السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"مصانع بير السلم" قنبلة موقوتة تهدد الاقتصاد الرسمي للبلاد.. 80 مليار دولار حجم "تجارة المضروب".. ودعوات لمحاربة الظاهرة لخطرها على المصريين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ازدهرت "تجارة المضروب" أو ما يعرف بمصانع بير السلم خلال السنوات الأخيرة الماضية، فبحسب آخر تقديرات اتحاد الصناعات في أكتوبر الماضي أكدت أن حجم التجارة "غير المشروعة" وصل لـ80 مليار دولار، مما جعلنا أمام ظاهرة تستحق الاهتمام وتضافر الجهود للتصدي لها من أجل الحفاظ على اقتصاد الدولة الذي ينزف منذ سنوات.
وانتشرت الظاهرة بسبب الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنين وزيادة الأعباء عليهم، حيث يلجأون إلى شراء تلك السلع مجهولة المصدر لانخفاض سعرها متجاهلين ما تؤدي إليه من أضرار فادحة علي صحتهم وأنها تهددهم بالموت.
"تجارة المضروب" على كل نوع
انتشرت مؤخرا العديد من العلامات التجارية المضروبة لبعض السلع المختلفة كقطع غيار السيارات والملابس أو حتى الحديد والصناعات الغذائية.
وفي مجال قطع غيار السيارات نجد أن عبوات كـ( بوجيهات – فلاتر – زيوت فرامل – مياة تبريد)، تحمل اسما غير معلوم ومدون عليها صنع في اليابان أو صنع في كوريا، وفي الحقيقة فهي مصنوعة في أحد المصانع مجهولة المصدر، ما يلحق ضررًا بالغًا بالمستهلك لأن تركيب قطعة غيار مقلدة وغير مطابقة للمواصفات يودي بحياة قائد المركبة.
أما عن الصناعات الغذائية المقلدة فتصدرت المشهد من خلال انتشارها فى الأسواق الشعبية وتحمل علامات تجارية مقلدة ومغشوشة ويجرى تصنيعها فى مصانع "بير السلم" أيضًا، وكشف جهاز حماية المستهلك، عن وجود أكثر من 50 ألف مصنع في المحافظات المختلفة تقدّم أكثر من 80% من المنتجات الغذائية غير الصالحة للاستخدام الآدمي.
كما تعمل مصانع بير السلم على صناعة حديد صيني في مصر، غير مطابق للمواصفات، فتقدم بعض التجار بشكوى إلى وزير التجارة والصناعة للتدخل لغلق هذه المصانع حيث أنها تسئ للصناعة المصرية، وتؤثرفى حجم المبيعات في السوق.
القضاء على "تجارة المضروب"
وللقضاء على ظاهرة الغش التجاري اتخذت الحكومة عدة خطوات من بينها تطبيق نظام "الباركود" الخاصة بالمنتجات والسلع سواء القادمة من الخارج أو المصنعة محليًا من أجل حمايتها من عملية التقليد، و"الباركود" عبارة عن بطاقة تعريف بالمنتجات عالميًا ومحليًا في صورة يستطيع الجهاز المصمم لقراءتها أن يلتقطها ويرسلها إلى ملف المعلومات داخل الحاسب الآلي من أجل جلب المعلومات الخاصة بالمنتج في منتهى الدقة والسرعة.
كما تم إصدار قانون التراخيص الجديد للمشروعات المتوسطة والصغيرة، والذي يساعد المصانع التي تعمل في القطاع غير الرسمي والاقتصاد الموازي، الدخول بالقطاع الرسمي، ويستفيدوا من الإجراءات الجديدة والبسيطة.
وقال محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية، إن حجم الاقتصاد غير الرسمي، سواءً فيما يتعلق بالبضائع المهربة أو المقلدة والمصنعة في "مصانع بير السلم" أو التي تدخل ضمن التهرُّب الضريبي، يصل إلى ٨٠ مليار دولار، بما يقدر بنحو تريليون جنيه، ويمثل حوالى ٦٠% من حجم الاقتصاد الكلي.
وأضاف البهي أنه من الصعب رصد حجم عمليات التهريب كونها غير رسمية، كما أن بعض مصانع بير السلم تلجأ للكتابة على منتجاتها أنها مستوردة من الخارج لإضافة قيمة عليها.
وأكد عبد الرحمن الجباس، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، أن معدل "الصناعات المضروبة" في السوق المصري أصبح أقل نسبيا مما كان عليه العام الماضي، بعد مساعي الدولة لتضييق الخناق على أصحاب هذه المصانع واصدار عدد من القوانين تعمل على ذلك.
وأوضح الجباس لـ"البوابة نيوز"، أن هناك تغييرًا جذريًا سينتج عن هذه القوانين، والتي كان على رأسها قانون التراخيص الجديد للمشروعات المتوسطة والصغيرة جعل بعض ممن اعتادوا العمل في الخفاء بعيدًا عن سمع وبصر الحكومة يضطرون أن يعملوا في النور ويستخرجون أوراقًا رسمية، بالإضافة إلى اختصاص هيئة التنمية الصناعية بإصدار الأوراق المطلوبة لتأسيس مشروعات من خلال "الشباك الواحد"، بعد أن كان صاحب العمل مُضطرًا أن يستخرج أوراقه من جهات مختلفة.
وتنبأ الجباس أن يتم تقليل معدلات الاقتصاد غير الرسمي هذا العام بما يقرب من 15 حتى 20%، لافتًا إلى أن حجم النقص سيكون قليل في البداية حتى يصل إلى 50% خلال 10 سنوات، مضيفا أن ثقافة المُنتج هي التي تحدد ذلك فبعضهم يُصرِّون على البقاء في الخفاء حتى إذا وفرت لهم الدولة كل التسهيلات لتقنين أوضاعهم.
وأشار الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إلى أن "تجارة المضروب" كانت موجودة قديمًا وبجميع الدول، ومعظم من يعملون بها لم يتمكنوا من الحصول على أوراق رسمية.
وأضاف الشريف لـ"البوابة نيوز" أن الاقتصاد غير الرسمي له ما له وعليه ما عليه، حيث يعمل على امتصاص جزء كبير من حجم البطالة، وذلك في الوقت الذي يعد فيه غير مضمونًا خاصة وأن منتجاته لا تخضع للمقاييس لا من الناحية الفنية أو الصحية.
وأكد أن حجم الاقتصاد غير الرسمي لا يمكن حصره برقم محدد لعدم وجود وثائق رسمية، لافتًا إلى أن أغلب الأرقام الصادرة تكون "اجتهاد" وبناء على حصر بعض العينات العشوائية في مناطق متفرقة، مشيرًا إلى أن الدولة تعترف بمن يتعامل معها بأوراق رسمية ويدفع الضرائب، وطبقًا لأرقام رسمية فإن حجم إنتاج الصناعات المضروبة يبلغ 40% من الإنتاج الرسمي.
وأكد أنه من الممكن للدولة أن تستفيد من هذا الاقتصاد من خلال تطويره وإعادة بناءه وتأهيله، بالإضافة إلى جذب القطاع غي الرسمي على غرار دولة الهند، وتخصيص بعض التسهيلات لهم لضمهم بطريقة منظمة من خلال توفير خدمات توازي ما يدفعونه.