الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أحوال الإعلام والحلم المؤجل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قفزوا من مركب مبارك.. وهرولوا إلى نظام الإخوان، ثم تبرأوا منه.. ليلحقوا بالنظام الحالي، وغدًا تجدهم مع نظام آخر، ولن يخجلوا من مهاجمة نظام ولّى قدموا له فروض الولاء والطاعة.. لنفاق نظام آتٍ يخجله سرعة تحولهم.
هذا هو حال العديد من الإعلاميين الذين أفقدوا الإعلام مصداقيته وجعلوه عبئًا على الدولة، وخلقوا مشهدًا عبثيًا فى الصحف والقنوات بدأ مع عبثية أحداث يناير ولم ينته حتى اليوم، وبات الإعلام الجاد حلمًا يراود الخيال مع قدوم ذكرى ثورة يونيو كل عام، ويتبدد الحلم عندما تمر الذكرى ويبقى الحال على ما هو عليه، إعلام مهتز، يقول الشىء ونقيضه، يراعى مصالح أصحابه فقط، ثم ينقلب على نفسه، فترى المذيع ينهش فى لحم زميله، ثم يتبادلان السباب ليكشف كلاهما عورة الآخر، ضاربين بالأخلاقيات والمهنية عرض الحائط، إعلام يتسابق على التفاهة والسطحية، يمدح ويقدح فى آن واحد، يفتعل المعارك لينسى رسالته فيحارب طواحين الهواء، لم لا؟ وهو الإعلام الذى افتعل معركة مع ميت، رفعه مع جمهوره من الشباب إلى عنان السماء، ثم علق له المشانق وقرر إعدامه، ولو كان أحمد خالد توفيق حيًا لترفع عن الرد.
عبثية المشهد الإعلامى كانت وليدة أحداث يناير، لذلك كان الأمل فى عودة مؤسسات الدولة ليعود معها الإعلام الجاد، وعادت المؤسسات..ولم يعد إلا إعلام الصبيان، ثم كان الأمل فى البرلمان ليشرع لإعلام يتوافق مع المرحلة الاستثنائية فى تاريخ مصر، وجاء البرلمان ولم يأت معه إلا رذاذ من إعلام جاد، ثم عولنا على الهيئات الإعلامية والصحفية، لكن قراراتها تقاطعت فتضاربت فتاهت المسئولية، بل إن القائمين على هذه الهيئات تراصوا معنا فى طابور الأمنيات، يحلمون مثلنا بعودة زمن الصحافة الجميل، وإذا كانت أحلام المسئولين فى هيئة الصحافة مقصورة على المؤسسات القومية وهم الذين عينوا رؤساءها.. فقد غلت القوانين أياديهم عن إصلاح الصحافة المستقلة، وهى مصدر الإزعاج، كذلك غلت نفس القوانين أيادى المسئولين فى هيئة الإعلام، عندما قصرت مسئوليتهم على محطات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومن القنوات الخاصة تأتى المصائب، ثم عولنا على نقابة الإعلاميين.. فكان ميلادها فاترًا وباهتًا وقراراتها التى لا تنفذ مدعاة للسخرية.
لم يمت الأمل فى إعلام حقيقي، جاد مثل الرئيس، يقدر طبيعة المرحلة، يحمل بين ثناياه أمصال المناعة لحماية جيل يحتاج إلى إنقاذ بعد أن تشتت فكره، جيل لم يعد يثق فى الإعلام بعد أن تاه بين وجوه متلونة، وأخرى اجتازت اختبارات الميوعة فتم الدفع بها إلى الشاشة، وجاءت انتخابات الرئاسة لتجدد الأمل فى إعلام يرضى عنه الشعب ويطمئن له الرئيس وتباهى به مصر كما كانت تفعل فى عصور سابقة، أنباء تناثرت مع بداية الفترة الثانية للرئيس عن تغيير جذرى فى الإعلام، وهذا لن يتحقق إلا بإزاحة وجوه تراكمت عليها أتربة النفاق وأصبحت عنوانًا لإعلام عفا عليه الزمن، والخلاص من صبيان تسللوا إلى المؤسسات الصحفية والقنوات التليفزيونية، ولم تكن مؤهلاتهم الواهية خافية على أحد، واستبدال إدارات أهل الثقة التى أثبتت فشلًا ذريعًا بأخرى أكثر نضجًا ودراية. لقد جربنا صبيان الإعلام والمتلونين وأصحاب المصالح وأهل الهوى فى فترات سابقة، فلن يضيرنا تجريب الوطنيين من أهل الخبرة فى الفترة المقبلة، هذا إن أردنا إصلاحًا.