السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجيش الفرنسي في معارك الشرق الأوسط.. العقدة السورية القديمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت مفاجأة كبيرة عندما استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الخريف الماضي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قصر فرساي المهيب خارج العاصمة باريس، وهو رمز للإمبراطوريات المتعاقبة التي بنتها فرنسا بقوة المدافع وسطوة الأساطيل.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيسان أطلق الرئيس ماكرون عبارة الخطوط الحمراء التي إذا تجاوزها النظام السوري فإن فرنسا وحدها أو مع حلفائها سوف ترسل الرافال والميسترال لعقاب بشار الأسد.
ولم يكن لا إيمانويل ماكرون ولا فلاديمير بوتين يتوقعان أن ينفذ الرئيس الشاب وعيده ولم يمض بعد عامه الأول في قصر الإليزيه.
أدرك ماكرون ثلاث حقائق دفعته دفعا لتجاوز أسوار التردد ومساءلات مؤسسات برلمانية "ثرثارة" كما كان يقول نابليون.
1- أولى هذه الحقائق أن ماكرون يمقت مقتا مرضيا ألا يصدقه الفرنسيون، هو توعد وعليه التنفيذ مهما كانت الكلفة، لأن ذلك التنفيذ سيقنع عمال السكك الحديد المضربين وطلبة السوربون الثائرين أن الرئيس لا يمزح، وكما أقال رئيس الأركان فإن الجيش يطيعه وينفذ أوامره، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة حسب الدستور.
2- إن الرئيس يريد أن تستعيد فرنسا مكانتها الدولية ودورها التاريخي في الشرق الأوسط والحرب، كما كان يقول الجنرال كليبر هي "ازميل كتابة التاريخ"، ويريد الرئيس أن يقول إن فرنسا القوية عائدة للشرق الأوسط مع الأمريكيين أو بدونهم، ولكن من الأفضل أن يكون معهم لأنه لا يريد أن ينفرد الإنجليز بذلك، كما أنه يريد أن يكون لفرنسا مقعد كبير وسط المقعدين الأمريكي والبريطاني وليس بعيدا عنهما.
3- الحقيقة الأخيرة هي أن هناك عقدة فرنسية عسكرية في سوريا على وجه التحديد منذ عشرينيات القرن الماضي، عندما تقدم الجيش الفرنسي لاحتلال سوريا بعد الاتفاق الودي مع الإنجليز وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان احتلال دمشق سريعا ولكنه تبعته معارك شرسة ومقاومة أشرس اضطرت فرنسا على إثرها التخلي عن أحلام إمبراطورية في سوريا الكبرى، وتنسحب نهائيا من سوريا بعد أطماع عنيدة فيها دامت أكثر من مائتي عام وبالتحديد منذ الحملة الفرنسية على الشام 1799.
هذه الحقائق كانت ولا شك ماثلة أمام صاحب القرار بقصر الإليزيه، وكان إصرار وزير الخارجية جان إيف لودريان في مؤتمره الصحفي أمس بصحبة وزيرة الدفاع فلورانس بارلي، على أن الرئيس اتخذ القرار للمشاركة في الحرب مع آخرين، ولكن لم تكن عينه سوى على المصالح المعطيات الفرنسية البحتة.