ولسنا ضد قدوم مستثمرين (لا دول) للعمل فيها، وفى المقابل، على الدولة أن تنهض بمراكز الشباب والأندية الشعبية فى الأقاليم، لكى يظل الطعم المصرى موجودا فى كرة القدم المصرية، «أبوريدة» ومجلسه ورجال أعماله، وصحفيوه واستديوهات تحليله لن يقدروا على كبح جماح الشباب الذى سينتصر فى أى معركة تكون نتيجتها لصالح الحق والجمال.