الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبداعات البوابة.. هذه القصص (مشروع مكتبة القهوة)

محمد علام
محمد علام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محيرة دائمًا هى البدايات، خاصة إذا ما تعلقت بأمور يستعصى تبيان ماديتها من معنويتها، مثل الواقع والخيال، والحقيقة والفن، والأحلام. إن كل ما يتصل بالشعور والأفكار يستعصى على الإنسان القطع به، أو الاستقرار على إجابة محددة بشأنه، فالحياة لمن خَبِرَها؛ لا وجه لها، أو لا وجه محدد لها.
من الصعب إدراك أمور كهذه منذ بدايتنا. فى البداية كل ما يعتمل فى ذهننا عن الحياة مثلا أنها إما مثالية تمامًا أو شريرة تمامًا، وعن القصة أنها حكاية إما خيالية تمامًا أو واقعية تمامًا، هذه اليقينية التى ننطلق بها فى مواجهة الحياة فيما بعد، ما تلبث أن تتحطم تمامًا فى أول محاولة للقبض على مفهوم محدد وقاطع لمعنى الحياة.
ذلك أن الحياة كلوحة بيضاء تمامًا، إذا رسمت شجرة ستجنى ثمرها، إذا شيدت جامعة ستشهد معرفة، وإذا رسمت بندقية سترى دماء وستحصد قتلى وجثثًا عديدة.
ولذلك كان لابد عند التعامل مع مرحلة عمرية بالكاد يتفتح الوعى فيها، أن نبسط كل المفاهيم المعقدة ووجهات النظر المتضاربة والأمور المركبة، وأن نردّها إلى صورتها الأولية، خاصة فيما يتعلق بالفن والأدب، أن نرد إدراكها إلى صفحة بيضاء تمامًا يجرى ملأها من خلال المشاركين، حسبما يقودهم الخيال ويسعفهم لتطويرها مرة فمرة، ومن هنا وجب أن نؤسس مبدئيًا لأهم أداة من أدوات الإنسان: الإبداع.
كل التجارب والدراسات أثبتت أن التصورات التى تقدم جاهزة إلى العقل البشري، يستقبلها العقل فى مساحة ظاهرية غير مستقرة، وتكون معرضة للفقد أو التشويه فى أى وقت وبأبسط طريقة، خاصة إذا تعلق الأمر بالقضايا والمفاهيم المركبة والتعريفات غير النمطية، بل إن الدراسات أثبتت أن التعليم التفاعلى يساعد الدارس على الوصول بنفسه للنتائج المنشودة وتكون حينها وثيقة الصلة بوعيه لها، وتكون أكثر فاعلية.
وعلى ذلك كان أول التحديات هو أن يدخل المشاركون فى لعبة تفاعلية يخرجون من خلالها بتعريفات مختلفة، لكن كلها صحيحة حول مفهوم الإبداع، والدراما، والفن، وأن يستهجن أحد المشاركين زميله الذى جاء متأخرًا فسأل هل أحداث هذه القصة حدثت بالفعل فى الواقع؟ فيجيبه بكل ثقة أن السؤال من أساسه كان سؤالا خاطئًا، لأن الواقع شيء، والإبداع شيء آخر، حتى وإن التقيا.
هذه هى النتيجة المنشودة لكل دارس للأدب والفن، بديهيات وركائز، وأدوات تمكنه حتى وإن لم يصبح كاتبًا، أنه إذا كان دارسًا أو مدرسًا أو حتى مربيًا، أن يتعامل مع الإبداع وأن يفهمه الفهم الذى لا يشوهه.

فى البداية كل ما يعتمل فى ذهننا عن الحياة مثلا أنها إما مثالية تمامًا أو شريرة تمامًا، وعن القصة أنها حكاية إما خيالية تمامًا أو واقعية تمامًا




محمد علام