الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

فريدريك هولدرلين.. حكاية جنون أشعل نار العبقرية

فريدريك هولدرلين
فريدريك هولدرلين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن جنون الشاعر الألماني فريدريك هولدرلين، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، في عام 1770، جنونًا سلبيًا أبعده عن الكتابة، وإنما كان جنونًا محفزًا على الإبداع، بل ربما كان هو كلمة السر في تلك الحياة التي عاش نصفها في الصحو، ونصفها الآخر في عتمة ضياع العقل، غير أن جنونه لم يكن من النوع الكامل، كما أنه لم يكن عدوانيًا على الآخرين، وإنما كان من النوع الذي قاده إلى الانسحاب من العالم وعدم التورُّط فيه، بل وربما الاشمئزاز منه، بخلاف شعراء وفلاسفة آخرين، كنيتشه مثلًا، الذي لم يكتب حرفًا واحدًا طيلة سنوات الجنون العشر الأخيرة من حياته.
أنجز هولدرلين مئات الصفحات، بعضها "خربشة" غير مفهومة، وبعضها الآخر ولَّد قصائد عبقرية لا تضاهى، وهي التي كتبت بين عامي 1807، 1843، بل وكتب بعضها قبل بضعة أسابيع، أو ربما بضعة أيام من موته، وكان قد مر على جنونه حوالي أربعين سنة، هذه القصائد هي التي جمعها الشاعر الفرنسي "بيير چان چوف"، ثم ترجمها إلى الفرنسية بالتعاون مع الفيلسوف بيير كلوزوفسكي، صديق ميشيل فوكو، ومترجم نيتشه أيضًا، ثم أعيد طبعها عن دار "جاليمار" أكثر من مرة تحت عنوان "قصائد الجنون الهولدرليني".
قرر هولدرلين الابتعـاد عن الناس سعيًا منه إلى الوصول إلى ما يمكن تسميته المتصوفة بـ"الزواج الإلهـي"، انقطع بمحض إرادتـه عن العالم الخارجـي، ليمضي أكثر من ثلاثيـن عـامـًا في منزل النجـار "إرنيست تزيمـير"، حيث انتهى به الأمـر إلى الهيام بالشعر. وخلال إقامتـه عند عائلة تزيميـر، توقف الشاعر الألمـاني عن الكتابة، ليصنع من باقي أيـام عمره، قصيدة حيـة تحكي قصة رجل طلّق الدنيـا ومن عليهـا، مفضّلًا العيش على هوى الشعر وحسب أصوله وأحكامه.
من أبرز أعماله "أناشيد توبينجن"، و"أنشودة إلى الجمال"، وقد توفى في 7 يونيو 1843.