الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نصر عبده يكتب: السيد وزير النقل.. هل لك في رحلة بقطار "المناشي"؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيد المهندس الدكتور معالي وزير النقل، ولك ما تريد من ألقاب، ولكن نستحلفك بالله أن تُنهي مهزلة ومأساة ومعاناة ما يسمى بقطار "المناشي".
سيدي الوزير، لقد قادني حظي العثر أن أستقل هذا القطار وأنا في طريقي إلى بلدتي بمحافظة البحيرة، وكنت أعتقد أن الأوضاع قد تحسنت كثيرًا، لكن ما وجدته يثبت أننا نسير من سيئ إلى أسوأ، ومن أسوأ إلى ما هو أسوأ منه.
وجدت بردًا قارسًا، ونوافذ لا تستر ولا تغني ولا تثمن من جوع، وجدت ظلامًا دامسًا، لا يستطيع "النور" النفاذ من خلاله ، وجدت أطفالًا رضعًا، وشيوخًا خط الزمن بعلاماته على وجوههم، ونساءً تحاول أن تواجه الصقيع بغلق أبواب القطار لكنها لا تجد لذلك سبيلًا، وجدت كل هؤلاء يبحثون عمن يتوجهون إليه وينقلون له شكواهم، وبالطبع سيرددون: "هي دي مصر ولا حد هيسمعنا، ولا حد هيسأل فينا".
سيدي الوزير، أدعوك إلى رحلة في قطار "المناشي"، على أن تكون ليلًا وفي هذا البرد الذي يكسر في عظام "الغلابة"، وإذا تحملت أنت ما ستجده في القطار سندعو الجميع للتحمل من أجل مصر ومن أجل وزارتكم.
أقسم لك، أنك لن تستطيع أن تكمل الرحلة ولو لمحطة واحدة، وستقرر إلغاء هذا القطار، أو قد تقرر تطويره والنظر لمن يستقلونه على أنهم يستحقون العيش في هذه الحياة، ويستحقون نظرة من مسئول يشعر بهم وبما يعانون.
لا أنتظر ردًا يكرر ما نعرفه جميعًا، بأن مرفق السكك الحديدية في خسارة مستمرة، وأن تطويره يحتاج مليارات الجنيهات، المواطن البسيط لا يعرف كل هذا، ومن يعرفه يسمعه منذ زمن طويل، ويتلقاه من كل وزير يأتي في هذا المنصب، كل ما نريده هو وعد صريح لهؤلاء البؤساء بتطوير قطار يخدم آلاف المصريين، حتى ولو تم مضاعفة سعر التذاكر، لكن لا يجوز أن يأتي هذا قبل بدء عمليات التطوير.
قطار "المناشي" يا سادة، يخدم محافظات الجيزة والبحيرة والمنوفية، ويمر بمناطق زراعية وصناعية مثل مركز بدر ومدينة السادات، وهي مناطق بها الكثير من العمال ومن يسعون لكسب رزقهم، ولا توجد لديهم رفاهية استقلال وسيلة مواصلات أخرى، فإلى من يشتكون؟! وإلى من يذهبون؟!
،ولمن يريد أن يعرف أوجه الإهمال بهذا القطار، فأقول له: حدِّث ولا حرج، ستجد فيه ما لا عين رأيت، ولا أُذن سمعت، وما لا يتوقعه بشر، عربات ضيقة، ومقاعد متهالكة، ونوافذ مُحطّمة، وإضاءة معدمة، ووجوه بائسة.
كل ما تريد أن تراه من مآسٍ ومهازل ستجده في قطار "المناشي"، ستجد قنابل "الطوب" تأتيك من خراج النوافذ لتستقر في وجهك أو رأسك دون حاجز وكيف يكون الحاجز؟ والأبواب مفتوحة ليل نهار، ولا يستطيع أولو القوة غلقها، ناهيك عن إلغاء عدد من القطارات مع بدء الدراسة دون إبداء أسباب، لنرى الموظفين والطلبة والعمال في قطار واحد وكأننا نصنع جبالًا من بشر.
في 23 سبتمبر من عام 2015، تحولت محطة مصر بالقاهرة إلى خلية نحل استعدادًا لزيارة الدكتور سعد الجيوشي، وزير النقل الأسبق، وذلك لمتابعة الملاحظات التي أبداها على نظافة القطارات والمحطات وقامت الهيئة بتجهيز قطارات بعربات نظيفة تحسبًا لجولة الوزير "غير المفاجأة"، كما قامت شركة النظافة والأمن بغسل المحطة والأرصفة والتشديد على ارتداء الملابس الرسمية للعمال.
وقام "الجيوشي"، بجولة مستقلًا قطار الدرجة الثالثة بخط المناشي، واستمع إلى شكوى الركاب حول العربات التي لا يوجد فيها "شبابيك"، ووعد بتركيبها قبل دخول الشتاء، وطالب في نفس الوقت بالحفاظ على القطارات، ومن وقتها لم يحدث أي تغيير أو تطوير.
ومن هنا أكرر دعوتي لوزير النقل بركوب قطار "المناشي"، ليلًا وفي برد هذا الشتاء، ومن هنا أدعوه لتطوير هذا المرفق الذي يخدم طبقة كادحة وشريحة كبيرة من الشعب المصري، لا يجب أن نسقطها من حساباتنا بأي حال من الأحوال، فهم ينتظرون من مصر ومسئوليها الكثير والكثير، وعلى استعداد لتحمل الصعاب من أجل وطنهم، ولكن وفي أقل صور الاهتمام ، يجب أن نوفر لهم وسيلة مواصلات آدمية يتنقلون بها، وينجزون أعمالهم، فلا يجوز أن يخرج مواطن من بيته فجرًا لينتقل إلى عمله في القاهرة على سبيل المثال، ويصل بعد أن أنُهكت قواه، وأصبح غير قادر على أي عمل من الأساس.
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، اعملوا من أجلهم، وفروا لهم حياة كريمة، مصر تنطلق إلى الأمام، ولن يحدث هذا إلا بالاهتمام بالمواطن، فهو أساس التقدم وعماد النهضة، فكيف له أن يكون هذا وما زال قطار "المناشي" على حاله البائس.. وإلى لقاء.