الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حماس تتطهر.. وقطر تتربص

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا لو تعاملت مصر مع حماس على أنها حركة إرهابية انتهكت الحدود وفتحت السجون أثناء أحداث يناير؟ وماذا لو تعاملت مصر مع محمود عباس أبومازن على أنه الرئيس المارق الذى أعطى ظهره لمصر وارتمى فى أحضان الآخرين؟ وماذا لو طوت مصر ملف القضية الفلسطينية برمته وتركته لأقزام يبحثون عن دور ومحتلين يبحثون عن التوسع فى بناء المستوطنات؟ وماذا لو تركت مصر الفجوة تتسع بين فتح وحماس وبين تيارات سياسية داخل فتح نفسها؟ لو فعلت مصر ذلك لضاعت القضية الفلسطينية بين أطماع إسرائيل وخلافات العرب الذين لم تعد القضية الفلسطينية همهم الأول، خاصة أن بعضهم انشغل بدولته التى تفككت والبعض الآخر انشغل بحماية أراضيه قبل أن يصلها طوفان التفكيك والتهجير، لقد أثبتت الأحداث المتلاحقة فى السنوات الأخيرة أن ملف القضية الفلسطينية بكل تعقيداته الداخلية والخارجية لن يجد مائدة حوار لفك طلاسمه وإعادة طرحه إلا فى القاهرة، كما أثبتت الانفراجة فى المصالحة الفلسطينية -الفلسطينية أن الشعب الفلسطينى بحلمه فى دولة مستقلة لم يغب يومًا واحدًا عن عين وعقل القيادة السياسية المصرية، وأن المصالحة الداخلية هى الخطوة الأولى لعودة المفاوضات مع إسرائيل التى اتخذت من الانقسام الفلسطينى تكئة لوقفها. 
تلك مقدمة للرد على بعض الأصوات التى رفضت استقبال قيادات حماس فى القاهرة على اعتبار أن الحمساويين لا عهد لهم وأنهم فرع من شجرة جماعة الإخوان وذراعها العسكرية، وتناسى هؤلاء أن فلسطين ليست قيادات حماس أو فتح.. إنما هى أرض تنتهكها إسرائيل وشعب ضحى -وما زال- حتى يتحقق حلمه. لذلك على الإعلام المصرى أن يعود خطوات إلى الخلف إزاء هذا الملف ويتركه إلى جهات الاختصاص التى حققت فى عام واحد (سرًا وعلنًا) ما لم يتحقق طوال عشر سنوات مضت، فكم من خلاف بين مصر وشقيقاتها كان الإعلام سببًا فيه، وكم من ملفات اجتهد الإعلام فى فتحها دون معلومات حقيقية متوفرة فجاءت النتائج عكسية. لن يكون الإعلام حريصًا على مصر من حماس أو غيرها أكثر من الذين يديرون الملف. هذا ليس دفاعًا عن حماس لكنها رقم مهم فى المعادلة، كما أن موافقتها على الأطروحات المصرية لحل الأزمة الداخلية يؤكد إعادتها لحساباتها، وإذا كانت مصر قد تغاضت عن أخطاء حماس فهو تغاضى تفرضه التعقيدات السياسية فى المنطقة، كما تفرضه مكانة مصر الحاضنة لكل العرب، والتصريحات التى صدرت من قيادات حماس تكفى للتأكيد على أنها تتطهر من أخطاء ارتكبتها أو تجاوزات أخطأت تقديرها، وتعهد حماس بحماية الحدود من تسلل الإرهابيين إلى سيناء يزيد من تطهرها، لذلك كان التغاضى المؤقت عن أخطائها حتى لا يكون الشعب الفلسطينى هو الضحية. 
الأصوات التى ظهرت فى الإعلام المصرى ترفض التعامل مع حماس تؤثر سلبًا على المفاوضات وتخدم مخطط قطر التى فتحت نوافذها الإعلامية لعرقلة المصالحة. تصريحات قادة حماس فى السنوات الأخيرة والتى هاجمت فيها مصر واتهامات بعض الإعلاميين المصريين لقادة حماس.. تلوكها ألسنة مذيعى الجزيرة وأخواتها لزرع الفتنة وإفشال المفاوضات، كما تستخدم هذه القنوات اسم محمد دحلان للوقيعة بين فتح وحماس حيث تعيد إلى الأذهان تصريحات قيادات من حماس وفتح ضد دحلان فى محاولة منها لفتح ملفات الماضى الذى كانت قطر جزءا منه، ولم تنس قطر إقحام دولة الإمارات عندما ربطت بينها ووجود دحلان فى المشهد السياسى الفلسطينى متناسية أن المصالحة الفلسطينية تعقبها انتخابات يختار فيها المواطن الفلسطينى من يصلح لقيادته. لقد أوجعت المقاطعة العربية قطر حيث تراجع اقتصادها وعانى حكمها انشقاقا لذلك جعلت من مصر والإمارات هدفًا لسهامها الإعلامية وحاولت إقحام ذلك فى الملف الفلسطينى لتعطيل المصالحة. قطر سوف تسعى جاهدة فى الفترة المقبلة لبث الفتنة من جديد وعلى الإعلام المصرى أن يدرك ذلك فالهجوم المستمر على حماس يغزى المخطط القطرى، وعلى قيادات حماس أن تعى الدرس ولا تكون فريسة بين مخالب الإعلام القطرى. استجابة حماس لحل اللجنة الإدارية فى غزة واجتماع الحكومة الفلسطينية فى القطاع الإثنين المقبل، وترحيب الرئيس الفلسطينى بالخطوات المصرية لتوحيد الصف.. هى الفرصة الأخيرة التى يجب على الجميع اغتنامها قبل فوات الأوان وعلينا أن نحذر من قطر التى تعانى من عقد نقص دفعتها إلى أن تلقى بنفسها إلى التهلكة، وإذا كانت المقاطعة العربية لهذه الدولة جاءت بمثابة تأديب وتهذيب لها.. فعلى قيادات فتح وحماس مقاطعة الإعلام القطرى لأنه لا يرغب فى لم الشمل حيث أثبتت السنوات القليلة الماضية أن هدفه الوحيد هو شق الصف العربى كما أن حرصه على علاقاته مع إسرائيل وإيران يفوق حرصه على إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
basher_hassan@hotmail.com