الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قطر.. القادم أعظم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضمن ردة فعلها على تكتل الدول الأربع التى قرّرت مقاطعتها، تبنّت قطر مفهومًا واحدًا؛ فعل كل ما بوسعها لإفشال مشروعها وإجبارها على مصالحتها. حولت الاتجاه نحو إيران، وأعادت العلاقة مع «حزب الله»، وتقوم بتمويل ميليشيات الحوثى فى اليمن، والجماعات الإسلامية المتطرفة المعادية لها، وتقوم بدعم القائمين على قانون «جاستا» الأمريكي؛ تريد تجريم السعودية باتهامها بهجمات الحادى عشر من سبتمبر، وتدفع للجمعيات الحقوقية الدولية لمحاسبة السعودية فى مجلس الأمن والكونجرس الأمريكى على نشاطها العسكرى فى اليمن، الذى كانت قطر نفسها جزءًا من التحالف، إضافة إلى أنها تدفع الغالى والنفيس لكل صوت عنده رغبة فى مهاجمة الدول الأربع.
وقد يسأل البعض: لماذا نستنكر على قطر أن تفعل هذا وهى تدافع عن نفسها، وهم من بدأ الأزمة بقرار مقاطعتها؟
نستنكر ما تفعله صحيح، لكننا لا نستغربه، لأنها كانت تفعل مثله خلف الستار. أما الآن، فاستهدافها هذه الدول يتم على الملأ، وبشكل مضاعف.
العدوانية والمواجهة التى تمارسها الدوحة ليست خيارها الوحيد، وهى التى عندها خيار أن تقبل الأمر الواقع وتتعايش معه؛ كان أمامها منذ انفجار النزاع بينها، أى قطر، ومجموعة الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) خيارات ثلاثة؛ أولها، القبول بالشروط، وإعادة ترتيب العلاقة وفق مصالحة مضمونة، ثم تنتهى المشكلة ونعيش بعدها جميعًا مرحلة مستقرة تقوم على الاحترام وعدم التدخل. الخيار الثاني، كان متاحًا لقطر أن تمارس القطيعة من جانبها، كما فعلت الدول الأربع، وتعيش حياتها وتدير شئونها من دونها. الخيار الأخير والأصعب، هو ما تفعله الآن؛ إعلان العداء وشن حرب بمواجهة البلدان الأربع على مستويات المنظمات الدولية والحكومات، وبناء تحالفات، وإبرام صفقات عسكرية ضدها، وتمويل خصوم الدول الأربع، والتحريض عليها من على كل منبر.
التصرف ليس مستغربًا من سلطة الدوحة؛ هذا ما كانت تفعله منذ عشرين سنة، ولا تزال. تعتقد أنها تستطيع أن تفرض رأيها على من تشاء، بغض النظر عن رغبات هذه الدول، وتوجهاتها، وإمكانياتها، ومخاطر مواجهتها. كانت ولا تزال قطر تلعب على الطاولة الخضراء مساعدة فى علاقاتها اللعب حتى آخر ريال!
لكن أليس لقلقها مبرر؟ هل، حقًا، بإمكان قيادة قطر أن تأوى كل ليلة إلى فراشها مطمئنة ألا أحد سيعتلى أسوار الدوحة، ويستولى على الحكم؟
الحقيقة أن ما تفعله قطر حاليًا هو تحرش واستعداء، وممارستها نشاطات عدائية ضد الدول الأربع هو الذى قد يضطرها فى ليلة مظلمة إلى تسلق الأسوار، أو دعم الطموحين، وهم كثر. الحقيقة الأخرى أنه لا أحد يريد فرض تغيير بالقوة، بخلاف ما يزعمه النظام القطري، لأسباب كثيرة، أقلها أن تغيير الأنظمة، وتدبير الانقلابات، تلحق بالدول الفاعلة سمعة سيئة، ثم إنها لو كانت حقًا تنوى ترتيب انقلاب أو غزو ما كانت جاهرت بالعداء والقطيعة، حتى أصبح التسلل إلى داخل قطر صعبًا، والأجهزة الأمنية والحراسات الأميرية مستنفرة على مدار الساعة والأيام. كان بإمكان الغاضبين منها عدم افتعال معركة، والمهادنة ثم الاستيلاء على الدوحة فى ساعتين، فى جنح الظلام.
نرى حالة خوف شديدة ورعب انتابت القصر فى الدوحة، لم يعش مثلها من قبل، وهو الذى كان يتآمر قيادته فى غرف الشاى وأمام التليفزيون لإسقاط كثير من الأنظمة فى المنطقة وتخويف الحكومات على مدى عقدين، بما فى ذلك ضد البحرين ومصر والسعودية والإمارات. هذا الخوف من الانتقام «المبرر» دفعه للصراخ وطلب النجدة من كل دولة، مهما بعدت وصغرت. وهو ينفق مبالغ خيالية لم نعرف لها مثيلًا، والنتيجة كما كتبت سابقًا: سيرضخ وسيوقع، ربما فى الغرف المغلقة.
رأيى أنه كان بإمكان قطر أن تجرب أن تعيش فى عزلة من دون السعودية ومصر والإمارات والبحرين؛ كان بإمكانها أن تكون صديقة حميمة مع مائتى دولة أخرى فى العالم، بدلًا من هذا الطيش، ومهاجمة الرباعية فى كل مكان، الذى سيؤدى بها فى الأخير للإفلاس، وسيفقدها الاحترام، وقد يستفز خصومها إلى فعل ما هو أعظم.
* نقلا عن «الشرق الأوسط»