السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماسبيرو.. مؤسسة خدمية أم اقتصادية؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماسبيرو هذا الكيان الإعلامى الضخم القابع على نيل القاهرة والذى أثرى عقل ووجدان المواطن المصرى والعربى لعقود طويلة.. هذا الكيان يواجه هجوما حادا للقضاء عليه والتخلص منه نظرا لما يواجهه من مشاكل أدت إلى تراجع أدائه وعدم قدرته على المنافسة، ونظرا لأنه يكلف أعباء مالية كبيرة ولا يحقق أى عائد اقتصادى يُمكنه من الإنفاق على أنشطته أو تعويض خسائره أو سداد ديونه.. مؤيدو هذه الحملة ينظرون إلى ماسبيرو على أنه مؤسسة اقتصادية ربحية يجب أن تحقق فائضا أو على الأقل تحقق ما يكفى للإنفاق عليها. 
واجه ماسبيرو العديد من المشاكل والعقبات زادت حدتها وتفاقمت عقب ثورة ٢٥ يناير وحالت بينه وبين القيام بدوره وأدت إلى شىء من الارتباك إداريا وفنيا مما أدى إلى تراجع عام فى مستوى الأداء الإعلامى الأمر الذى أدى إلى خلل فى توازن منظومة الإعلام المصرى التى تضم كلا من الإعلام العام والإعلام الخاص وظهور مصطلح «الفوضى الإعلامية» التى ما زلنا نعانى منها حتى الآن خاصة مع غياب دور فاعل ومؤثر ووجود تضارب فى الاختصاصات والمهام للهيئات الثلاث المنظمة للإعلام وعدم استكمال الإجراءات التأسيسية لنقابة الإعلاميين.. هذا ما جعل العديد من خبراء الإعلام والأكاديميين يطالبون بأهمية دعم ماسبيرو ماديا ومعنويا حتى يستطيع العودة إلى مكانته والقيام بدور تنويرى توعوى خدمى يحتاجه المجتمع فى هذه الفترة التى نعيد فيها بناء الوطن، وحتى يكون رمانة الميزان فى منظومة الإعلام المصرى إذا ما مال أو جنح الإعلام الخاص.. هذا الدعم هو مجرد خطوة ومدخل لنهضة وتطوير ماسبيرو والقضاء على مشاكله.. توازيها خطوات أهمها اختيار قيادات قادرة لديها رؤية وتخطيط لإدارة إمكاناته وثرواته، وتطوير شاشاته وأثير برامجه الإذاعية بما ينتج فى النهاية إعلاما مهنيا أخلاقيا، إعلاما تنويريا خدميا، إعلاما يستطيع أن يقدم ما لا يستطيع أن يقدمه الآخرون لأن أجندته الرئيسية والوحيدة هى خدمة الوطن والمواطن. 
هذا الكيان رغم مآخذ الكثيرين عليه أنه كان مُدعما على طول الخط للنظام بسلبياته وإيجابياته ومدافعا عنه وعن قراراته أيا ما كانت صحيحة أم خاطئة، إلا أنه رغم ذلك كان حاملا للواء الثقافة والأدب والفنون الرفيعة، إعلاما للخدمة العامة، ممارسا لدوره فى التوعية وتقديم البرامج الخدمية، مهتما بكل فئات المجتمع المرأة والطفل والشباب.. إلخ، كان ثريا فى مضمونه حتى فى إطاره الترفيهى، وقناة «ماسبيرو زمان» خير شاهد على ما ذكرته.. هذا الكيان أثرى المنظومة الإعلامية فى مصر والدول العربية بكفاءات بشرية فى كل مجالات العمل الإعلامى وما زالت هى عماد هذا العمل.. تطوير هذا الكيان حتى يعود إلى دوره التنويرى الخدمى هو ما يجب أن نسعى إليه. 
إعلام الدولة إعلام خدمة عامة يدفع تكلفته المواطن المصرى ويساهم فى تشكيل عقل ووجدان أمة بكاملها.. ما يمكن أن يؤديه ماسبيرو فى حال تطويره يفوق بمراحل ما ينفق عليه.. لننظر إلى دوره فى تعميق الانتماء والحفاظ على الهوية وتعميق المشاركة السياسية والمجتمعية.. لننظر إلى دوره الثقافى التنويرى والمساهمة فى تنشئة أجيال وعقول هى مستقبل مصر.. لننظر إلى أهمية الحفاظ على نسق ثقافى راق ونسق اجتماعى متوازن.. لننظر إلى دوره المساند والمدعم للدولة فى محاربة الإرهاب وكل أشكال التطرف والحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن القومى.. لننظر إلى ما يمكن أن يقدمه من رفع نسبة الوعى لدى فئات المجتمع المختلفة فى كل المجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا وبيئيا.. إلخ، وما يمكن أن يقدمه من مساهمات فى حل مشاكل المواطنين ورفع وعيهم بحقوقهم وواجباتهم، والإعلام عن الخدمات التى تيسر من شئون حياتهم.. كلها أدوار وأهداف تساهم فى بناء وتطوير المجتمع وهى أغلى وأثمن كثيرا مما ينفق عليه.
من هذا المنطلق يجب أن نعى وندرك تماما أن ماسبيرو أولا وأخيرا إعلام خدمة عامة، مؤسسة خدمية تستحق الإنفاق عليها مثل المؤسسات الخدمية العامة كالصحة والتعليم والثقافة، لا أن ننظر إليه كمؤسسة اقتصادية تهدف إلى الربح ويجب أن تقوم بتغطية نفقاتها وإذا لم يحقق ذلك وحقق خسائر تعلو بعض الأصوات مطالبة بالاستغناء عنه والبحث عن بديل! 
دعم ماسبيرو وتطويره وعودته لمكانته ودوره الخدمى والتنويرى واجب قومى، وتنمية عقل ووعى ووجدان المواطن لا تقدر بثمن.. ماسبيرو أمن قومى لمصر.
Morsi33@hotmail.com