الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد 16 عامًا على 11 سبتمبر.. "القاعدة" يبحث عن خلافة "داعش".. والغرب يلعب بالنار مرة أخرى

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل 16 عامًا توعدت واشنطن على لسان مسئوليها آنذاك بالقضاء النهائي على تنظيم "القاعدة". كان ذلك عقب عملية 11 سبتمبر التي تمر ذكراها الـ16 اليوم الاثنين، عندما ظهر زعيم التنظيم أسامة بن لادن في كلمة متلفزة أثنى فيها على أحداث برجي التجارة والبنتاجون، فيما اعتبر وقتها اعترافًا ضمنيًّا بتبنّي العملية
اليوم ومع مرور ذكرى الحادثة تذهب المؤشرات إلى أن الوعود التي أصدرتها أمريكا آنذاك بالقضاء على "القاعدة"، لم تنفذ حتى الآن، بل تأتي هذه الذكرى في ظل شبه إجماع دولي على أن القضاء على "داعش" بات أولوية تسبق حتى القضاء على "القاعدة".
فرص "القاعدة" في الصعود... هل يرث الأب الابن؟!
تتفق التقارير الصادرة عن "القاعدة" فى أن التنظيم الذي نفذ عملية هزت أمريكا في 2001 وكان في عز قوته، تعرَّض لمرحلة خفوت عزَّزها ظهور تنظيم "داعش"، إلا أن الأخير دخل في مرحلة خسارة الأرض والنفوذ، فهل يعني ذلك أن "القاعدة" لديها فرصة للعودة إلى الظهور؟!
التحركات الأخيرة لتنظيم "القاعدة" تكشف طمعًا "قاعديًّا" في ذلك، خاصة أن التنظيم لمس انحسار نظيره "الداعشي" وفشل مشروعه، ما دفعه لتفسير هذا الفشل كانتصار لمشروع "القاعدة". 
ويعزز ذلك الخلاف الدائر بين "القاعدة" و"داعش" منذ الإعلان عن دولة الخلافة المزعومة في 2014، إذ كان زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي ومَن معه، يرون أن فرض دولة إسلامية بالقوة هو الخيار الوحيد لتنفيذ حلم الإسلاميين بدولة، فيما كانت ترى "القاعدة" أن طرح خطوة دولة إسلامية في الظروف الدولية الحالية يضر بالفكرة وستلقى مصير الفشل.

وفُتحت حول هذا الخلاف مناظرات فكرية طالما نجح "داعش" فيها على حساب "القاعدة" الذي قدمه "داعش" للجهاديين كعنصر مفرط في حلم الدولة وغير جاد في تأسيسها، ليلجأ الجهاديون حول العالم إلى "داعش" مبهورين بنجاحه في تنفيذ حلم الدولة. إلا أن انتهاء هذه الدولة التي تآكلت حدودها بعد الانتصارات الواسعة التي تحققها القوات المتعاونة في محاربة "داعش"، دفع كثيرًا من الجهاديين لفقد انبهارهم بـ"داعش"، وهو ما يعني نجاحًا ضمنيًّا لتصور "القاعدة" عن الدولة الإسلامية. وفي سبيل ذلك تسعى "القاعدة" لاستعادة صدارتها للتنظيمات الإرهابية.
في هذا السياق تحدَّث حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي قال إن "القاعدة" يتعامل مع الفترة الراهنة كفرصة للعودة إلى الواجهة، مشيرًا إلى أن ذلك قد يحدث، إلا أنه مرتبط بمدى الرضا الدولي عن التنظيم. 
وشدد على أن أمريكا والغرب لن تسمح لـ"القاعدة" بتوسيع مناطق نفوذها إلا في الحدود المرسومة لها، مؤكدًا أن الغرب يرى بالفعل "القاعدة" فرصة للتخلص من "داعش"، إلا إنه يخشى من أن يستعيد "القاعدة" عافيته ويتحول إلى كيان "داعشي" جديد.
واستبعد أن يتمكن "القاعدة" من العودة إلى سابق عهده، مشيرًا إلى أنه سيشهد في الفترة المقبلة تحسنًا نسبيًّا وليس طفرة.
بداية العودة
بدأت محاولات تنظيم "القاعدة" للعودة إلى المشهد الدولي في 2015 مع أحداث جريدة "شارلي إيبدو" الفرنسية التي اعتادت تقديم صور مسيئة لسياسيين وشخصيات دينية، من ضِمنها الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأعلنت القاعدة وقتها مسئوليتها عن الحادث، ما فسر كمحاولة للفت النظر الدولي إليها. بعدها تلاحقت العمليات التي تبنتها "القاعدة" وتنوعت بين عمليات في قلب أفريقيا، وأخرى تنفذ داخل عواصم أوروبية كان جميعها ينتهي ببيان إشادة من فرع "القاعدة" في أفغانستان.

وتصدَّر فرعا التنظيم في المغرب العربي واليمن هذه العمليات، إذ تبنّى جماعة مختار بلمختار فرع التنظيم في المغرب العربي، في يناير 2016، عملية إرهابية في العاصمة البوركينابية واجادوجو، لحقتها عملية في اليمن بهجوم في أغسطس 2016 نفذه انتحاري على معسكر للجيش اليمني في محافظة لحج، جنوبي البلاد
يتزامن مع ذلك الظهور المتكرر لأيمن الظواهري ونجل أسامة بن لادن، الذي قال في إحدى كلماته المسجلة: إن التنظيم لا يزال يعتبر أمريكا العود الأول الأَوْلى بالجهاد. وتلقت أمريكا هذه التصريحات كمؤشر على استعادة القاعدة شوكتها متذكرة عملية 11 سبتمبر.
محاولات أمريكا للتطويق
ردًّا على محاولات "القاعدة" العودة إلى تهديد أمريكا كثفت الولايات المتحدة عملياتها المناهضة لـ"القاعدة" واختصت في ذلك فرع اليمن، إذ أسقطت الغارات الأمريكية دون طيار خلال العام الأخير وحده أكثر من قيادة قاعدية في فرع شبه الجزيرة العربية، منهم القيادي إبراهيم العدني الذي كان بمرافقة شخص آخر في التنظيم لم تستدلَّ على هويته، فيما تعهدت أمريكا باستمرار غاراتها على اليمن استهدافًا لرءوس القاعدة التي ترى اليمن مكانًا مناسبًا.

وتعقيبًا على هذه الغارات ومدى تأثيرها على التنظيم قال اللواء محمد صادق، مساعد وزير الداخلية السابق، والخبير بالحركات الإسلامية: إن تنظيم القاعدة يشهد تراجعًا مستمرًّا منذ مقتل الزعيم الروحي للتنظيم أسامة بن لادن، وكذلك القيادات الفاعلة للتنظيم مثل أبو مصعب الزرقاوي قائد التنظيم في العراق والشام، وأغلب الرعيل الأول للتنظيم.
وأوضح صادق، في تصريح خاص، لـ"البوابة"، أن أمريكا هي السبب الرئيسي في ظهور هذا التنظيم من خلال معاونة الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيّتي، وبانهيار الاتحاد السوفيتي عملت الولايات المتحدة على خلق عدو جديد لها من خلال إنشاء هذه الجماعات لاستغلاله لضرب العالم الإسلامي. 
وأضاف أن الجماعات التكفيرية المتطرفة تظهر وتنهار في ظروف خاصة معينة، فبمجرد مرور فترة زمنية تنهار هذه الجماعات المتطرفة والتي ليست على أساس صحيح، مشيرًا إلى أن أغلب التنظيمات الإسلامية بجميع أشكالها خرجت من عباءة تنظيم الإخوان.
وشدد على أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة شباب المجاهدين في الصومال، وقاعدة الجهاد في الجزيرة العربية والتي أعلنت مسئوليتها عن حادثة صحيفة شارلي إيبدو هي أخطر فروع التنظيم، بالإضافة إلى جبهة النصرة التي أعلنت انفصالها عن تنظيم القاعدة وهو انفصال شكلي فقط، إذ تعتبر أنشط فروع التنظيم في الفترة الحالية.

بدوره أكد خالد الزعفراني، الخبير في حركات الشئون الإسلامية، أنه بعد 16 عامًا من أحداث 11 سبتمبر 2001، والتي أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن هذه التفجيرات، يعيش التنظيم حالة من السقوط ستنتهي خلال سنوات قليلة بانتهاء التنظيم وإعلان تفكيكه، مشيرًا إلى أن التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة وسينهار لانتهاء دوره والهدف المرسوم له من المخابرات الأجنبية.
وأوضح الزعفراني، في تصريح خاص، أن تنظيم القاعدة ظهر في ظروف معينة، فتأسيس تنظيم القاعدة كان على يد عبدالله عزام عام 1987، وشهد أول ظهور له على الساحة الدولية في تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي وكينيا، مشيرًا إلى أنه بعد هذه الفترة أصبح العالم كله يتكلم عن هذا التنظيم.
وتابع أن انهيار التنظيمات التكفيرية بعد وقت قصير من تأسيسها يرجع إلى غلوها في التكفير ونظرتها إلى المجتمع بنظرة فوقية، مؤكدًا أن كل التنظيمات التكفيرية مصيرها إلى الزوال، وذلك بعد إيقاع الضرر بصورة الإسلام والمسلمين في العالم
وشدد "الزعفراني" على أن انهيار القاعدة ليس سببه موت الأب الروحي للتنظيم أسامة بن لادن، لكن هذه التنظيم التكفيرية تنتهي من خلال حدوث اختلافات فكرية بين قياداتها وانشقاقها إلى كيانات صغيرة متصارعة أكثر تطرفًا، مشيرًا إلى أن هذه هى حال التنظيمات التكفيرية منذ نشأتها، فأغلب قيادات تنظيم القاعدة تأتمر بأمر قيادتها المحلية وتنشق عن التنظيم الأم، كما حدث في العراق وسوريا
وأضاف أن تنظيم القاعدة قام خلال الفترة الماضية بإطلاق تصريحات عن عمل تفجيرات في أوروبا وأمريكا دون أن يكون لها أي أثر فعلي على الأرض، مؤكدًا أن هذه التنظيمات الغرض الرئيسي منها هو تشويه صورة الإسلام، وألمح إلى أن ظهور تنظيم داعش في العراق وسوريا يرجع إلى صناعته من قوة إقليمية ودولية وليس بسبب انهيار تنظيم القاعدة.