الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

أنت ليه «زعلان» يا بابا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بهذا السؤال الذي يبدو لأول وهلة ساذجًا، ولكنه في حقيقته مُربك وصعب.. بادرتني ابنتي الصغرى، بعد ما لاحَظَت « وجُومي » وصمتي وانصرافي عن مشاكستها في الأيام الأخيرة، ووجدتني أجيبها بشبح ابتسامة مُتكلفة، فأَرْدَفَت: أنت زعلان من مصر؟ واستوقفني سؤالها.
فعلاً.. هو ذلك.. أنا زعلان من مصر، و“,”كمان“,” زعلان عليها (ومين مش زعلان؟) في هذا الحال.. حال « الزعل » على مصر ومنها.. نجد الكثير من المصريين.
أعلم أن السطور السابقة قد يرى فيها البعض «حالة ميوعة » أو غياب رؤية أو حتى « روح انهزامية » أو « نفس » برجوازي صغير ضيق الأفق، وسيبادر البعض بالحديث عن « حالة المخاض الثوري » ، وثمن الحرية وضريبة الدم (ينطلق هذا الكلام من معسكر الثوار والثورة) يقابله كلام عن « الصعود للمنحدر! » (التعبير للرئيس مرسي ولنا الاندهاش)، والعراقيل والمؤامرات التي تدبر لمصر إلخ.. من كلام معسكر الحكام وخاطفي الثورة.
وأبادر بحسم ووضوح لإعلان تفهمي ووعي وقبولي « النظري » لكلام معسكر الثورة والثوار، وبذات الوضوح والحسم أعلن رفضي وسخطي وتهكمي لكلام معسكر الحكام وخاطفي الثورة؛ لأن الأيام الأخيرة- بعد موقعة الجبل- تُنذر بخطر داهم يدق على الأبواب.. خطر السقوط في براثن « الحرب الأهلية » .. أي أن يتورط المصريون في مواجهات دامية، وغالبًا ستكون دماء الفقراء منهم، وبالقطع فإن المسئول عن وصولنا لحافة الهاوية تلك الجماعة أو الطائفة أو « العشيرة » التي آلت إليها أمور إدارة البلاد بعد ثورة يناير التي لم تتحمس لانطلاقها أو تراهن عليها أو تشارك فيها (باعتراف قادة الإخوان).
فأدبيات الإخوان منذ نشأة الجماعة لا تعرف مصطلح الثورة، بل ترفضها وتحذر منها من حيث المبدأ.
ولجأت للمداراة و « التقية » ، وتسللت وتوسلت بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقق حلم « التمكين ». . حلمها التاريخي.. الذي ما غاب عن عقول قادتها ومرشديها منذ المرشد المؤسس حسن البنا وحتى المرشد الحالي وشاطره صاحب « ماكيت » التمكين، الذي تنطلق « الجماعة » في تنفيذه بشكل محموم وحماس غير مُدْرك أو عابئ بأي محاذير أو عواقب، ولسان حالهم وأفعالهم تقول: إنها فرصة لن تتكرر، والوقت ليس في صالحنا « الآن.. حالاً.. فورًا.. عملية « خطف مصر » التي تديرها الجماعة بكل أذرعتها الرئاسية والتشريعية والدستورية، مكتب إرشادها.. رئيس حكومتها ووزرائها ومحافظيها.. وميليشياتها وكتائبها الإليكترونية.. إلخ.. رافعة شعار مصلحة الجماعة أولاً وأخيرًا.. ضاربة عرض الحائط لصوت العقل.. أو “,”نصف العقل“,”.. ومن يختلف مع « مشروعها » يسعى للخراب.. يحارب الإسلام وكاره لشرع الله.. يعرقل « عجلة الإنتاج » .. يهدد مصالح العباد، وهذا المشروع الإخواني لخطف مصر يمثل التعبير الأوضح عن فكر ونهج وعقيدة الجماعة، فالإرشاد والرئيس والمستشارون والمساعدون لا يملكون خيارًا بديلا- وفقًا لعقيدة الإخوان- خيارًا يقود لتشكيل متوازن لجمعية تأسيسية مثلاً.. أو لدستور توافقي.. أو لحوار سياسي ناضج ومثمر ومجدٍ إلخ.. كل هذه الخيارات محكوم عليها بالمصادرة.. على خلفية مفاهيم الجماعة « الربانية » ، وممارسات الاستعلاء والاستحواذ والهيمنة، وحلم « التمكين » .
نحن أمام جماعة محكومة برؤاها ونهجها وتاريخها.. جماعة أوصلت البلاد إلى شفا الحرب الأهلية، وما زالت تكابر وتكايد وتراوغ!.
وقوى مدنية وسياسية لم ترتق بعد لمستوى التحدي، وإن نجحت الجماعة في دفعها للاحتشاد والتنسيق والعمل المشترك في مواجهة مخطط « التمكين » ، وجماهير راهنت بعض الوقت على رؤى الإخوان ومشروع نهضتهم “,”الوهمي“,”، وحكاية الاستقرار وعجلة الإنتاج إياها، وشيئًا فشيئًا تراجع رهانها، وتبخر حلمها بتحقيق الكرامة والعدل الاجتماعي، فباتت محبطة.. ناقمة، وتولد في نفوس قطاعات لا يُستهان بها مشاعر السخط والغضب، ومع كل ما حملته الأيام الماضية من إشارات ورسائل عن خطورة المشهد، وقابليته للاندفاع لهاوية الاحتراب الأهلي.. ما زالت جماعة الإخوان ومن حالفها سادرة في غيها!!
أليس هذا الحال يستدعي ما هو أكثر من الحزن والغم يا ابنتي؟