جمال المساجد ينبع من كونها أماكن للعبادة، والتقرب إلى الله، وهو ما يجعل بعضها، رغم تواضعه، أجمل وأفضل مكان يمكن أن يتواجد فيه أي شخص، ولم تختلف المساجد الأثرية عن تلك القيمة الجميلة؛ فبعيدًا عن القيمة الدينية والعاطفية تجد مساجد تملك أفضل وأروع هندسة معمارية.
مسجد السلطان محمد بن قلاوون، يقع بشارع المعز لدين الله، هو أحد المساجد التي تخطف الأنظار، من شدة إبداعها وروعتها، تتواجد بداخله قبة من أبدع القباب المزخرفة بالفسيفساء والخشب المذهب، وتحملها أربعة أعمدة أسطوانية سميكة وطويلة من الجرانيت الأحمر، والجدران مكسوة بالرخام، فى هذه القبة؛ يوجد أكبر وأجمل محراب في عمارة مصر الإسلامية، وقد اشتملت الواجهة على عقود محمولة على أعمدة رخامية، وبداخل هذه العقود شبابيك مفرغة، بأشكال هندسية، بها إفريز مكتوب به اسم المنشئ للمبنى، وتنتهي في أعلاها بشرفة مسننة حُلى وزخارف متأثرة بالعمارة السورية.
أنشئ مسجد السلطان قلاوون، على يد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، تاسع سلاطين الدولة المملوكية البحرية، عام ١٢٨٥م، ويعتبر ثاني المساجد التي أنشئت في عهد المماليك، ويشرف المدخل الرئيسي للمسجد على شارع المعز لدين الله.
وأمام المسجد توجد القبة، والتي خصص بها مدفن لقلاوون، والبيمارستان- المستشفى- الذي يكون مع المسجد، وكان يشتمل على كثير من الأقسام لعلاج الأمراض المختلفة، وألحقت به صيدلية لتركيب وصرف الأدوية للمرضى، كما خصص به مكان لتدريس الطب، وجعله قلاوون مشاعًا للغني والفقير، ووصفه المؤرخون بأنه من مفاخر مدينة الشرق في القرون الوسطى.
جامع السلطان الناصر محمد بن قلاوون، بناء شبه مربع الشكل، يتوسطه صحن مفتوح يضم أربعة أروقة؛ أكبرها رواق القبلة، ويتوسطه المحراب الذي تسبقه قبة كانت مغطاة أصلًا ببلاطات قاشاني خضراء.
