الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجريمة والعقاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهور عدد من الجرائم البشعة تدق ناقوس الخطر فى سلوكيات المجتمع، التى قد تصل إلى ظاهرة فى المستقبل، مثل خطف واغتصاب الأطفال وسرقة أعضائهم، أو القتل بدافع السرقة، أو بسبب المخدرات أو الأزمات المالية، أو مرض الاكتئاب النفسى أو الخيانة الزوجية.. إلخ، ولكن الذى كان لافتا للانتباه وغير طبيعى هو من قاموا بقتل أبنائهم، مما يدل على وجود خلل ما، ويجب دراسته وبحثه وطرق علاجه، فالإنسان يولد على الفطرة التى لا تعرفُ الأذى أو الإجرام، ولكن المجتمع المحيط به له تأثير كبير فى تشكيل شخصيته، مما يجعله إنسانا صالحا، أو ينحرف نحو فعل السّلوكيات السيئة، مما يقوده إلى الجرائم، إن كان بسبب ضعفُ الوازع الديني، أو ضعف الوازع الأخلاقي، حيث إن الأخلاق ركن مهم من أركان الإصلاح الاجتماعي، أو تعاطى المُخدّرات؛ لأنها تجعل الشخص فاقد القدرة على التمييز بين الأشياء، وتُذهب عقله كُليًا، ولكنها أيضا ليست فى كل الأحوال بسبب الجريمة، فلو نظرنا لجريمة الأم التى قتلت زوجها وابنها من أجل العشيق، أو الأب عام 2008 الذى أنهى حياة زوجته وابنه وابنته، حيث مزق أجسادهم بـ(بلطة)، وقطع شريان يده وشرايين فى ساقه، وجلس ينتظر الموت وسط الدماء التى أغرقت منزله، حتى اكتشف شقيق الزوجة الجريمة بالصدفة، وتم نقل الأب إلى المستشفى، وقبل دخوله حجرة العمليات اعترف لقوة الشرطة بأنه أصيب بأزمة مالية كبيرة منذ انهيار البورصة فى عام 2008، مما نتج عنه معاناة أفراد أسرته وعجزه عن تدبير متطلباتهم، فخشى عليهم من آلام الفقر وقرر أن يريحهم للأبد، وأيضا أسرة مدينة الرحاب، عندما قتل الأب أولاده وزوجته ثم انتحر، بسبب خسارته لأمواله، والأب الذى قتل زوجته وطفلتيه أثناء ماتش مصر وروسيا بسبب مشابه أيضا، والأم التى أغرقت طفليها فى الترعة بسبب خلافات مع زوجها، وأخيرا الأب الذى أغرق طفليه فى النيل، إن القتل لحظة تخلى عن العقل والإنسانية، إذ يتوقف فيها القاتل عن التفكير، وتتوقف حواسه كافة، وتتملكه الرغبة فى القتل، دون أن يفكر فى تلك اللحظة فى هوية ضحيته أو صلته بها، وفى أحيانٍ كثيرة لا يعود للقاتل عقله إلا بعد ارتكابه جريمته بفترة ما، ولعل هذا ما يدفع القاتل أحيانًا إلى الانتحار بعد ندمه على جريمته، إذ لا بد من تكاتف المجتمع مع المؤسسات الأمنية والقضائية والتربوية للتصدى لتلك السلوكيات المدمرة، التى قد تنتشر بصورة كبيرة، وتصبح ظاهرة لا يجدى معها علاج أو قانون، فالتربية السليمة فى البيت والمدرسة، ودور الإعلام، والطب النفسى والأفلام السينمائية، لهما دور كبير فى تغير السلوك الإنساني، ورأينا هذا عندما انتشر رقص الأطفال بالسيوف والسنج فى الحوارى الشعبية والقرى، تقليدا للممثل محمد رمضان، ولكن أيضا الذى أصبح عجيبا وغريبا، هو دفاع الأكثرية من الناس عن المجرم، ومحاولة إلصاق جريمته لآخرين، وكل فرد جعل من نفسه محاميا وقاضيا، ويصدر حكمه فى الجريمة، وينشر هذا الهراء على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الفعل أسوأ من فعل المجرم نفسه، إذ إن هؤلاء جعلوه ضحية، وبطلا مثل متحرش التجمع، الذى نال شهرة بسبب دفاع أمثاله عنه، واتهام الفتاة (الضحية) بالعهر، وأيضا الدفاع عن الأب الذى أغرق طفليه فى النيل، لمجرد أن أصحابه وأهله يدافعون عنه لتبرئته رغم اعترافه بالجريمة، ويقولون إنه تعرض للتهديد، لقد جعلنا من المجرمين أبطالًا، عندما نسلط الضوء عليهم، والدفاع عنهم، ونشر صورهم ويصبحون حديث الناس فى كل وقت، هذه أيضا ظاهرة تفشت فى المجتمع، الكل يحلل ويفتى كما يحلو له فى كل شىء، الصحيح هو أن الجريمة يقابلها العقاب بالقانون ونبذ المجتمع لها.